اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، اليوم الإثنين، على فرض عقوبات على أربعة مسؤولين روس بارزين على خلفية قمع المعارض أليكسي نافالني وأنصاره، كما قال دبلوماسيون، لـ"فرانس برس".
ولم يعطِ الدبلوماسيون تفاصيل، حول أسماء المسؤولين الذين سيستهدفون بتجميد أصولهم وحظر السفر.
وكان دبلوماسيون قد قالوا إنه تم التوصل إلى "اتفاق سياسي" لفرض عقوبات جديدة محددة خلال الاجتماع، وتم تكليف وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل اقتراح لائحة أسماء مسؤولين روس لفرض عقوبات عليهم، لكن من غير المرتقب أن تشمل أياً من الأثرياء النافذين.
وفي وقت سابق اليوم الإثنين، حثّ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، نظراءه في الاتحاد الأوروبي، على إعطاء الضوء الأخضر لفرض عقوبات على مسؤولين روس بسبب سجن المعارض أليكسي نافالني وشن حملات على النشطاء المطالبين بالديمقراطية.
وتمهد دعوة برلين الطريق أمام فرض عقوبات الشهر المقبل، فيما تقول دول الاتحاد البالغ عددها 27 إنها ستكون رسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مفادها بأنه يتعين السماح بالحوار والاحتجاج في روسيا.
وقال ماس لدى وصوله إلى بروكسل، وفق ما ذكرته "رويترز": "أؤيد إصدار أمر بإعداد عقوبات إضافية تشمل أشخاصاً بعينهم". وأضاف أنّ "فرض العقوبات أمر ملح لأن نافالني لم يحكم عليه فقط بالسجن، بل أيضاً بأن يمضي فترة عقوبته في معسكر للأشغال".
ويتوقع دبلوماسيون أن يفرض الاتحاد الأوروبي حظر سفر وتجميد أصول على حلفاء للرئيس فلاديمير بوتين، الشهر المقبل، فور انتهاء الخبراء من جمع أدلة لمواجهة أي إجراء قانوني.
وتزايد الضغط من أجل فرض عقوبات على روسيا منذ أن أثارت موسكو غضب الدول الأوروبية يوم الخامس من فبراير/ شباط بطردها دبلوماسيين من ألمانيا وبولندا والسويد دون إبلاغ مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الذي كان يزور موسكو في ذلك الوقت.
ورغم ذلك، قال ماس إنه يتعين على الاتحاد الإبقاء على قدر من الدبلوماسية مع موسكو. وأضاف: "في الوقت نفسه، نحتاج للحديث عن كيفية الإبقاء على حوار بناء مع روسيا، حتى مع وصول العلاقات بالتأكيد إلى مستوى منخفض".
وكان رئيس معهد الاقتصاد العالمي غابرييل فيلبيرماير، قد أعرب في مقابلة مع إذاعة "دويتشلاند فونك" الإعلامية، عن اعتقاده بأنّ عقوبات الاتحاد الأوروبي الجديدة ستساعد في زيادة الضغط على روسيا، وأشار إلى أنّ "السؤال الآن هو: ما الذي تريد أوروبا تحقيقه بالعقوبات؟ إذا كانت الغاية تركيع روسيا اقتصادياً؛ فستحتاج إلى تحالف كبير من البلدان، لأن أوروبا لا تستطيع تحقيق ما هو ضروري"، مبرزاً أن ثمة حاجة إلى الصين على الأقل لتحقيق ذلك، كما أوضح أن العقوبات لم تفِ سابقاً بالغرض وتم التحايل عليها.
وأضاف أنّ "ممارسة الضغط على النظام الروسي عامة لا تجدي نفعاً إنما تصيب العامة، ولهذا فإن أداة العقوبات التي تستهدف الأفراد بشكل أكبر هي الأداة الواعدة".
وعن الدور الذي من الممكن أن تلعبه الوحدة داخل الاتحاد الأوروبي من أجل ضمان فعالية العقوبات الخاصة؛ رأى فيلبيرماير أن ألمانيا تعاني أكثر من غيرها بفعل العقوبات المطبقة على روسيا منذ عام 2014، موضحاً أنّ "الولايات المتحدة، ورغم إصرارها الدائم وضغطها من أجل فرض إجراءات عقابية على موسكو؛ لم تتأثر بأية عيوب اقتصادية، لأن تجارتها مع الأخيرة قليلة، وبالتالي، على المرء أن يفكر في آليات التكافؤ داخل أوروبا أو في الغرب، حتى لا يتم دفع ثمن الكفاح المشترك ضد انتهاكات حقوق الإنسان من قبل عدد قليل من البلدان".
في المقابل، أشارت خبيرة الطاقة تاتيانا ميتروفا من مدرسة سكولوفو للإدارة في موسكو، وفق صحيفة "دي فيلت"، إلى أن العقوبات أثرت على الاقتصاد الروسي، وأعاقت إمكانات تطوير الغاز الروسي والصناعات النفطية، وبذلك لن تكون قادرة على النمو بدون التقنيات والاستثمارات الغربية، كمنصات الحفر العائمة مثلاً، رغم محافظتها على حجم الإنتاج.
وإلى جانب ذلك، أشارت الصحيفة إلى أهمية العقوبات المالية، كتقييد وصول البنوك الحكومية الروسية إلى أسواق رأس المال، وهذه البنوك تمول أيضاً استثمارات في قطاع النفط والغاز الروسي، عدا عن الحظر التجاري الذي يمكن تطبيقه على شركات معينة.
من جهته، اعتبر الكاتب ميشائيل تومان مع صحيفة "دي تسايت"، أن أوروبا تواجه مشكلتين رئيسيتين مع روسيا حالياً، إدانة نافالني و"نورد ستريم 2"، متسائلاً عمّا إذا كان الخلط بين الحالتين منطقياً، فمشروع "نورد ستريم" يدور في الأساس حول الجغرافيا السياسية، فيما قضية نافالني تتعلق بملف حقوق الإنسان، وأكّد أن خط الغاز تم إطلاقه أساساً عام 2015، أي بعد ضم شبه جزيرة القرم، ولجعل طرق التصدير الرئيسة للغاز الروسي عبر أوكرانيا أقل أهمية.
وتجدر الإشارة إلى أن السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيشوف، حذر الأوروبيين من قرارات جديدة تحمل إجراءات عقابية على بلاده، وأوضح قائلاً: "لا أريد التكهن بما إذا كان شركاؤنا سيبدؤون جولة جديدة من العقوبات أحادية الجانب ضد بلدنا، وإذا ما حصل ذلك فسنكون مستعدين للرد".
وأضاف أنّ قرارات الاتحاد الأوروبي "غير منطقية ومسيسة، وقد عرقلوا خلال السنوات الأخيرة بشكل منهجي تطوير العلاقة بحجج واهية"، مشدداً على أن بلده "شريك موثوق به، ويواصل الاعتماد على التعاون، ويناقش المشكلات المثيرة للجدل باحترام وعلانية".