- الرئيس قيس سعيّد يتجاهل مطالب المعارضة ويهدد منافسيه، مما يعكس تضييق الفضاء السياسي. لطفي المرايحي يعلن نيته الترشح، مؤكدًا على ضرورة فرض واقع جديد.
- حركة "النهضة" تقرر عدم تقديم مرشح حزبي، مشددة على أهمية إجراء انتخابات تعددية ونزيهة. العجمي الوريمي يؤكد على ضرورة توافق القوى الديمقراطية لتجاوز الأزمة السياسية.
تتردد المعارضة التونسية حيال المشاركة في الانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة المقررة في الخريف المقبل من عدمها، وكذلك بشأن المرشحين المحتملين، وتضغط باتجاه فرض شروط تراها ضرورية لخوض هذه الانتخابات، وتتعلق بمعايير الشفافية وتكافؤ الفرص مع الرئيس قيس سعيّد.
ومساء السبت الماضي، قال رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هناك معركة سيتم خوضها، معركة شروط وظروف إجراء الانتخابات، إذ يجب أن تكون كل الفرص متكافئة، والانتخابات حرة".
وأضاف الشابي: "لا بد من إطلاق سراح السجناء السياسيين لأن عدداً منهم تتوفر فيهم الأهلية والشروط للترشح، ولكن لا يمكنهم ذلك طالما أنهم في السجن"، مشيراً إلى أن "جبهة الخلاص ستواصل العمل من أجل تحقيق هذه الشروط ولا يزال الموضوع محور نقاش بين صفوفها، ومن السابق لأوانه الحديث عن الترشحات حالياً".
وفي حين تضع المعارضة لائحة شروط لكي تشارك في الاستحقاق المنتظر خريف هذا العام، فإن الرئيس سعيّد لا يولي أهمية لأي طرف، بل ذهب إلى أبعد من ذلك مواصلاً تهديد معارضيه ومنافسيه المحتملين، إذ دعا في لقاء مع وزير الداخلية كمال الفقي، في 6 مارس/آذار الحالي، إلى "محاسبة كل من يتخابر مع أي جهة أجنبية"، مستغرباً من مقاطعة المعارضة للانتخابات السابقة، التشريعية والمحلية، وعزمها المشاركة في الرئاسية.
منافسو سعيّد للانتخابات الرئاسية بين السجن والملاحقة
وإلى حد الآن، يبدو كل منافسي سعيّد المحتملين للرئاسة، الذين أعلنوا نيّتهم الترشح، إما داخل السجن (الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي) أو مهددين بالملاحقة القضائية خارجه، كالوزير السابق قبل الثورة منذر الزنايدي، والإعلامي نزار الشعري، والأمين العام لحزب "الاتحاد الشعبي الجمهوري" لطفي المرايحي.
المرايحي أكد في حديث لـ"العربي الجديد" نيّته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، قائلاً إن "التفكير الجدي في الترشح يعني توفير الأسباب لهذا الترشح لأن هذه الانتخابات تُعتبر مصيرية في وقت ينقسم فيه الشارع التونسي بشكل غير مسبوق، وبعد سنوات من الصدام وضيق العيش، وأصبح فيه التوجه الديمقراطي، بعِلّاته، محاصراً".
المرايحي: سننافس قيس سعيّد وسنهزمه، لأنه هزم نفسه قبل أن نهزمه، وقد عزل نفسه عن الشعب التونسي
وشدد على أن "المشكلة تكمن في تعاطينا مع هذا النظام القائم وانتظارنا أن يبادر، ولكن يجدر التنبيه بأنه ليس الفاعل الوحيد في الساحة، فنحن أيضاً فاعلون، وما لم تدركه المعارضة هو ضرورة فرض واقع معين حتى لا يكون قيس سعيّد هو من يفرض واقعه"، مضيفاً "الشارع ليس حكراً على قيس سعيّد، حتى بامتلاكه الأجهزة الصلبة وأدوات الدولة، والأهم هو الرأي العام، فالرصيد السياسي هو ما يقيّمه الناس"، متسائلاً عن "الرصيد السياسي والثقافي للرئيس سعيّد". وتابع: "سننافس قيس سعيّد وسنهزمه، لأنه هزم نفسه قبل أن نهزمه، وقد عزل نفسه عن الشعب التونسي وحصر نفسه في اللفيف المحيط به".
ورأى المرايحي أن "سعيّد قلّص عدد المرشحين بسبب نشر الخوف، ونحن اليوم لا نسمع الضجيج الذي كنا نسمعه سابقاً، وقد توارى كل الانتهازيين ممن يحسبون المغانم قبل المخاطر وبقي النزر القليل".
ولفت إلى أن "هناك مرشحين جديين وسيكونون محل اهتمام الرأي العام"، مبيناً أنه "كانت هناك خطوات بشأن بحث توحيد المعارضة حول مرشح، ولكن أدركنا سريعاً أنه لا جدوى منها، فالشركاء السياسيون لم يتعلموا بعد العمل المشترك وإيجاد مناطق وسطى، وهذا يحتاج نضجاً لم نبلغه بعد، وستتضح الصورة أكثر عند تقديم الترشحات رسمياً، وفي النهاية ليس هناك وصي على أصوات الناس".
رفض توفير غطاء لانتخابات غير شرعية
من جهته، أعلن الأمين العام لحركة "النهضة" العجمي الوريمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "النهضة لا تنوي تقديم مرشح حزبي عنها، على الرغم من أن هذا من حقها، ونحن نطالب بانتخابات تعددية وحرة ونزيهة وشفافة".
وحول شروط ومناخ الانتخابات المنتظرة، قال الوريمي "حسب تقديرنا ستكون الانتخابات المقبلة مختلفة لأنها تأتي بعد انقلاب على النظام الديمقراطي وتركيز حكم الفرد، فنحن لم نعد أمام عملية تداول سلمي على السلطة، بقدر ما هي عملية استفتاء على مشروع سياسي وعلى وضعية دستورية كرّسها الرئيس المنتخب في الانتخابات الأخيرة على أنقاض القواعد التي وصل بها إلى سدة الحكم، وهذا مثّل سابقة في التجارب الديمقراطية، إذ تم تغيير النظام بطريقة فوقية باعتماد الموقع في أعلى هرم السلطة وتركيز حالة الاستثناء من دون احترام شروطها الدستورية المجمع عليها".
وتابع: "لذلك يعد الاحتكام إلى الشعب من أجل الحفاظ على المنظومة الجديدة أو العدول عنها واستعادة المسار الطبيعي مسألة لا تهم حزباً بعينه أو طرفاً من الأطراف، بقدر ما تهم جبهة الحريات والقوى الديمقراطية والوطنية مجتمعة".
الوريمي: "النهضة" لا تنوي تقديم مرشح حزبي عنها، ونحن نطالب بانتخابات تعددية وحرة ونزيهة وشفافة
واعتبر أن "هذا يتطلب البحث عن أوسع توافقات ممكنة، ولو تطلب الأمر التنازل لفائدة الشركاء تدعيماً للثقة وتحميلاً للمسؤولية لجميع الأطراف، بما في ذلك السلطة القائمة، فلا تكون الانتخابات أو عملية الإنقاذ جولة من الصراع على السلطة وإنما فرصة للخروج من الأزمة وتدشين مرحلة تاريخية من الإصلاحات والمصالحات".
وبخصوص تقدّم المفاوضات داخل جبهة الخلاص ومع المعارضة عموماً، قال الوريمي: "لاحظت أن جبهة الخلاص ومن ضمنها النهضة تشكو تأخيراً في حسم موقفها من الانتخابات المقبلة على الرغم من أنها متفقة على شروطها الدنيا، وهي شروط ليس من مسؤولية المعارضة توفيرها، بل مسؤولية السلطة إذا أرادت لهذه الانتخابات أن تكون محترمة للمعايير الدولية وأن تعيد ثقة المواطن والناخب بالعملية الانتخابية بعد ما سُجل من حالة عزوف وموقف مقاطعة غير مسبوقين، إذ لم يُقبِل على الانتخاب في آخر انتخابات برلمانية ومحلية سوى عُشر المسجلين".
وتساءل "كيف تقبل على نفسها سلطة تنشد مشاركة وتجديداً لمرشحها يشبه المبايعة بهكذا مقاطعة وعزوف، وهو فشل توقعته جبهة الخلاص ونبهت إليه وحذرت منه، ولكن السلطة تجاهلت ذلك"، مضيفاً "اليوم لا خيار لها لإنجاح الاستحقاق المقبل إلا تنقية المناخات السياسية والاجتماعية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وضمان تكافؤ الفرص بين المرشحين والكف عن التضييقات وعن ملاحقة الناشطين وحياد الإدارة وإلغاء المرسوم عدد 54 وضمان استقلالية الهيئة المشرفة على الانتخابات وتركيز المحكمة الدستورية".
وأعلن الوريمي أن جبهة الخلاص "ترفض أن تشارك في انتخابات يوكل لها فيها دور إضفاء الشرعية على أوضاع تعتبرها غير شرعية، أو أن تقزم نفسها لأجل إظهار تفوق الرئيس الحالي على منافسيه، بل على النقيض من ذلك ينبغي أن يستعيد الشعب حقه في الاختيار بدون ضغوط أو وصاية أو فرض أمر واقع".
وأكد أن "الانتخابات إما تكون فرصة ومناسبة لهيكلة مشهد سياسي يكون فيه الاختيار والقرار للشعب يستمد فيه الحكم شرعيته من صندوق الاقتراع وتحتل فيه المعارضة موقعها ودورها الوطني بذات الآليات والمسار، وإلا فإن الانتخابات ستكون مسرحية سيئة الإخراج، الخاسر الأكبر فيها هو الشعب المغيّب والمستولى على إرادته باسمه بدون إذن منه".
وعن ملاحقة المنافسين لسعيّد قضائياً، قال الوريمي: "السلطة تتمنى إزاحة المنافسين الجديين، ومسار الإزاحة انطلق منذ أشهر، والخطاب الرسمي يترجم تلك الرغبة، كما أن الاعتقالات السياسية تؤكد هذه الإرادة، كذلك فإن السلطة التنفيذية من خلال هيمنتها على ما تعتبرها وظائف، ومنها الوظيفتان التشريعية والقضائية، بحكم ما تحظى به من سلطات مطلقة، تُكره العديد من المرشحين على عدم المجازفة بالترشح".
وأضاف أن السلطة "منذ أن دخلت في حملة انتخابية مبكرة تُعتبر في وضعية تسليط أعلى درجات الضغط المعنوي والسياسي على المنافسين من خلال توجيه الاتهامات للمعارضين بأن غايتهم بلوغ كرسي الرئاسة وأنهم ينفذون إرادة القوى الأجنبية وأجندة اللوبيات المالية والاقتصادية".
واستدرك أنه "في المقابل تدرك السلطة خطورة التورط في التزييف أو في التلاعب بنتائج الانتخابات أو التلاعب بمواعيدها"، معتبراً أنه "إذا عرفت المعارضة كيف ترفع صوتها بالتعبير عن رفض التزييف والإقصاء فلن تكون السلطة مطلقة الأيدي في فعل ما تريد بدون خشية مقاطعة الانتخابات كما حصل في المحطات السابقة، أو التشكيك في سلامتها وفي شرعية نتائجها".