الإيلام أخطر أسلحة الدبلوماسية

17 يونيو 2024
جنود إسرائيليون قرب الحدود مع غزة، يونيو الحالي (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- ضربة المقاومة الفلسطينية للعدو الصهيوني كانت مؤلمة وأعادت دبلوماسيته للوراء، مع اعتراف رسمي بمقتل ثمانية جنود إسرائيليين في كمين برفح.
- رد "كتائب القسام" كان قويًا وواضحًا، مؤكدًا على فشل العدو واستمرار المقاومة في توجيه ضربات موجعة، مع تأكيد على أن المقاومة لم تسقط.
- الرئيس الأميركي جو بايدن يعترف بعقبة حماس أمام مقترح وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى تغير طبيعة المقاومة ودعوات للتذكير بغزة في يوم عرفة.

كانت ضربة أول من أمس السبت من المقاومة الفلسطينية مؤلمةً للعدو الصهيوني، ضربتْه في مقتل، وأعادت دبلوماسيّته كيلومترات إلى الوراء. وعندما اعترف جيش الاحتلال، متأخّراً، مساء السبت، رسمياً بمقتل ثمانية من جنوده بعدما أعلنت "كتائب القسام" عن استهدافهم عبر تنفيذ كمين مركّب ضدهم، غربي مدينة رفح، وتدمير ناقلة جند إسرائيلية ومقتل جميع الجنود داخلها، كان ذلك دليلاً على حدّة الألم الكبير الذي سبّبته المقاومة لعدوها، بعدما كان يضع على الطاولة جبروته وتهديداته بفناء الفلسطينيين عن آخرهم، ليفرض شروطه على المفاوضات.

في هذه الصراعات، يبدو الإيلام أشد الأسلحة الدبلوماسية فتكاً، من يتألم أولاً ويصرُخ أولاً ويسقط أولاً، يخسر كل شيء، وكان هذا رهان الأسطول الإسرائيلي الأميركي الفرنسي البريطاني الألماني وكل الجنسيات المساندة، مع دفع عربي خفي أصبح معلوماً طبعاً، رهانهم أن تتألم المقاومة أولاً، وتنتهي قدراتها سريعاً، ويكون التدمير الهمجي لكل شيء وسيلةً لإضعافها.

ولكن ردّ المتحدّث باسم "كتائب القسام" أبو عبيدة كان واضحاً وصريحاً ومخالفاً هذه الرهانات، إذ قال "عمليتنا المركّبة والنوعية في رفح تأكيد جديد على فشل العدو أمام مقاومتنا وضربة موجعة لجيشه"، متوعّداً جيش الاحتلال "ولدينا المزيد". وشدّد على أن المقاومة ستواصل توجيه ضرباتها "الموجعة" لجيش الاحتلال عبر "كمائن الموت". وجاء في بيان أبو عبيدة عبر قناته على "تليغرام": "ستستمر ضرباتنا الموجعة للعدو في كل مكان يوجد فيه، ولن يجد جيش الاحتلال سوى كمائن الموت في أي بقعة من أرضنا بعون الله". وهذا يعني أن المقاومة لم تسقط، وأن الذي يتألم الآن أكثر هو العدو، وأن شكل طاولة المفاوضات يميل قليلاً إلى حيث لا يريد الإسرائيليون، والأميركيون طبعاً.

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، قبل أيام: "طرحتُ مقترحاً لوقف إطلاق النار حظي بدعم مجموعة السبع ومجلس الأمن وإسرائيل، والعقبة الآن تتمثل في حماس"، كأنه يقول بالضبط إن كل أعداء "حماس" والفلسطينيين متفقون على إنهائها، ولكنها، يا للعجب، لا تقبل. ويدعو بقية العالم إلى الضغط عليها حتى تقبل الموت والهزيمة. ولكن هذه المقاومة الجديدة، التي تخوض حرباً مصيرية اليوم، يبدو أنها تغيّرت عن التي عرفناها قبل، لأنهم خبِرونا وعرفوا، أننا، باستثناء قلة قليلة، لا يُعوّل علينا.

يوم الوقوف في عرفة، دعا أبو عبيدة "حجّاج بيت الله الحرام إلى أن يتذكروا إخوانهم في غزة وفلسطين بدعواتهم الخالصة، وأن يستحضروا غزة وشعبها الصابر ومجاهديها في هذه الأوقات العظيمة المباركة". لا يزال أملُه فينا قائماً، رغم كل هذا الخذلان.