استمع إلى الملخص
- تعاني بلدة بيت حانون من قصف جوي ومدفعي عنيف، مما أدى إلى تدمير واسع ونزوح العديد من العائلات إلى مدينة غزة، وسط غارات مكثفة على مناطق كانت ملاذًا للنازحين.
- يواجه سكان بيت حانون تحديات كبيرة في ظل الظروف المعيشية الصعبة ونقص الخدمات، حيث أجبرت العمليات العسكرية العديد على النزوح القسري إلى مدينة غزة.
فرقة غزة في جيش الاحتلال بدأت عملية منذ ليل الجمعة في بيت حانون
متحدث جيش الاحتلال يوجه إنذاراً بإخلاء بيت حانون والتوجه جنوباً
الكثير من العائلات أُجبرت على النزوح من بيت حانون إلى مدينة غزة
قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إنّ فرقة غزة بدأت العمل، منذ ليل أمس الجمعة، في بيت حانون شمالي قطاع غزة، بزعم وجود معلومات استخبارية مسبقة عن وجود عدد من المقاومين في المنطقة. وأضاف الجيش في بيان له: "بدأ لواء ناحال العمل ليلاً ضد أهداف إرهابية في منطقة بيت حانون. في الأسبوع الماضي، أنهى لواء ناحال مهمته في منطقة رفح، ويواصل اللواء الرابع الآن عملياته في تلك المنطقة".
ووجه متحدث جيش الاحتلال ما قال إنه "إنذار عاجل" إلى كل من لم يخل بعد مناطق حددها على خريطة في شمال قطاع غزة ومنطقة بيت حانون بالتحديد. وأضاف "عليكم إخلاء المنطقة فوراً والانتقال جنوباً نحو طريق صلاح الدين. الانتقال عبر طريق آخر يعرضكم للخطر".
وتعيش بلدة بيت حانون الواقعة أقصى محافظة شمال قطاع غزة تحت وطأة قصف جوي ومدفعي إسرائيلي يصفه الأهالي هناك بـ"الأعنف" منذ أكثر من شهرين، أمعن جيش الاحتلال خلالهما بالإبادة والتطهير العرقي. وتركزت الغارات خلال اليومين الماضيين على مناطق حافظت بالحد الأدنى على ملامح ومقومات الحياة بعد الدمار الواسع الذي تعرضت له بيت حانون منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. كما شكلت بعض تلك المناطق محطات لجوء نزح إليها فلسطينيون من أنحاء مختلفة من محافظة الشمال هرباً من الهجمات المكثفة التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي هناك.
ويعتقد أهالي بيت حانون بوجود نية إسرائيلية لتدمير آخر المناطق التي تصلح للحياة في البلدة بهدف إفراغها من سكانها وتسويتها بالأرض. وأفاد شهود عيان وكالة الأناضول بتنفيذ جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال اليومين الماضيين، سلسلة من الغارات الجوية العنيفة والمكثفة والمعروفة باسم "الأحزمة النارية" على شوارع ومنازل تؤوي مواطنين بالتزامن مع استهدافها بالقذائف المدفعية.
هذه الهجمات أجبرت الكثير من العائلات على النزوح القسري إلى مدينة غزة، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي عانوا منها إثر تشديد الاحتلال حصاره على المحافظة ومنع دخول المساعدات الإنسانية والطبية. وبحسب الشهود، فإنّ الغارات الإسرائيلية دمرت بالكامل منطقة كراج بيت حانون، وشارعي شبات وغزة في البلدة. كما كثف الاحتلال غاراته في محيط آخر مركز إيواء يضم نحو 300 عائلة على الأقل نزحت في أوقات سابقة من مناطق مختلفة من البلدة، وفق الشهود.
والأحد الماضي، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية برية غرب بلدة بيت حانون بزعم "ورود معلومات استخبارية عن وجود إرهابيين وبنى إرهابية في المنطقة"، وفق ما جاء في بيان له. فيما قال السبت إن قواته "بدأت العمل ليلاً ضد أهداف في منطقة بيت حانون في ظل وجود معلومات استخبارية مسبقة عن وجود عدد من المخربين والمنشآت الإرهابية في المنطقة". وتابع مدعياً: "قبل دخول القوات (براً)، هجمت مقاتلات سلاح الجو بالتعاون مع نيران المدفعية على أهداف إرهابية عدة في المنطقة، منها نقاط تجمع المخربين ومنشآت إرهابية أخرى تابعة لمنظمة حماس"، وفق ما ورد في البيان.
هذه العملية تأتي في إطار هجوم ينفذه جيش الاحتلال الإسرائيلي على محافظة الشمال منذ 5 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حينما شرع بقصف غير مسبوق على مخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة في محافظة الشمال، ألحقه بعد ساعات بعملية برية في المنطقة بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها". ويقول فلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه، وسط دعوات يطلقها يمينيون إسرائيليون لإعادة احتلال القطاع والاستيطان فيه ودفع الفلسطينيين للهجرة.
القصف الأعنف على بيت حانون
الفلسطيني محمود المصري، الذي ما زال في بيت حانون، قال إن القصف المكثف الذي طاول البلدة اليومين الماضيين هو الأعنف منذ بدء العملية العسكرية الحالية. وتابع لـ"الأناضول": "نتوقع هجوماً برياً مكثفاً من عدة محاور يستهدف أماكن تركز المواطنين والنازحين في أي وقت". وأوضح أنّ "المئات من الفلسطينيين ما زالوا صامدين في بلدة بيت حانون ويرفضون الخروج منها إلى أي مكان آخر، لكن الجيش يعتبر ذلك بمثابة تحد له، ويبدو أنه مصر على إخراجهم بشتى الطرق".
وأشار إلى أنهم "يعيشون منذ بدء العملية العسكرية أوضاعاً صعبة جداً لا يمكن تخيلها في ظل نقص حاد في الطعام والشراب وعدم وجود أي خدمات طبية أو مستشفيات تخدمهم". ووصف المصري ما تتعرض له بلدة بيت حانون بـ"الإبادة الجماعية الواضحة"، مطالباً "كل من يستطيع التحرك بالتحرك لإنقاذهم وإنقاذ ما تبقى من شمال قطاع غزة الذي يتعرض لتطهير عرقي منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر".
تهجير قسري
مع اشتداد العملية العسكرية، أجبرت بعض العائلات في بلدة بيت حانون على مغادرتها والنزوح إلى مدينة غزة، مساء الجمعة، في ظل ظروف قاسية وبرد شديد. وأفاد مراسل الأناضول بوجود فلسطينيين مصابين من بين النازحين الذين فروا من بيت حانون متوجهين إلى مدينة غزة سيراً على الأقدام. وأوضح أن النازحين أكملوا طريقهم سيراً حتى وصلوا إلى أقرب نقطة إلى مدينة غزة، حيث تقدمت مركبات الإسعاف لنقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج، فيما واصل النازحون طريقهم نحو مخيمات النزوح.
بصعوبة شديدة، وصلت عائلة طولان النازحة من بيت حانون إلى مدينة غزة بعد رحلة قاسية في ظل معاناة الوالدين من إصابات مختلفة. وقالت إسراء طولان لـ"الأناضول" إن "جيش الاحتلال يحاول بكل الوسائل إفراغ بلدة بيت حانون ويوصل رسائل مفادها أن من لم يخرج سيكون مصيره الموت حتماً". وأضافت: "الحياة في بلدة بيت حانون مستحيلة وسط الظروف الحالية، وصمودنا كل هذا الوقت يعتبر معجزة بكل المقاييس".
ووصفت طريق نزوحهم بـ"القاسية والممتلئة بالمتاعب حيث رافقتهم المسيّرات الإسرائيلية وأطلقت النار صوبهم، ما أدى لإصابة سيدة من العائلة". وأكثر من مرة، قال نازحون فلسطينيون إنهم يتعرضون للاستهداف والقتل والاعتقال في محاور الإخلاء والطرق التي يحددها جيش الاحتلال الإسرائيلي، كما أنه ينصب فيها حواجز عسكرية وأمنية للتفتيش.
(الأناضول، العربي الجديد)