استمع إلى الملخص
- القانون يتطلب جمع توقيعات من 25 ولاية بإجمالي 50 ألف توقيع لاسترداد الكفالة، مما يضمن جدية المرشحين ويحافظ على المال العام.
- الإجراءات الجديدة تحظى بدعم الخبراء القانونيين وتعزز الشفافية والجدية في العملية الانتخابية، مع تأكيد السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على ضرورة إيداع الكفالة قبل جمع التوقيعات.
فرض القانون الانتخابي الجزائري الصادر في مارس/ آذار 2021، والذي يطبق للمرة الأولى، على كل من يرغب في خوض الانتخابات الرئاسية الجزائرية إيداع كفالة مالية في الخزينة العمومية، وذلك كشرط قبل تسلمه من الهيئة المستقلة للانتخابات حزمة بأكثر من 50 ألف ورقة استمارة موجهة للتوقيعات التي يتعين على المرشحين جمعها.
وبخلاف انتخابات الرئاسة السابقة، لن تشهد الانتخابات الرئاسية الجزائرية هذا العام تكرار ظاهرة "المرشحين الاستعراضيين"، بعضهم بدون مستوى علمي، كانوا يعلنون ترشحهم للرئاسة بنية الظهور على التلفزيون وإثارة الجدل، ويستلمون حزمة الاستمارات دون استخدامها فعليا لجمع التوقيعات، لعدم جديتهم في الترشح، وهو ما كان يمثل تبذيرا غير مبرر للأوراق التي يتم طبعها بكلفة مالية من المال العام. وسيكون إبداء نية الترشح لدى الهيئة المستقلة للانتخابات مشروطاً بإيداع مبلغ مالي لدى الخزينة العمومية، غير قابل للاسترداد لهذا النوع من المرشحين.
وأعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، السبت، عن فتح الباب أمام المرشحين لإيداع رسالة نية الترشح، لكنها شددت على أن ذلك يستوجب تقديم وصل إيداع الكفالة لمالية قبل حجز موعد لسحب استمارات التوقيعات الفردية. وكان المشرع الجزائري قد استبق بوضع تدبير مالي يحد من إقدام بعض الشخصيات التي تستغل الحدث الانتخابي للترشح للانتخابات الرئاسية في الجزائر.
وتنص المادة 250 من القانون الانتخابي الجديد على أنه "يلزم كل راغب في الترشح للانتخابات الرئاسية بإيداع كفالة لدى الخزينة العمومية قدرها مائتان وخمسون ألف دينار جزائري (ما يعادل 1400 دولار أميركي)"، على أن "تسترد الكفالة من قبل المترشح الذي حصل على 50 في المائة من التوقيعات المقررة قانونا على الأقل موزعة على خمس وعشرين ولاية على الأقل في أجل خمسة عشر يوما من إعلان المحكمة الدستورية عن الترشيحات".
ويعني ذلك أن أي مترشح لا يجمع النصاب المطلوب من التوقيعات المنصوص عليه في القانون الانتخابي (25 ألف توقيع من 50 ألف توقيع المقررة لقبول الترشح)، لن يتمكن من استرداد القيمة المالية التي أودعها ككفالة لترشحه، وهو ما يحد من دوافع المرشحين غير الجديين للتوجه أصلا إلى السلطة المستقلة للانتخابات. كما تنص المادة نفسها أيضا على أنه "تسقط الكفالة بالتقادم وتنقل للخزينة العمومية إن لم تتم المطالبة بها من طرف المترشح في أجل سنة من تاريخ إعلان النتائج النهائية".
إجراءات تبعد المرشحين غير الجادين عن الانتخابات الرئاسية الجزائرية
وقال الخبير في النظم القانونية كعيبش خديجة لـ"العربي الجديد": "لاحظنا في الاستحقاقات الرئاسية السابقة بعض الحالات الكرنفالية التي كانت تسيء إلى العمل السياسي وإلى البلد والانتخابات، وتعبّر عن فوضى تمس من تقدير واحترام منصب الرئيس". وأضاف خديجة: "كان بعض البهلوانيين يقدمون ترشحهم وتعمد الصحافة إلى تغطية ذلك، أعتقد أن المشرع وضع هذا الشرط المالي لمنع هذا النوع من المرشحين غير الجديين، وخاصة أن المبلغ وهو قيمة معتبرة في الجزائر، لا يسترد إلا في حال أثبت المرشح أنه جمع 25 ألف توقيع، وهذا بالتأكيد سيردع المرشحين غير الجادين".
وخلال مجموع الاستحقاقات الانتخابية كان عدد من الأشخاص، بمن فيهم من يمثلون حالات اجتماعية خاصة، بينهم فنان فكاهي يدعى أحمد بوعناني، يقدمون على التوجه إلى مصلحة الانتخابات بوزارة الداخلية، التي كانت تشرف على الانتخابات لإعلان الترشح وسحب الاستمارات التي كانت تسلم مجانا، فقط بنية الظهور على القنوات بما فيها التلفزيون العمومي الملزم بتغطية ذلك. ويشمل ذلك فكاهيين وصحافيين ورؤساء أحزاب غير نشطة، على غرار رئيس حزب التجمع الجزائري علي زغدود، وهو أشهر مرشح استعراضي، والذي ظل يكرر مشهد إعلان ترشحه منذ انتخابات عام 2004.
وحتى وإن كان بعض الشخصيات قد أعلنت إعلاميا الترشح لانتخابات السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، على غرار مدير صحيفة محلية يدعى طارق زغدود، فإن هذا التدبير القانوني الذي يشترط كفالة مالية لإيداع رسالة نية الترشح سيحد من الرغبة في الإقدام فعليا على الخطوات التالية للترشح، ويعفي المشهد الانتخابي من مشاهد كرنفالية كانت تشهدها الاستحقاقات السابقة.