تحوّل الإضراب المفتوح عن الطعام إلى السلاح الأخير والوحيد بيد الأسرى الفلسطينيين على اختلاف فصائلهم السياسية، في ظلّ تركهم وحيدين في مواجهة السجّان الإسرائيلي، وعدم قدرة القيادة والفصائل الفلسطينية على تحريك الوضع، والضغط لإنهاء ممارسات الاحتلال الوحشية بحقهم.
على الرغم من اختلاف مشارب الأسرى السياسية وأحكامهم، سواء كانوا من "حماس" أو فصائل اليسار أو حركة "فتح"، بات الإضراب المفتوح عن الطعام هو الورقة الأخيرة بين أيديهم، إما من باب الاحتجاج لتحقيق مكاسب تتراوح ما بين وقف العزل، والاقتحامات الوحشية لأقسامهم ليلاً والتفتيش العاري، أو لإضراب مطلبي لوقف سياسة الاعتقال الإداري، التي تفنن الاحتلال باستخدامها لكسر إرادة الفلسطيني عبر اعتقال مفتوح من دون سقفي زمني ومن دون إثبات أي تهمة ضده.
دفع اتساع رقعة الإضراب المفتوح، إدارة المعتقلات الإسرائيلية، للانصياع لمعتقلي "حماس" وتنفيذ مطالبهم، حتى لا يستمروا في إضرابهم المفتوح عن الطعام، الذي شارك فيه نحو 400 معتقل من الحركة. وقد بدأ الأمر قبل نحو أسبوع عندما أوصى جهاز "الشاباك" (جهاز الأمن الداخلي) الإسرائيلي، إدارة المعتقلات بالتضييق على أسرى "حماس"، بهدف انتزاع معلومات حول الجنديين الأسيرين بالحرب الأخيرة على قطاع غزة (2014)، لكن ردّ أسرى الحركة فاق توقعات "الشاباك" وإدارة السجون.
مع العلم أن قوات القمع الإسرائيلي في السجون اقتحمت معتقل "نفحة" الصحراوي، حيث يتواجد المئات من أسرى "حماس" المحكومين بأحكام عالية تبدأ من 20 عاماً ولا تنتهي بمئات الأعوام. وقامت إدارة السجون بنقل تعسّفي لقادة الحركة، من "نفحة"، ثم تدحرج إلى معتقلات "ايشل" و"ريمون"، فجاء ردّ "حماس" على تفكيك تنظيمها الداخلي ونقل قادتها، وقمع أسراها، بإعلان الإضراب المفتوح عن الطعام، الذي شارك فيه حتى صباح أمس السبت، نحو 400 أسير من الحركة.
ونقلت إدارة المعتقلات القيادي الحمساوي محمد عرمان، وعزلته في زنازين سجن "هداريم"، وهو معتقل منذ عام 2002، ومحكوم بالسجن المؤبد 36 مرة، بتهمة "التخطيط لتنفيذ عمليات استشهادية أدت إلى مقتل 35 صهيونياً". ثم تبع ذلك نقل القيادي جمال الهور المحكوم بالمؤبد خمس مرات. وتمّ ذلك قبل توصل إدارة السجون مع قيادات "حماس" إلى اتفاق أمس، لإنهاء الإضراب المفتوح عن الطعام، ووقف كل الخطوات الاحتجاجية.
اقــرأ أيضاً
في هذا السياق، يقول رئيس مؤسسة "أحرار"، فادي الخفش، لـ"العربي الجديد"، إن "الإضراب المفتوح عن الطعام الذي أعلنه أسرى حماس كان إضراباً مطلبياً، وأخبروا إدارة السجن في اليوم الخامس للإضراب، أنهم لن ينتظروا عدّ أيام الإضراب، بل سيتوقفون عنه ويباشر الأسرى بخطوات احتجاجية عارمة، انطلاقاً من حرق الغرف، ولا تنتهي بضرب الجنود، فيما يشبه حالة تمرّد كبيرة". إدارة السجن أدركت أنها لا تستطيع مواجهة هذا الحراك المتسع، والذي يتدحرج بصورة كبيرة، فأبرمت اتفاقاً مع قيادات "حماس"، حسب الخفش.
وينصّ الاتفاق الذي أبرم يوم الثلاثاء، بين أسرى "حماس" وإدارة مصلحة السجون، وفقاً لبيان وزعه مدير مكتب إعلام الأسرى عبد الرحمن شديد، على "وقف كل أشكال التفتيش المهين والمذل، ومنها التفتيش العاري، وتحسين شروط حياة الأسرى في سجن نفحة، وذلك بزيادة التهوئة وتخفيف الازدحام وغير ذلك، وإخراج رئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس (محمد عرمان) من سجن هداريم، وعودته إلى سجن نفحة في مدة أقصاها ثلاثة أشهر، وإعادة الأسرى الذين تم نقلهم إلى أماكنهم من خلال الاستجابة للطلبات المقدمة من قبل الأسرى في ذلك، والاستجابة لبعض المطالب الحياتية الأخرى، مثل السماح بإدخال الكتب للأسرى على زيارة الأهل، وكذلك السماح بقناة إخبارية إضافية".
في حلقة أخرى لسلاح الإضراب المفتوح عن الطعام، يُجسّد الأسير من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بلال كايد، حالة نوعية، بعد مرور 54 يوماً على بدء إضرابه، من أجل إنهاء اعتقاله الإداري. ويمضي كايد أياماً ثقيلة بين الموت والحياة على سرير مستشفى "برزلاي" الإسرائيلي، رافضاً إجراء أي فحوصات طبية، حتى لا يعرف الاحتلال طبيعة وضعه، فضلاً عن رفضه أخذ أي مدعمات، باستثناء مرة واحدة حصل فيها على فيتامين بعد أن فقد بصره، وذلك حسب الملف الطبي.
كايد المعروف بعناده وصلابته، رفض الإذعان لعرض من الاحتلال يتم بموجبه الإفراج عنه مقابل إبعاده خارج الأراضي الفلسطينية لمدة أربع سنوات، قائلاً: "حريتي من دون مقابل"، لكن "الشاباك" وإدارة السجن رفضا ذلك.
في هذا الإطار، تفيد مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتلال وقع في مأزق مع كايد، ويبحث عن مخرج للنزول عن الشجرة، وفي ذات الوقت يرفض كايد وعائلته الاستجابة أو التعاطي مع كل بالونات الاختبار التي يرسلها قادة الجيش ومصلحة السجون، للتوصل إلى حلّ ينهي إضراب كايد".
من جهته، ينوّه محامي مؤسسة "الضمير" محمود حسان، الموكل بملف كايد، إلى أنه "تمّ نقل كايد من غرفته في المستشفى إلى غرفة يقبع فيها أربعة مرضى إسرائيليين، والإجراءات التعسفية بحقه مستمرة". ويكشف حسان لـ"العربي الجديد"، بأن "كايد فقد حتى الآن من 35 إلى 40 كيلوغراماً، حسب تقديراته هو، كونه يرفض فحص وزنه أيضاً، فضلاً عن تقييد قدميه بالسرير، وتقييد يديه. ومنذ أيام بدأ الجنود بفكّ يديه عند ذهابه للحمام، لأنه بات لا يقوى على الوقوف على قدميه دقائق دون أن يقع من شدة تدهور وضعه الصحي".
اقــرأ أيضاً
ويرقد كايد في غرفة فيها أجهزة تنصت، وكاميرا ترقب وضعه على مدار الساعة، ورغم التدهور الشديد في صحته، إلا أن عائلته تتمتع بمعنويات عالية، إذ يؤكد شقيقه محمود لـ"العربي الجديد"، أن "بلال مقاوم عنيد وصلب، وسينتصر، ونحن سعيدون بالتفاف الشارع حوله".
وقد أنهى كايد حكماً بالسجن لمدة 14 عاماً، في 13 يونيو/حزيران الماضي، لكنه فوجئ يوم الإفراج عنه، بسيارة عسكرية للاحتلال تقوده إلى سجن "عوفر" ليتم الحكم عليه بالاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر، حيث كان يعتقد أنه في طريقه للتحرر، ورؤية عائلته، فأعلن حينها الإضراب المفتوح عن الطعام.
وفي إسناد لإضراب كايد المطلبي، أعلن الأمين العام لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أحمد سعدات، عن إضرابه عن الطعام إسناداً لكايد. وقد بدأ نحو 40 أسيراً من "الجبهة"، إضراباً تبادلياً لا تكاملياً، لإسناد كايد. أي أن تقوم مجموعة بإعلان إضرابها تلو مجموعة، فضلاً عن إرجاع وجبات الطعام، والإصرار على ذكر اسم كايد عند فترة إحصاء الأسرى، في خطوات ضاغطة على إدارة السجون.
حلقة أخرى من معركة الإضراب المفتوح عن الطعام، يجسدها الأسير الفتحاوي وليد مسالمة، المضرب عن الطعام ضد عزله منذ 18 يوليو/تموز الماضي. معركة الإضراب المفتوح عن الطعام تتواصل أيضاً عبر الأسيرين الشقيقين محمود ومحمد البلبول، ضد اعتقالهما الإداري، وقد أعلنا الإضراب المفتوح عن الطعام منذ 4 يوليو الماضي. وانضم الأسيران مالك القاضي وعياد الهريمي إلى الإضراب المفتوح عن الطعام منذ 15 يوليو الماضي، فيما أعلن الصحافي عمر نزال عن إضرابه عن الطعام نهاية الأسبوع الماضي، حسبما أكدت زوجته لـ"العربي الجديد".
سلاح الإضراب المفتوح عن الطعام يتسع، وبات الخيار الوحيد أمام آلاف الأسرى الفلسطينيين، بعد أن أدارت القيادة والفصائل ظهرها لهم، مكتفين بالتصريحات وإحصاء أيام الإضراب عن الطعام، دون أي فعل حقيقي يساند الأسرى.
اقــرأ أيضاً
على الرغم من اختلاف مشارب الأسرى السياسية وأحكامهم، سواء كانوا من "حماس" أو فصائل اليسار أو حركة "فتح"، بات الإضراب المفتوح عن الطعام هو الورقة الأخيرة بين أيديهم، إما من باب الاحتجاج لتحقيق مكاسب تتراوح ما بين وقف العزل، والاقتحامات الوحشية لأقسامهم ليلاً والتفتيش العاري، أو لإضراب مطلبي لوقف سياسة الاعتقال الإداري، التي تفنن الاحتلال باستخدامها لكسر إرادة الفلسطيني عبر اعتقال مفتوح من دون سقفي زمني ومن دون إثبات أي تهمة ضده.
مع العلم أن قوات القمع الإسرائيلي في السجون اقتحمت معتقل "نفحة" الصحراوي، حيث يتواجد المئات من أسرى "حماس" المحكومين بأحكام عالية تبدأ من 20 عاماً ولا تنتهي بمئات الأعوام. وقامت إدارة السجون بنقل تعسّفي لقادة الحركة، من "نفحة"، ثم تدحرج إلى معتقلات "ايشل" و"ريمون"، فجاء ردّ "حماس" على تفكيك تنظيمها الداخلي ونقل قادتها، وقمع أسراها، بإعلان الإضراب المفتوح عن الطعام، الذي شارك فيه حتى صباح أمس السبت، نحو 400 أسير من الحركة.
ونقلت إدارة المعتقلات القيادي الحمساوي محمد عرمان، وعزلته في زنازين سجن "هداريم"، وهو معتقل منذ عام 2002، ومحكوم بالسجن المؤبد 36 مرة، بتهمة "التخطيط لتنفيذ عمليات استشهادية أدت إلى مقتل 35 صهيونياً". ثم تبع ذلك نقل القيادي جمال الهور المحكوم بالمؤبد خمس مرات. وتمّ ذلك قبل توصل إدارة السجون مع قيادات "حماس" إلى اتفاق أمس، لإنهاء الإضراب المفتوح عن الطعام، ووقف كل الخطوات الاحتجاجية.
في هذا السياق، يقول رئيس مؤسسة "أحرار"، فادي الخفش، لـ"العربي الجديد"، إن "الإضراب المفتوح عن الطعام الذي أعلنه أسرى حماس كان إضراباً مطلبياً، وأخبروا إدارة السجن في اليوم الخامس للإضراب، أنهم لن ينتظروا عدّ أيام الإضراب، بل سيتوقفون عنه ويباشر الأسرى بخطوات احتجاجية عارمة، انطلاقاً من حرق الغرف، ولا تنتهي بضرب الجنود، فيما يشبه حالة تمرّد كبيرة". إدارة السجن أدركت أنها لا تستطيع مواجهة هذا الحراك المتسع، والذي يتدحرج بصورة كبيرة، فأبرمت اتفاقاً مع قيادات "حماس"، حسب الخفش.
وينصّ الاتفاق الذي أبرم يوم الثلاثاء، بين أسرى "حماس" وإدارة مصلحة السجون، وفقاً لبيان وزعه مدير مكتب إعلام الأسرى عبد الرحمن شديد، على "وقف كل أشكال التفتيش المهين والمذل، ومنها التفتيش العاري، وتحسين شروط حياة الأسرى في سجن نفحة، وذلك بزيادة التهوئة وتخفيف الازدحام وغير ذلك، وإخراج رئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس (محمد عرمان) من سجن هداريم، وعودته إلى سجن نفحة في مدة أقصاها ثلاثة أشهر، وإعادة الأسرى الذين تم نقلهم إلى أماكنهم من خلال الاستجابة للطلبات المقدمة من قبل الأسرى في ذلك، والاستجابة لبعض المطالب الحياتية الأخرى، مثل السماح بإدخال الكتب للأسرى على زيارة الأهل، وكذلك السماح بقناة إخبارية إضافية".
في حلقة أخرى لسلاح الإضراب المفتوح عن الطعام، يُجسّد الأسير من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بلال كايد، حالة نوعية، بعد مرور 54 يوماً على بدء إضرابه، من أجل إنهاء اعتقاله الإداري. ويمضي كايد أياماً ثقيلة بين الموت والحياة على سرير مستشفى "برزلاي" الإسرائيلي، رافضاً إجراء أي فحوصات طبية، حتى لا يعرف الاحتلال طبيعة وضعه، فضلاً عن رفضه أخذ أي مدعمات، باستثناء مرة واحدة حصل فيها على فيتامين بعد أن فقد بصره، وذلك حسب الملف الطبي.
في هذا الإطار، تفيد مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتلال وقع في مأزق مع كايد، ويبحث عن مخرج للنزول عن الشجرة، وفي ذات الوقت يرفض كايد وعائلته الاستجابة أو التعاطي مع كل بالونات الاختبار التي يرسلها قادة الجيش ومصلحة السجون، للتوصل إلى حلّ ينهي إضراب كايد".
من جهته، ينوّه محامي مؤسسة "الضمير" محمود حسان، الموكل بملف كايد، إلى أنه "تمّ نقل كايد من غرفته في المستشفى إلى غرفة يقبع فيها أربعة مرضى إسرائيليين، والإجراءات التعسفية بحقه مستمرة". ويكشف حسان لـ"العربي الجديد"، بأن "كايد فقد حتى الآن من 35 إلى 40 كيلوغراماً، حسب تقديراته هو، كونه يرفض فحص وزنه أيضاً، فضلاً عن تقييد قدميه بالسرير، وتقييد يديه. ومنذ أيام بدأ الجنود بفكّ يديه عند ذهابه للحمام، لأنه بات لا يقوى على الوقوف على قدميه دقائق دون أن يقع من شدة تدهور وضعه الصحي".
ويرقد كايد في غرفة فيها أجهزة تنصت، وكاميرا ترقب وضعه على مدار الساعة، ورغم التدهور الشديد في صحته، إلا أن عائلته تتمتع بمعنويات عالية، إذ يؤكد شقيقه محمود لـ"العربي الجديد"، أن "بلال مقاوم عنيد وصلب، وسينتصر، ونحن سعيدون بالتفاف الشارع حوله".
وقد أنهى كايد حكماً بالسجن لمدة 14 عاماً، في 13 يونيو/حزيران الماضي، لكنه فوجئ يوم الإفراج عنه، بسيارة عسكرية للاحتلال تقوده إلى سجن "عوفر" ليتم الحكم عليه بالاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر، حيث كان يعتقد أنه في طريقه للتحرر، ورؤية عائلته، فأعلن حينها الإضراب المفتوح عن الطعام.
حلقة أخرى من معركة الإضراب المفتوح عن الطعام، يجسدها الأسير الفتحاوي وليد مسالمة، المضرب عن الطعام ضد عزله منذ 18 يوليو/تموز الماضي. معركة الإضراب المفتوح عن الطعام تتواصل أيضاً عبر الأسيرين الشقيقين محمود ومحمد البلبول، ضد اعتقالهما الإداري، وقد أعلنا الإضراب المفتوح عن الطعام منذ 4 يوليو الماضي. وانضم الأسيران مالك القاضي وعياد الهريمي إلى الإضراب المفتوح عن الطعام منذ 15 يوليو الماضي، فيما أعلن الصحافي عمر نزال عن إضرابه عن الطعام نهاية الأسبوع الماضي، حسبما أكدت زوجته لـ"العربي الجديد".
سلاح الإضراب المفتوح عن الطعام يتسع، وبات الخيار الوحيد أمام آلاف الأسرى الفلسطينيين، بعد أن أدارت القيادة والفصائل ظهرها لهم، مكتفين بالتصريحات وإحصاء أيام الإضراب عن الطعام، دون أي فعل حقيقي يساند الأسرى.