الإمارات ترفض الرضوخ للتهديدات الحوثية برفع يدها عن المعارك: نحتفظ بحق الرد

17 يناير 2022
من موقع إحدى الهجمات الحوثية اليوم (Getty)
+ الخط -

رفضت دولة الإمارات الرضوخ للتهديدات الحوثية العابرة للحدود برفع يدها عن دعم فصائل سلفية تقاتل في محافظتي شبوة ومأرب جنوبي اليمن، وتوعدت بالرد على الهجوم الذي استهدف منشآت مدنية ونفطية في أبوظبي، وأسفر عن سقوط 3 قتلى. واعتبرت الخارجية الإماراتية الهجمات الحوثية "جريمة نكراء خارج القوانين الدولية والإنسانية"، كما أكدت أنها تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية.

وذكرت الخارجية الإماراتية، في بيان نشرته وكالة "وام" الرسمية، إن "مليشيا الحوثي الإرهابية تواصل جرائمها من دون رادع وتسعى لنشر الإرهاب والفوضى في المنطقة".

وخلافاً للبيان الرسمي، قلل المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي أنور قرقاش من حجم مخاطر الهجوم الحوثي، وقال، في تغريدة على "تويتر"، إن "عبث المليشيات الإرهابية باستقرار المنطقة أضعف من أن يؤثر في مسيرة الأمن والأمان التي نعيشها، ومصير هذه الرعونة والعبثية الهوجاء إلى زوال واندحار".

وكانت جماعة الحوثيين قد توعدت بمواصلة هجماتها على الإمارات، وهددت "بإلحاق أضرار حقيقية بالاقتصاد والاستثمار في ‎الإمارات"، وفقاً لتصريحات لرئيس المجلس السياسي مهدي المشاط.

واعتبر المشاط أن العملية الهجومية التي طاولت أبوظبي "رسالة للنظام الإماراتي بخطورة الاستمرار في عدوانه على اليمن، وتعكس المستوى المتطور الذي وصلت إليه الجماعة وما تمتلكه من أسلحة ردع استراتيجية".

تفاصيل العملية وفق المتحدث العسكري باسم الحوثيين

وفي وقت لاحق من مساء الاثنين، كشفت جماعة الحوثيين تفاصيل العملية الهجومية، التي استهدفت الإمارات وقوبلت بتنديد إقليمي ودولي وأممي واسع.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع إن العملية استهدفت مطاري دبي وأبوظبي ومصفاة النفط في مصفح، وعدداً من المواقع والمنشآت الإماراتية المهمة والحساسة.

وذكر المسؤول العسكري الحوثي، في بيان متلفز، أن العملية، التي وصفها بالموفقة، تمت بخمسة صواريخ بالستية ومجنحة وعدد كبير من الطائرات المسيّرة، من دون الكشف عن رقم محدد.

وفيما اعتبر الإمارات "دولة غير آمنة طالما استمر تصعيدها في اليمن"، حذر المتحدث العسكري للحوثيين الشركات الأجنبية والمواطنين والمقيمين على أراضيها بالابتعاد عن المواقع والمنشآت الحيوية حفاظاً على سلامتهم.

وقال " لن نتردد في توسيع بنك الأهداف ليشمل مواقع ومنشآت أكثر أهمية خلال الفترة المقبلة".

ولم تعلن سلطات دبي عن وقوع أي هجمات على مطارها الدولي أو أي منشأة أخرى، وصدر الإعلان الوحيد عن سلطات أبوظبي.

وعيد وإدانات دولية

توعدت واشنطن، اليوم الاثنين، بـ"محاسبة" المتمردين الحوثيين على هجوم أبوظبي.

وقال مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان إن "الولايات المتحدة تدين بشدة الهجوم الإرهابي الذي وقع اليوم في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين أبرياء".

وأضاف في بيان: "الحوثيون أعلنوا مسؤوليتهم عن الهجوم، وسنعمل مع الإمارات وشركائنا الدوليين لمحاسبتهم".

وتابع سوليفان "التزامنا بأمن دولة الإمارات العربية المتحدة راسخ، ونحن نقف مع شركائنا الإماراتيين ضد كل التهديدات لأراضيهم".

ودانت كل من لندن وباريس الهجمات التي تبناها المتمردون اليمنيون المدعومون من إيران على مطار أبوظبي الدولي والمنطقة الصناعية المجاورة.

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليزا تراس، عبر تويتر: "أدين بأشد العبارات الهجمات الإرهابية التي تبناها الحوثيون ضد الإمارات".

ودانت فرنسا الهجمات "بأشد العبارات"، وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، في بيان، إن "هذه الهجمات تهدد أمن أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة واستقرار المنطقة. وفرنسا تعرب عن دعمها دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة هذه الهجمات".

من جهته، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس هجوم الحوثيين على مطار أبوظبي الدولي، ودعا "الأطراف كافة إلى التحلي بأقصى قدر من ضبط النفس".

وفي المؤتمر الصحافي اليومي، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: "يحظر القانون الإنساني الدولي الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية"، مشدداً على أنه "لا توجد حلول عسكرية للصراع في اليمن".

كما حث الأمين العام الأطراف على "الانخراط البناء وبدون شروط مسبقة مع مبعوثه الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ، وجهود الوساطة التي يبذلها بهدف دفع العملية السياسية للوصول إلى تسوية تفاوضية شاملة لإنهاء الصراع في اليمن".

عربيا، دانت الجزائر الهجمات التي استهدفت، اليوم الاثنين، منشآت حيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بينها مطار أبوظبي.

وأفاد بيان لوزارة الخارجية الجزائرية بأن الجزائر تدين بأشد العبارات الهجمات التي استهدفت، الاثنين، منطقة مصفح ومطار أبوظبي الدولي، مخلفة ثلاثة قتلى والعديد من الجرحى، وتتقدم بأخلص التعازي لعائلات الضحايا وتتمنى الشفاء العاجل للمصابين. 

وعبرت الجزائر عن "تضامنها وتعاطفها مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، وتجدد رفضها المطلق لكل الأعمال التي من شأنها تقويض الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق وفي المنطقة".

 وفي نفس السياق، جددت  الجزائر دعوتها لتجنب التصعيد وتغليب لغة الحكمة والحوار لضمان مستقبل أفضل لشعوب المنطقة.

المأزق في شبوة ومأرب

وشن طيران التحالف الذي تقوده السعودية، مساء اللثنين، سلسلة غارات على مواقع عسكرية للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، وسُمع دوي انفجارات عنيفة، وفقا لشهود عيان.

وقالت المصادر لـ"العربي الجديد " إن الغارات استهدفت مقر الفرقة الأولى مدرع شمالي العاصمة، وسط تحليق مكثف لمقاتلات التحالف التي يبدو أنها ستنفذ هجمات انتقامية ردا على العملية الحوثية في العمق الإماراتي.

وظلت الإمارات في منأى عن الهجمات الحوثية العابرة للحدود طيلة السنوات الماضية، وتحديداً عقب إعلان أبوظبي سحب قواتها العسكرية من اليمن في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وأعلن الحوثيون، سابقاً، تنفيذ هجمات جوية خجولة في العمق الإماراتي، لكن أبوظبي نفت تلك التقارير التي لم تُحدث أي أضرار كما حصل في هجوم اليوم الاثنين.

وجاء التصعيد الحوثي غير المسبوق في العمق الإماراتي على خلفية العملية العسكرية الواسعة التي تشنها ألوية العمالقة المدعومة إماراتياً غربي محافظة شبوة وجنوبي محافظة مأرب، وبعد أسبوعين من اختطاف الجماعة سفينة شحن إماراتية واقتيادها إلى ميناء الصليف، غربي اليمن.

ويعكس التصعيد الحوثي النادر في العمق الإماراتي دخول الجماعة في مأزق حقيقي في محافظتي شبوة ومأرب، حيث تعتقد أن استمرار دعم أبوظبي العملية العسكرية سينسف مكاسبها الميدانية المحققة منذ أكثر من عام.

وللمرة الأولى، كان المتحدث العسكري للحوثيين يصف ألوية العمالقة السلفية بـ"مرتزقة الإمارات"، من دون الإشارة إلى دور سعودي في التصعيد الحاصل غربي شبوة.

وقال يحيى سريع في بيان سابق "إن عواقب التصعيد الإماراتي ستكون كبيرة، وعلى العدو تحمل نتائج ذلك التصعيد".

وقدمت الإمارات دعماً واسعاً للعملية العسكرية، التي شنتها ألوية العمالقة لاستعادة السيطرة على مديريات بيحان وعسيلان وحريب غربي شبوة منذ مطلع العام الجاري.

وخلافاً للمدرعات الإماراتية التي ظهرت مع قوات ألوية العمالقة، أعلن الحوثيون إسقاط عدة طائرات مسيّرة من دون طيار في جبهة مديرية عين، غربي شبوة.

كما نفذت الإمارات جسراً جوياً مباشراً إلى مطار عتق، حيث تم إيصال معدات طبية إلى المستشفى الميداني التابع لألوية العمالقة، كما تم نقل العشرات ممن تعرضوا لإصابات حرجة إلى أبوظبي من أجل إجراء تدخلات جراحية غير ممكنة في اليمن.

ودخلت المعركة التي تدعمها الإمارات أسبوعها الثالث، مع تقدم قوات ألوية العمالقة إلى أطراف مديرية حريب.

وقالت مصادر عسكرية، لـ"العربي الجديد"، إن جماعة الحوثيين ما زالت تتحصن في مراكز مديريتي عين، غربي شبوة، وحريب، جنوبي مأرب، حيث نجحت في كبح توغل ألوية العمالقة بسبب زراعة حقول ألغام واسعة في السلاسل الجبلية.

وأكدت المصادر أن المعركة انتقلت من تضاريس صحراوية مفتوحة إلى مناطق جبلية وعرة، وهو ما تسبب في إبطاء المعركة وعدم تحقيق مكاسب سريعة كتلك التي تحققت في بيحان وعسيلان.

وأعلن الجيش اليمني، في بيان رسمي مساء اليوم الاثنين، أن قواته تواصل التقدم جنوبي مأرب بعد وصولها إلى محيط معسكر أم ريش، لافتاً إلى أن المعارك أسفرت عن مقتل أكثر من 30 عنصراً حوثياً وجرح آخرين، فضلاً عن تدمير 4 آليات معادية بغارات جوية.

ونفذ التحالف 39 عملية استهداف جوية على أهداف ثابتة في مأرب. ووفقاً لوكالة "واس" السعودية، فقد أسفرت الغارات عن تدمير 21 آلية عسكرية ومقتل 230 من العناصر الحوثية، من دون أن يتسنى التحقق من دقة تلك الأرقام من مصادر مستقلة.

 

 

المساهمون