الإصلاحيون بلا مرشح في الانتخابات الرئاسية الإيرانية وأحمدي نجاد يعترض و"صيانة الدستور" يدافع
إعلان القائمة النهائية للمرشحين في السباق الرئاسي الإيراني الـ13، المقرر يوم 18 يونيو/حزيران، والتي تشمل 7 مرشحين بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور، المخول الإشراف على الانتخابات، معظم المرشحين، منهم مرشحون بارزون، أربك المشهد الانتخابي الإيراني، وخلط أوراق القوى الإصلاحية والاعتدالية لصالح التيار المحافظ.
وبعد استبعاد مرشحيها، أصدرت جبهة "إصلاحات إيران"، المظلة الجامعة لـ31 حزباً إصلاحياً، و15 شخصية إصلاحية، بياناً، أعلنت فيه أن الجبهة قدمت 9 مرشحين للانتخابات الرئاسية، لكن تم رفض أهليتهم جميعاً.
وأضافت أنه "بعد استبعاد جميع هؤلاء المرشحين، الجبهة ليس لها مرشح لتقدمه للشعب"، قائلة إن "هذا الإجراء من وجهة نظرنا لا يعني إقصاء الإصلاحيين فقط، بل رسالته الأساسية هي إقصاء الشعب عن عملية صناعة القرار حول شؤون البلاد".
وأشارت الجبهة إلى أنها "بذلت كل جهودها لإجراء انتخابات بمشاركة واسعة، من خلال حضور مندوبين عن جميع التيارات والشرائح للمساعدة في حل مشاكل البلاد الأساسية، ووضعها الاقتصادي المتدهور".
ومن بين المرشحين السبعة الذين منحهم مجلس صيانة الدستور الأهلية للمشاركة في السباق الرئاسي، محسن مهر عليزادة، السياسي الإصلاحي الذي تقلد مناصب في حكومة الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي، لكنه لم يكن مرشحاً من قبل جبهة "إصلاحات إيران"، حسب قول المتحدثة باسمها آذر منصوري.
وأفادت وكالة "فارس" الإيرانية، يوم الثلاثاء، بأن الجبهة تبنت مهر عليزاده مرشحاً لها في الانتخابات، لكن منصوري نفت صحة ذلك، مشيرة إلى إلى أن جبهة "إصلاحات إيران" أعلنت أنها من دون مرشح في الانتخابات.
إلى ذلك، أعلن المرشح الإصلاحي البارز إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس الإيراني، الذي كانت القوى الإصلاحية بصدد الإجماع عليه كمرشحها الوحيد في الانتخابات، الأربعاء، أنه أنهى عمل لجانه الانتخابية في المحافظات الإيرانية بعد رفض ترشحه من قبل مجلس صيانة الدستور.
من بين المرشحين السبعة الذين منحهم مجلس صيانة الدستور الأهلية للمشاركة في السباق الرئاسي محسن مهر عليزادة، السياسي الإصلاحي الذي تقلد مناصب في حكومة الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي
كما أفاد موقع "جماران" الإخباري أن رئيس البرلمان الإيراني السابق، علي لاريجاني، وهو مرشح بارز آخر استُبعد من السباق الرئاسي، قد ودّع أعضاء حملته الانتخابية. غير أن مؤيدين للاريجاني لا يزالون يأملون بتدخل المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، لإعادة نظر مجلس صيانة الدستور في ترشح لاريجاني ومنحه الأهلية.
نجاد يتساءل
من جهته، أعلن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي رفضت أهليته للسباق الرئاسي، في مقطع مصور، اعتراضه على هذا الإجراء، وطرح تساؤلات عدة حول أسباب استبعاده من السباق، مشيداً بأداء حكومتيه السابقتين.
وطالب أحمدي نجاد، في برنامج تلفزيوني مباشر شارك فيه، مجلس صيانة الدستور بتوضيح أسباب رفضه، عازياً ترشحه إلى "إصرار الجماهير"، معتبراً أن استبعاده من الانتخابات "إهانة للشعب وتجاوز للدستور"، وقال إنه سيقف ضد هذا الإجراء.
وأضاف أنه "لن يشارك في الانتخابات ولن يعترف بها ولن يدعم أحداً"، متسائلاً: "توليت إدارة شؤون البلاد مرتين بتصويت شعبي عال. فهل ارتكبت قصوراً في أداء الواجب أو كنت ضعيفاً في إدارة البلاد؟".
الخميني يدعو للانسحاب
في غضون ذلك، وجه حفيد مؤسس الثورة الإسلامية في إيران، رجل الدين حسن الخميني، انتقادات شديدة لأداء مجلس صيانة الدستور، قائلاً إن استبعاد المرشحين من السباق الرئاسي "يضعف أسس مشروعية ومقبولية النظام الإسلامي".
ودعا الخميني المرشحين الذين منحهم المجلس الأهلية إلى الانسحاب من السباق، مضيفاً أن "الحكومة المنبثقة عن هذه الانتخابات لن يكون بمقدورها حل أي مشكلة".
بدوره، كشف الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء، في كلمته التي بثها التلفزيون الإيراني، عن توجيهه رسالة خطية إلى المرشد الإيراني الأعلى أمس، طالباً تدخله لإعادة نظر مجلس صيانة الدستور في الترشيحات، قائلاً: "اضطررت لتوجيه رسالة للقائد ونقل ما يدور في بالي عبرها".
وانتقد روحاني استبعاد المرشحين، قائلاً إن "الانتخابات هي ضامن مشروعية النظام، ولا شرعية لقرارات النظام ما لم تكن مسنودة بالشعب"، مؤكداً أن "الانتخابات تفقد معناها إذا لم يكن فيها تنافس، وهو يشكل روحها".
"صيانة الدستور" يدافع
وفي مواجهة الانتقادات الموجهة إليه، دافع مجلس صيانة الدستور عن قراره حول الترشيحات، معلناً أنه عمل وفق القانون والدستور، ولم يضحّ بهما لأجل المصلحة، حسب العضو الحقوقي بالمجلس محمد دهقان في حديثه مع التلفزيون الإيراني، مساء الأربعاء.
وأضاف دهقان أن "مجلس صيانة الدستور أصبح مظلوماً، لأنه لا يمكنه البوح بكثير من الأمور"، مؤكدا أن المجلس "لا يمكنه الكشف عن أسباب رفض المرشحين علناً، لأنه ليس في مصلحة الشخص والبلاد"، لكن إذا طلب المرشح المرفوضة أهليته سنبلغه بها.
في مواجهة الانتقادات الموجهة إليه، دافع مجلس صيانة الدستور عن قراره حول الترشيحات، معلناً أنه عمل وفق القانون والدستور، ولم يضحّ بهما لأجل المصلحة
وأوضح أن "المعايير والمؤهلات حسب الدستور صعبة، والمرشح يجب أن يكون شخصية سياسية ومذهبية، ولديه قدرات الإدارة والتدبير"، لافتاً إلى أن المجلس ينظر في امتلاك المرشحين المعايير الموضوعة، ولا يتعامل مع الأمر على أساس الانتماءات الحزبية والسياسية "ليختار من كل تيار مرشحين".
وفيما يطرح مراقبون تساؤلات حول منح الأهلية لبعض المرشحين الذين رفضت سابقاً أهليتهم للانتخابات البرلمانية والرئاسية، قال دهقان إن هؤلاء ربما حينها لم يكونوا يمتلكون المؤهلات، لكنهم اليوم يمتلكونها.
ومجلس صيانة الدستور في إيران يعتبر من المؤسسات السيادية الأكثر أهمية، تشرح المواد 91 إلى 99 من الدستور الإيراني وظائفه، في مقدمتها الإشراف على القوانين التي يسنها مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، بهدف ضمان مطابقة ما يصدق عليه مجلس الشورى الإسلامي مع الأحكام الإسلامية والدستور، فضلاً عن الإشراف على الانتخابات الإيرانية والمصادقة على أهلية المرشحين.
ويتكون مجلس صيانة الدستور من 12 عضواً، ستة منهم فقهاء (رجال الدين) يختارهم المرشد الإيراني الأعلى، والستة الآخرون خبراء قانون يرشحهم رئيس السلطة القضائية ويصادق عليهم مجلس الشورى الإسلامي.
وأعلنت الداخلية الإيرانية، أمس الثلاثاء، أسماء المرشحين السبعة للانتخابات الرئاسية، والتي استلمتها من مجلس صيانة الدستور الذي استبعد فيها شخصيات بارزة، في مقدمتها رئيس البرلمان السابق المحافظ المعتدل علي لاريجاني، ونائب رئيس الجمهورية القيادي الإصلاحي البارز إسحاق جهانغيري، والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
والمرشحون السبعة هم رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، وأمين مجمع تشخيص مصلحة النظام القائد العام السابق لـ"الحرس الثوري" محسن رضائي، والإصلاحي محسن مهرعليزادة، ومندوب المرشد الأعلى في مجلس الأمن القومي سعيد جليلي، والبرلماني المحافظ السابق علي رضا زاكاني، ومحافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي، ونائب رئيس البرلمان المحافظ أمير حسين قاضي زاده هاشمي.
وسيقتصر السباق على المحافظين، إذ إن خمسة من المرشحين من هذا التيار، والمرشح الإصلاحي الوحيد مهرعليزادة لا يمثل وزناً كبيراً في الشارع الإصلاحي، كما أن محافظ البنك المركزي شخصية مستقلة لا يمكنها منافسة المرشحين المحافظين.