أعلن حزب الرفاه من جديد في تركيا، الذي يتزعمه فاتح أربكان، نجل القيادي الراحل نجم الدين أربكان، اليوم السبت، رفضه دعم مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البلدية التركية المقررة في 31 مارس/ آذار، ما قد يؤثر على مصير الانتخابات في إسطنبول وأنقرة.
وأعلن فاتح أربكان، في تصريح صحافي له في أنقرة، قراره بعد أن كشف في الأيام السابقة عن عدد من المرشحين للانتخابات البلدية في الولايات والمناطق المختلفة في تركيا، على أن يكشف مرشحه في كبرى المدن، السبت المقبل.
وتابع "قاعدتنا الشعبية ومؤسساتنا لا تريدنا أن نشارك في التحالف الجمهوري، حيث لم يتم تقديم عرض عادل فقررنا تقديم مرشحين في إسطنبول وأنقرة وإزمير وسيعلن عنهم الأسبوع المقبل".
واتهم أربكان الحكومة بأنها "نفذت العكس تماماً لمذكرة التفاهم التي أبرمت مع حزب العدالة والتنمية قبل انتخابات 14 مايو/ أيار الماضي، ولم تتخذ الخطوات اللازمة في ما يتعلق بغزة".
وأوضح أنّ السبب الرئيسي للمشاركة في التحالف الجمهوري هو "مصلحة البلاد، وشاركنا فيه دون المساس بالمبادئ الأساسية للحزب من خلال تقديم مذكرة التفاهم".
وبهذا القرار قد يكون التحالف الجمهوري الحاكم وحزب العدالة والتنمية الحاكم خسر حليفاً تتراوح نسبة أصواته ما بين 2-4%، لا سيما في إسطنبول التي تشتد فيها المنافسة بين مرشح "العدالة والتنمية" الوزير السابق مراد كوروم ورئيس بلدية إسطنبول الحالي أكرم إمام أوغلو.
ويعزز حالة التنافس في إسطنبول وأنقرة وكبرى المدن، تشتت المعارضة التركية، وخوض حزب الجيد المعارض الانتخابات البلدية التركية منفرداً، ما يعني احتمالية خوض حزب "ديم" الكردي الانتخابات أيضاً منفرداً، وهو الذي سيكشف عن قراره في الأيام المقبلة.
5 أسباب لرفض دعم "العدالة والتنمية" في الانتخابات البلدية التركية
ولخص أربكان الأسباب التي دعته لعدم المشاركة في أي تحالف بأنها خمسة، وهي "عدم الرغبة الشعبية، وعدم قبول المؤسسات، وأنها ليست انتخابات البقاء، وأن التحالف المعارض لا يدخل الانتخابات في كتلة موحدة، وأخيراً لم يقدم حزب العدالة والتنمية عرضاً جاداً متوازناً عادلاً رغم محادثات بحسن نية"، دون الكشف عن هذا العرض.
وأكد قائلاً "إذا أردنا إنقاذ إسطنبول وأنقرة من عقلية حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة)، فعلينا أن نرى هذا النهج من محاورينا، لقد قررنا عدم التحالف مع حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات وتقديم مرشحينا في أنقرة وإسطنبول وإزمير".
وأضاف "بفضل مذكرة التفاهم هذه وقفنا خلف مبادئنا ولم تكن لدينا أي مطالب أخرى، إلا أننا رأينا بكل أسف عكس ما كتب في مذكرة التفاهم، وأوضاع المتقاعدين وذوي الدخل المحدود أهم المؤشرات على ذلك، والحكومة لم تتخذ أي خطوة بخصوص غزة مثل طرد السفير الإسرائيلي، وسحب السفير التركي من تل أبيب، وتعليق العلاقات التجارية، حيث إن هناك مذبحة تجري في غزة".
ومن المؤكد أن قرار حزب الرفاه من جديد سيلقى صدى كبيراً لدى الشارع التركي وعلى المستوى السياسي والإعلامي، وبناء عليه ستبنى خريطة التحالفات الجديدة في البلاد.
وتعليقاً على قرار الحزب عدم دعم التحالف الجمهوري، رأى الكاتب الصحافي إبراهيم آباك في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "قرار حزب الرفاه بدخول الانتخابات البلدية التركية بمرشحيه وليس تحت مظلة تحالف الشعب (المعارض) كان في الواقع تطوراً متوقعاً، لذا فإنه ليس تطوراً مفاجئاً للغاية بالنسبة لحزب العدالة والتنمية".
وأضاف آباك "لكن ورغم أن الحسابات لا تتم وفقاً لذلك، فإن حزب الرفاه من جديد في المدن الكبرى قد يكون له تأثير على الانتخابات البلدية التركية إذا كان السباق يسير بشكل متقارب وبمنافسة قريبة جداً، لأنه من الواضح أن الانتخابات البلدية ستكون كما هو الحال في الانتخابات البرلمانية السابقة، ويبدو أن مرشحي التحالف الجمهوري وتحالف الشعب سيفوزون في الانتخابات بهامش ضئيل للغاية في إسطنبول وأنقرة".
ورجّح أنه "وفقاً لهذا الواقع الحالي بين المرشحين فإن الفائز سيكون بفارق أصوات يصل على الأكثر نسبة 2%، وإذا حدث هذا الوضع في صناديق الاقتراع، فإن أصوات حزب الرفاه ستكون قد ذهبت لمرشحيه دون التحالف الجمهوري، وبالتالي على حزب العدالة والتنمية ألا يقنع ناخبي الرفاه من جديد وحسب بعد هذا القرار، بل عليهم إقناع ناخبي حزب الشعب الجمهوري بالخدمات التي سيقدمها ليحصل على مزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة".
هل سيتأثر "العدالة والتنمية" بهذا القرار في الانتخابات البلدية التركية؟
من ناحيته، قال الصحافي يوسف سعيد أوغلو لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا القرار ستكون له تبعات نفسية سياسية كبرى وخاصة على الأحزاب المحافظة، ما قد يؤدي إلى تأثر مرشح حزب العدالة والتنمية، حيث تمكن حزب الرفاه بالانتخابات البرلمانية الأخيرة من الفوز بـ3 مقاعد برلمانية في إسطنبول، ما يدل أن هناك نسبة معينة من الأصوات تؤثر في الانتخابات".
وأضاف سعيد أوغلو "بالتأكيد حسابات الانتخابات البلدية مختلفة، ولكن يدرك حزب العدالة والتنمية خطورة الوضع، ويبدو أن الأخير لم يقدم عرضاً مقنعاً لحزب الرفاه من جديد، اعتماداً على تشتت المعارضة الذي قد يريح مرشح التحالف الجمهوري، في ظل مؤشرات على قرب تقديم حزب ديم الكردي مرشحيه في إسطنبول وأنقرة وإزمير وكبرى المدن وقد يكون أثر هذا الوضع على حزب العدالة والتنمية وعدم تقديم ما يقنع حليفه السابق".