يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء معركة "طوفان الأقصى"، في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تنفيذ مخططات استيطانية كانت مجمدة قبل بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، تزامناً مع إجراءات انتقامية من المقدسيين.
وشددت سلطات الاحتلال من إجراءاتها المشددة على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، وكذا على تنقلهم داخل باحاته، فيما تتواصل الانتهاكات في مناطق مختلفة من المدينة.
انتقام من أهالي القدس
ويؤكد مراقبون وصحافيون وجود إجراءات وتدابير متسارعة بدأت سلطات الاحتلال بتطبيقها على الأرض في القدس المحتلة، سواء بحملات الاعتقال الواسعة والتنكيل بالشبان، أو بفرض قيود مشددة على دخول المصلين للمسجد الأقصى، على نحو غير مسبوق.
كما ترافقت هذه الحملة مع سياسة "طرد صامتة" ينتهجها الاحتلال ضد المقدسيين من خلال سحب إقامتهم، أو سياسة الإبعاد عن أماكن سكناهم، بحسب ما يؤكده مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، في حديثه مع "العربي الجديد"، اليوم الخميس.
ويحذر الحموري من تداول بعض الشائعات التي تتحدث عن فرق تفتيش تابعة للتأمين الوطني ووزارة الداخلية حول وجود عائلات مقدسية تقيم خارج حدود القدس.
وتوقع الحموري مزيداً من التدابير الانتقامية بحق المقدسيين بعد انتهاء الحرب الحالية في قطاع غزة والتصعيد في الضفة الغربية، على أكثر من صعيد، سواء بهدم المنازل أو بتجريد المقدسيين من حقوقهم في الإقامة، وكذا بتكثيف حملات الاعتقال.
من جهته، توقع الباحث المختص في شؤون الاستيطان خليل تفكجي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يصعّد الاحتلال من انتهاكاته بحق المقدسيين، خصوصاً في ما يتعلق بحقوقهم في الإقامة بمدينتهم.
وأضاف الباحث الفلسطيني: "عند الحديث عن 150 ألف مقدسي يقطنون حالياً خارج جدار الفصل العنصري، فإن الاحتلال سيستغل الظروف الحالية، بما في ذلك انحراف الرأي العام الإسرائيلي الأكثر تطرفاً في هذه المرحلة نحو اليمين".
ويشير تفكجي إلى أن قضية سحب الإقامات، وما يمارس من عنف شديد حيال الشبان المقدسيين، هو نتيجة الصدمة التي أحدثها هجوم السابع من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وبالتالي فإن الـ150 ألف فلسطيني، الذين يقطنون في أحياء مثل كفر عقب وفي محيط مدينة القدس خلف الجدار، سيكونون هدفاً لمشروع التخلص منهم بسهولة كبيرة، دون الحاجة إلى إرسال فرق تفتيش للتأكد من مناطق سكناهم، لأن لدى وزارة داخلية الاحتلال سجلات كاملة موثقة تحدد مناطق إقامة المقدسيين، مؤكداً أنّ "سحب الإقامة من هؤلاء وارد جداً".
تعزيز الاستيطان
استغلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بحسب الباحث المختص في شؤون الاستيطان، الأوضاع السائدة الحالية وانشغال العالم كله بما يجري في قطاع غزة، وعزّزت الاستيطان وكثّفته في داخل الأحياء المقدسية وعلى تخومها، من خلال التصديق على مخططات استيطانية كانت حتى قبل السابع من أكتوبر مخبّأة في الأدراج منذ سنوات طويلة، محذراً مما يمكن أن تقوم به سلطات الاحتلال من التخلص من عشرات آلاف المقدسيين القاطنين خارج جدار الفصل العنصري.
وأكد التفكجي أنّ "الاحتلال بدأ بالفعل بالتصديق على المخططات الهيكلية، ومنه التصديق أخيراً على البؤرة الاستيطانية (كدمات تسيون) المقامة على أراضي أبو ديس جنوب شرق القدس، لبناء 1800 وحدة سكنية ضمن البرنامج الإسرائيلي لإقامة البؤر الاستيطانية في داخل الأحياء الفلسطينية، ووضع المكعبات بين القرى والتجمعات الفلسطينية، ليفرض من خلال هذه البؤر الاستيطانية واقعاً على الأرض يطوّق الأحياء الفلسطينية بالمستعمرات والشوارع".
وتابع التفكجي: "بالإضافة إلى إقامة البؤر الاستيطانية في داخل الأحياء الفلسطينية، يعمل الاحتلال على اختراق هذه الأحياء، باعتبار أن القدس الشرقية عاصمة للدولة العبرية، وهذه البؤر الاستيطانية التي تقام، جزء من برنامج إسرائيلي استيطاني كبير، وجزء منها صُدِّق عليه، مثل مستوطنة (جفعات شاكيد) على أراضي بيت صفافا جنوب القدس".
وأوضح الباحث أن هذا المشروع "يرتبط أيضاً بالمشاريع التي يطلق عليها شارع الطوق، لخدمة هذه المستوطنات".