- هيومن رايتس ووتش تنتقد السلطات التونسية لاعتقالها تسعة أشخاص في محاولة لقمع الحريات، وتطالب بحماية الفضاء المدني ودعم المهاجرين واللاجئين.
- الرئيس التونسي ينفي المواجهة مع المحامين ويؤكد على حق الدفاع وفق الدستور، مشددًا على رفض تونس للتدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية.
في ظل حملة الاعتقالات في تونس خلال الفترة الأخيرة، التي طاولت محامين وأعضاء منظمات غير حكومية، تكبر الاتهامات للسلطات بالترهيب والمضايقة. وفي سياق رفض الاعتقالات في تونس دانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان "ترهيب ومضايقة" السلطات للمحامين، بعد حملة توقيفات واسعة طاولت عدداً منهم إضافة إلى معلّقين سياسيين وناشطين حقوقيين.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية رافينا شامدساني، اليوم الجمعة، إنّ التوقيفات ودهم مقر نقابة المحامين "تقوّض سيادة القانون وتنتهك المعايير الدولية المتعلقة بحماية استقلال المحامين ووظائفهم"، مضيفة: "تشكّل هذه الأعمال أشكالاً من الترهيب والمضايقة". ونقلت عن المفوض فولكر تورك حضّه "السلطات على احترام وحماية حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، كما هي مكفولة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتونس طرف فيه".
الاعتقالات في تونس: "إسكات التعبير الحر"
في سياق متصل، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير لها، اليوم الجمعة، إنّ السلطات التونسية اعتقلت تسعة أشخاص على الأقل "وسط تصاعد الإجراءات الحكومية في الأسابيع الأخيرة لإسكات التعبير الحر، ومحاكمة المعارضين، وقمع المهاجرين وطالبي اللجوء"، وطالبت السلطاتِ التونسية باحترام وحماية الفضاء المتاح للمجتمع المدني المستقل للعمل بشكل تام وحر.
وأوضحت المنظمة ومقرّها نيويورك، أنه بين 3 و13 مايو/ أيار الحالي، اعتقلت قوات الأمن محاميَيْن بارزَيْن وصحافيَّيْن معروفيْن وأعضاء في منظمات غير حكومية مسجلة قانونياً تعمل في مجال الهجرة واللجوء والعدالة العرقية هي: "منامتي"، و"المجلس التونسي للاجئين"، و"تونس أرض اللجوء". وأضافت أنه تم في المجمل التحقيق مع أعضاء ثماني منظمات غير حكومية على الأقل أو استدعاؤهم.
تونس: تصاعد القمع ضد المجتمع المدني https://t.co/v31bg3vwdS
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) May 17, 2024
وقالت مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "رايتس ووتش" لما فقيه، إنّ "الحملة ضد العمل المتعلق بالهجرة وتزايد الاعتقالات بحق منتقدي الحكومة والصحافيين، تبعث برسالة مخيفة مفادها أن السلطات ستستهدف أي شخص لا ينصاع لها". وأضافت: "باستهداف مجموعات المجتمع المدني هذه، تقوّض السلطات التونسية الدعم الحيوي الذي تقدمه هذه المنظمات إلى المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين يعيشون في أوضاع فائقة الهشاشة".
تسلسل زمني لحملة الاعتقالات
وعددت المنظمة بعض الاعتقالات في تونس التي حصلت أخيراً، وهي اعتقال رئيسة منظمة منامتي المناهضة للعنصرية سعدية مصباح، ومنسق البرامج في المنظمة زيد روين، في 6 مايو/ أيار الحالي، قبل إطلاق سراح روين. ثم اعتقال المعلقة الإعلامية والمحامية سنية الدهماني من مقر الهيئة الوطنية للمحامين في 11 مايو، وفي المساء نفسه اعتقال صحافيَّين آخرَيْن وزميليْن للدهماني هما مراد الزغيدي وبرهان بسيس، إضافة إلى اعتقال المحامي مهدي زقروبة في 13 مايو.
وقالت "رايتس ووتش" إن الرئيس التونسي قيس سعيّد "فكك منذ 25 يوليو/تموز 2021 المؤسسات الديمقراطية في تونس، وقوّض استقلال القضاء، وخنق ممارسة حرية التعبير والصحافة". ودعت "شركاء تونس الدوليين للضغط على الحكومة لإسقاط خطة اعتماد مشروع القانون المتعلق بمنظمات المجتمع المدني، الذي من شأنه في حال إقراره أن يقوّض حرية تكوين الجمعيات".
دعت "هيومن رايتس ووتش" شركاء تونس الدوليين للضغط على الحكومة لإسقاط خطة اعتماد مشروع القانون المتعلق بمنظمات المجتمع المدني
يُذكر أن سعيّد كان قد شدد خلال لقاء مع وزيرة العدل ليلى جفال، أول أمس الأربعاء، على أنه "لا وجود إطلاقاً لأي مواجهة مع المحامين كما يتم الترويج لذلك، فكما أن حقّ التقاضي مضمون فإن حقّ الدفاع بدوره مضمون كما ينصّ على ذلك الفصل 123 من الدستور". واعتبر أنّ "ما حصل خلال الأيام الأخيرة لا يتعلّق أبدا بسلك المحاماة، بل بمن تجرأ وحقّر وطنه في وسائل الإعلام، وبمن اعتدى بالعنف على ضابط أمن". كما كلّف سعيّد، كاتب الدولة لوزارة الخارجية منير بن رجيبة، بـ"دعوة عدد من السفراء الأجانب المعتمدين ببلادنا لإبلاغهم احتجاج تونس على التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية"، مذكراً "بما ورد في توطئة الدستور بأن الشعب التونسي يرفض أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية".
(العربي الجديد، فرانس برس)