انتظر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، يومين بعد إعلان فوز الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدين ونائبته كاميلا هاريس ليهنئهما بفوزهما في الانتخابات الأميركية، ثم غفل عن ذكر اسميهما في التهنئة.
وجاء ذلك يوم الإثنين على لسان الناطق الرسمي باسمه ستيفان دوجاريك خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وقال دوجاريك في مستهل المؤتمر الصحافي في هذا السياق "يهنئ الأمين العام للأمم المتحدة الشعب الأميركي على ممارسته الحيوية للديمقراطية في انتخابات بلادهم الأسبوع الماضي." وأردف دوجاريك " ويهنئ الرئيس المنتخب ونائب الرئيس ويؤكد أن الشراكة بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة هي ركيزة أساسية للتعاون الدولي اللازم لمواجهة التحديات الدراماتيكية التي تواجه العالم اليوم".
وردا على أسئلة لـ "العربي الجديد" في نيويورك حول عدم ذكر دوجاريك لاسم بايدن أو هاريس وهو مستغرب جدا في البيان الذي قرأه باسم غوتيريس، قال: "طبعا الأمين العام في بيانه يتحدث عن جو بايدن وكاميلا هاريس، [حتى لو لم يذكر ذلك]، في حال أن هناك أي شك!".
إلا أن بيان غوتيريس بدا غريبا ليس فقط لعدم ذكر اسم بايدن، ولكن لأنه جاء باهتا ومقتضبا جدا ومتأخراً يومين. ومن الواضح أن غوتيريس يحاول إمساك العصا من الوسط وعدم إغضاب الإدارة الأميركية الحالية في أسابيعها الأخيرة قبل مغادرة البيت الأبيض إلا أن طريقة تعامله مع الموضوع فيها الكثير من التردد، خاصة أنه بحاجة للإدارة القادمة وتعاونها في الكثير من الملفات الدولية، كالمناخ والملف الإيراني وتمويل الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وغيرها.
يظهر هذا التردد مدى الضغط الشديد الذي يشعر به غوتيرس والذي يمارس ضده من قبل إدارة ترامب
وواجه دوجاريك وابلا من الأسئلة الإضافية من الصحافيين حول الموضوع بما فيها حول السبب وراء انتظاره يومين كي يهنئ بايدن. وقال ردا على ذلك " لقد قررنا أن ننتظر حتى يوم الإثنين ونعلن عن ذلك خلال المؤتمر الصحافي اليومي [وليس خلال نهاية الأسبوع] أقترح ألا يتم تأويل الكثير بالنسبة للبيان".
وبناء على أهمية هذه العلاقات وحساسيتها، وإذا ما قورن البيان ببيانات سابقة عند فوز رؤساء آخرين للولايات المتحدة، فإن بيان غوتيريس يبدو غريباً؛ فعلى سبيل المثال عندما فاز دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة، وعلى الرغم من أنه كان واضحا أنه سيقوم بالخروج من عدد من منظمات الأمم المتحدة واتفاقيات مهمة كالمناخ والاتفاق النووي الإيراني، إلا أن الأمين العام آنذاك بان كي مون، بدا أكثر ثقة وربما أقل خوفا في بيانه على الرغم من تحليه بالدبلوماسية الشديدة. كما تحدث في بيانه عن أهمية تلك العلاقات بشكل مفصل ناهيك عن حديثه عن الإدارة التي سبقت ترامب وإشادته بالعمل معها وتطلعه للعمل مع الإدارة القادمة. وهو المتبع في هذا النوع من البيانات والمتعارف عليه دبلوماسيا. بل إن بان كي مون في تهنئته لترامب لفت الانتباه للجدل الحاصل قبل الانتخابات في الولايات المتحدة وأكد ضرورة وحدة البلاد وتحدث عن تطلعه للعمل مع الإدارة الجديدة على ملفات مختلفة.
هذا التردد الشديد والمستمر من قبل غوتيريس حتى في تقديم تهنئة لبايدن ضمن أصول الدبلوماسية المعتادة يظهر مدى الضغط الشديد الذي يشعر به والذي يمارس ضده من قبل إدارة ترامب، ويؤكد مجددا أن شبح ترامب يترك ظلاله حتى على التعاون مع الإدارة القادمة.