الاجتياح الروسي لأوكرانيا: هل يبدل الغرب مقاربته للملف السوري؟

04 مارس 2022
تعتبر المعارضة الوجود الروسي بمثابة "احتلال مباشر" (سام حريري/فرانس برس)
+ الخط -

تأمل المعارضة السورية أن يلعب التوتر المتصاعد بين الغرب وروسيا بسبب اجتياح جيش الأخيرة لأوكرانيا، دوراً في تحريك الملف السوري مجدداً، ودفع العالم الغربي إلى إعادة النظر في مقاربته "الرخوة" لهذا الملف، في سياق استراتيجية "أقصى الضغط" الذي يمارسه على موسكو.

وفي هذا الصدد، طالب الأمين العام للائتلاف الوطني السوري هيثم رحمة، الإدارة الأميركية بـ"إعادة النظر في سياستها تجاه سورية". وأشار إلى أن ما سمّاه "التراخي في مواجهة روسيا" سمح لموسكو بـ"تكرار العدوان على أوكرانيا اليوم".


تنشط المعارضة السورية للمطالبة بدعم كبير لها من أجل الضغط السياسي والعسكري على الروس والنظام

وقال رحمة، في بيان أمس الخميس، إن ما يحدث في أوكرانيا يجب أن يذكّر الجميع بما حدث ويحدث في سورية التي دمرها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، منذ بدء عدوانه العسكري في سبتمبر/أيلول 2015.

التدخل الروسي أدى إلى أكبر أزمة لجوء

وأضاف رحمة: على المجتمع الدولي أن يعرف جيداً أن التدخل الروسي في سورية، والقصف الهستيري الذي تعرضت له مدن وبلدات سورية، أدّيا إلى أكبر أزمة لجوء في القرن الحالي، وإلى دمار قد يكون هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية.

وكان رئيس الائتلاف، سالم المسلط، قد قال، الثلاثاء الماضي، إن كسر شوكة الروس يبدأ من سورية عبر عودة الدعم السياسي والعسكري والإنساني الحقيقي للثورة السورية.

ومنذ بدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا قبل أكثر من أسبوع، تنشط المعارضة السورية على صعد عدة، للمطالبة بدعم كبير لها من أجل الضغط السياسي والعسكري على الروس والنظام في سورية.

وكان من المقرر أن تُعقد أمس الخميس اجتماعات "تنسيقية" في العاصمة الأميركية واشنطن، دعا إليها مسؤول الملف السوري في الخارجية الأميركية إيثان غولدريش، تضم مبعوثي عدد من الدول الأوروبية والعربية والاتحاد الأوروبي، ما فُسر على أن الأميركيين يضعون خططاً للضغط على الروس في الملف السوري. وتندرج هذه الاجتماعات في سياق استراتيجية "أقصى الضغط" التي اعتمدها الغرب على بوتين.

الأزمة الأوكرانية فرصة لتغيير المقاربة لسورية

ومن الواضح أن المعارضة تعتبر الأزمة الأوكرانية فرصة مهمة لتغيير مقاربة الغرب للملف السوري، التي تُوصف بـ"الرخوة"، ما سمح للروس والإيرانيين بالسيطرة على كل مفاصل القرار السوري.

وتعتبر المعارضة الوجود الروسي في سورية بمثابة "احتلال مباشر"، لكنها اليوم عاجزة عن مواجهته بسبب نقص السلاح النوعي والذخيرة والغطاء السياسي الكافي.

واكتفت الولايات المتحدة بدعم "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، التي يسيطر عليها مقاتلون أكراد في شمال شرق سورية، متخلية عن فصائل المعارضة السورية "المعتدلة"، التي تعتمد على دعم تركي لها في مناطق سيطرتها في شمال سورية.

واستفاد الروس من تراخي الغرب في الملف السوري في الهجوم الجوي على فصائل المعارضة، ما أدى إلى انسحاب هذه الفصائل من جل المناطق التي كانت تحت سيطرتها في جنوب البلاد ووسطها وجانب من شمالها.

وقضمت قوات النظام بدعم روسي كبير جنوب سورية، بما فيه محيط دمشق، ومناطق في ريفي حمص وحماة وسط البلاد، وجانباً من أرياف إدلب وحلب واللاذقية. واعتمد الروس سياسة "نزع أوراق الضغط" من يد المعارضة السورية، التي انحصر وجودها في بقع جغرافية ضيقة في شمال سورية، وهي اليوم مكبّلة غير قادرة على تغيير خريطة السيطرة بسبب التفاهمات التركية الروسية.


تبحث فصائل المعارضة السورية عن سلاح "نوعي" يمكن أن يحرك الجبهات "النائمة" مع النظام

وتفرد الروس بالملف السوري، ما أدى إلى عرقلة العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، ما سمح للنظام بالتملص من تنفيذ القرار الدولي رقم 2254 الذي نص على تحقيق انتقال سياسي جاد في سورية.

المعارضة تبحث عن سلاح "نوعي"

وتبحث فصائل المعارضة السورية عن سلاح "نوعي" يمكن أن يحرك الجبهات "النائمة" مع النظام وداعميه الروس والإيرانيين.

وأكد الرائد يوسف حمود، وهو من قياديي فصائل المعارضة السورية، أن هذه الفصائل "قادرة على المواجهة وإسقاط النظام لو امتلكت سلاحاً يردع الطيران الروسي"، مضيفاً: "لولا تدخل الروس في عام 2015 لكان النظام قد سقط".

من جهته، أشار المتحدث باسم هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية يحيى العريضي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "كل الاحتمالات مفتوحة" حول تلقي المعارضة دعماً غربياً.

وقال: العالم يتمترس حول أوكرانيا، ويسعى لخنق جموح بوتين حامي منظومة الاستبداد. وتابع: المساعي الدولية لتعطيل أذرع بوتين الخارجية، وربما نفوذه في سورية واحد منها، قد ينعكس إيجاباً على القضية السورية، عبر دعم يُقدَّم لمقاومة "النظام" وحُماته.

وبيّن العريضي أنه "من جانبنا، نحن كأعضاء مستقلين في الهيئة، أرسلنا كتاباً للاجتماع المنعقد في واشنطن لدول أصدقاء سورية، نوضح رفضنا لمبدأ الخطوة بخطوة، وطالبنا بالعودة لدعم الشعب السوري لمواجهة استبداد النظام وحُماته، والتطبيق الحرفي والفعلي للقرار 2254".

وحصلت "العربي الجديد" على نسخة من "نداء وتحية لأصدقاء الشعب السوري"، الذي وجهه أعضاء مستقلون في هيئة التفاوض، أشاروا فيه إلى أن "روسيا جربت 300 صنف من أسلحتها على السوريين".

ولفتوا إلى أن موسكو استخدمت حق النقض في مجلس الأمن 15 مرة "لتعطيل أي إنصاف للشعب السوري". وقالوا في البيان/ النداء: روسيا استمرت بالشراكة مع النظام في تشويه القرار الدولي 2254 بتحويله إلى سلل، ثم اختصاره باللجنة الدستورية. وطالبوا بـ"وضع حد للتغول الروسي في القضية السورية... وعدم الخروج عن التطبيق الحرفي للقرار الدولي 2254".

لا تغيير جوهريأً بشأن سورية

وفي السياق، استبعد المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع "العربي الجديد"، أي تغيير "جوهري" في موقف الغرب من القضية السورية. وقال: "قد يكون هناك تركيز إعلامي لا أكثر على جرائم روسيا في سورية من أجل إحراجها".

استبعد رضوان زيادة أي تغيير "جوهري" في موقف الغرب من القضية السورية
 

واستبعد تماماً أن يزوّد الغرب فصائل المعارضة السورية بأسلحة نوعية، موضحاً أن "هذا الأمر غير مطروح، وليس لدى الولايات المتحدة رغبة في إعادة فتح ملف التسليح في سورية".

وتابع: "واشنطن تعتبر وقف تصعيد العنف في سورية أفضل الحلول الممكنة بعد صعوبة الوصول إلى حل سياسي عبر تطبيق القرار الدولي 2254، الصادر أواخر عام 2015. عدم تجدد العنف يبقى الخيار الأفضل لواشنطن وحلفائها الأوروبيين".

المساهمون