الاحتلال الإسرائيلي يلوّح بحملة عسكرية واسعة شمال الضفة لكبح قوّة المقاومة المتصاعدة في جنين
أثارت شدة المقاومة التي واجهتها قوات الاحتلال لدى اقتحامها مدينة جنين ومخيمها، اليوم الاثنين، وإصابة عدد من الجنود، غضب المسؤولين الإسرائيليين، الذين سارع بعضهم للحث على تسريع شن هجوم عسكري واسع على الضفة الغربية المحتلة، وعدم الاكتفاء بعمليات محدودة.
ولوّح مسؤولون إسرائيليون في الآونة الأخيرة، بإمكانية تنفيذ حملة عسكرية واسعة في شمال الضفة، للحد من العمليات التي تستهدف المستوطنين، والعمليات داخل العمق الإسرائيلي، وكذلك للضغط على السلطة الفلسطينية للعمل ضد المقاومين وتنفيذ اعتقالات أوسع "لحماية الإسرائيليين وإحباط العمليات".
وتأتي أحداث اليوم في جنين لتعزز احتمالات إقدام الاحتلال على حملة عسكرية واسعة في الضفة بالتركيز على شمالها.
وبدأت بعض الأصوات تتحدث صراحة عن الأمر، حيث أعرب الوزير في وزارة الأمن بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب "هتسيونوت هدتيت" (الصهيونية الدينية) في حسابه على "تويتر" عن دعمه للجنود، داعياً لاستبدال العمليات المحدودة، بهجوم واسع.
اليوم #جنين بعبواتها تكتب حكاية نصر #فلسطين ✌️
— ﮪـﺂ̣̥̐دّې ﻣ̝̚رّتٌضّـّﮯ (@hadi_mortada_l) June 19, 2023
جنين تكشف هشاشة بيت العنكبوت من داخله🔥
لله درك ما أبهى مقاومتك ✌️💛❣️ pic.twitter.com/4SiusDvjws
وكتب سموتريتش: "أشد على أيدي مقاتلينا الذين يعملون في هذا الوقت في جنين تحت نيران كثيفة وأصلي من أجل سلامتهم ونجاحهم"، داعيا "لتنفيذ عملية واسعة للقضاء على أوكار الإرهاب في شمال الضفة الغربية واستعادة الردع والأمن في المنطقة"، على حد تعبيره.
وأضاف: "لقد حان الوقت لإدخال قوات جوية ومدرعات وحماية أرواح محاربينا. أطالب بعقد اجتماع عاجل للمجلس الوزاري حول هذا الموضوع".
وكشف عضو الكنيست عن حزب "الليكود" نيسيم فاتوري النوايا الإسرائيلية، خلال حديث لموقع "يديعوت أحرونوت"، بشأن الحاصل في جنين اليوم، قائلا: "نحن نستعد لعملية في جنين. هناك تفكير في الأمر. في أي مكان يوجد فيه إرهابيون – سنقبض عليهم ونقتلهم"، على حد تعبيره.
وشنت مروحية إسرائيلية غارات جوية على مواقع في مخيم جنين، اليوم الاثنين، في مسعى لتفريق المقاومين، بهدف تأمين إخلاء جنود أصيبوا خلال كمين بعبوات ناسفة وإطلاق للنار استهدف آليات عسكرية لدى انسحابها من اقتحام لمدينة جنين صباح اليوم.
وتدل استعانة جيش الاحتلال بمروحيات حربية من نوع "أباتشي"، على "شراسة" المقاومة والتخطيط المسبق، بزرع العبوات في أماكن لم يتوقعها الجيش. وقد يحمل هذا دلالة على استراتيجيات جديدة أو العودة إلى استراتيجيات قديمة من أيام الانتفاضة الأولى. كما يشير إلى استعداد مسبق ومفاجآت تجهزها المقاومة للاحتلال، ما قد يعمّق القلق الإسرائيلي.
وذكرت المصادر الإسرائيلية، أن المروحية قصفت مواقع مفتوحة قريبة من الموقع الذي يشهد تبادلاً لإطلاق النار بين قوات الاحتلال والمقاومين في جنين، بهدف إبعاد المقاومين والمساعدة في تخليص المركبة العسكرية التي استهدفتها العبوات الناسفة.🔴 الله أكبر.. الله أكبر..
— أحمد الغزاوي (@ahmdalzawy25662) June 19, 2023
👈 هنا بعض من بأس رجالات جنين الأبطال.#جنين #فريق_فرسان_الأقصى pic.twitter.com/MgO3lUHO8y
واستخدام مروحية عسكرية لقصف مواقع في الضفة، لأول مرة منذ عام 2002، له دلالة على حجم المفاجأة التي لاقتها قوات الاحتلال، على الرغم من قدرات أجهزتها الاستخباراتية وعملياتها العسكرية وحملات الاعتقال شبه اليومية التي تنفذها في الضفة في الآونة الأخيرة.
وتؤشر الإصابات الخطيرة التي وقعت في صفوف جنود الاحتلال، وفقا لموقع "والاه" الإسرائيلي، على حجم المفاجأة التي انتظرتهم في جنين.
ونقل الموقع عن مصدر عسكري لم يسمه، أن "الجنود الذين هبوا لتخليص زملائهم في قوات الاحتلال فوجئوا بالعبوات الناسفة وقوتها"، وأن "نطاق وقوة العبوات الناسفة التي تم تفعيلها ضد الجنود لدى خروجهم فاجأتهم".
وأضاف المصدر أن "استخدام هذا النوع من العبوات الناسفة هو صعود درجة (من قبل المقاومين)". وتابع: "سادت مخاوف من وجود المزيد من العبوات الناسفة القوية جداً.. في الآونة الأخيرة، بدأت مختبرات متفجرات في جنين بتصنيع عبوات ناسفة، يتم إخفاؤها على محاور الطرقات التي تستخدمها القوات (الإسرائيلية)".
وتنضم كل هذه التطورات إلى ما نشره موقع يديعوت أحرونوت، يوم الجمعة الماضي، بأن تقديرات المستوى الأمني في دولة الاحتلال الإسرائيلي، تشير إلى اقتراب شن عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية المحتلة، بالتركيز على شمالها، خاصة بعد مقتل سبعة مستوطنين، منذ مطلع العام الجاري 2023، في عمليات إطلاق نار نفذها فلسطينيون، بالإضافة إلى استهداف مركبات.
ونقل الموقع عن مصادر لم يسمها في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أنه في حال الشروع بعملية عسكرية، فإنها ستكون على نطاق أوسع، وهدفها الأساسي استعادة الردع، ملمحاً إلى أنها ستستهدف المقاومين وقادتهم.
في غضون ذلك، يمارس المستوطنون ضغوطات على الحكومة للتصديق على شن الحملة العسكرية.
وفي وقت سابق، قال يوسي داغان، رئيس المجلس الإقليمي الاستيطاني "شومرون": "ليس عبثاً أن أكثر من 80% من العمليات"، التي وقعت "في العامين الأخيرين، بما في ذلك في بني براك، والخضيرة، وإلعاد، وديزنغوف في تل أبيب، جاءت من شمال الضفة". وناشد داغان الحكومة بالعمل لوقف العمليات.
وقبل نحو شهر، ذكر رئيس "الشاباك" رونين بار خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، أن منظمات في الضفة الغربية تحاول تصنيع قذائف صاروخية من أنواع مختلفة.
وعلى الرغم من عدم بلوغ هذه المحاولات مستويات متقدّمة، يريد جيش الاحتلال وضع حد لها منذ البداية، كما يبدو.