"الإدارة الذاتية" تبحث عن اعتراف دولي عبر ملفات إنسانية

22 أكتوبر 2024
سوريون عائدون من لبنان في منبج، 10 أكتوبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الاعتراف السياسي والسعي الدولي: تسعى "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا للحصول على اعتراف سياسي دولي، خاصة من الدول الغربية، من خلال التركيز على قضايا إنسانية مثل استقبال اللاجئين السوريين وتطوير البنية التحتية.

- التحديات والانتقادات: تواجه الإدارة انتقادات من الحكومة السورية واتهامات بمحاولة تغيير ديمغرافي، وتعتبر مستبعدة من العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة.

- التطلعات المستقبلية: تأمل الإدارة في تعزيز شرعيتها دولياً عبر ملف اللاجئين، مستفيدة من التغيرات السياسية في أوروبا والعلاقات الدولية، خاصة بين تركيا وألمانيا.

تبحث "الإدارة الذاتية"، الذراع الإدارية والمدنية لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في شمال شرقي سورية، عن دور سياسي مهم في المشهد السوري وعن اعتراف سياسي في أوساط غربية، من خلال ملفات إنسانية لها علاقة باللاجئين وخصوصاً أولئك الموجودين في أوروبا.

وأبدت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية" إلهام أحمد، في تصريحات لموقع "ان تي في" الألماني نشرت السبت الماضي، عن استعداد هذه الإدارة لاستقبال اللاجئين السوريين الراغبين في العودة الطوعية إلى مناطق شمال وشرق سورية. وقالت إن الإدارة بنت نظاماً تعليمياً ومستشفيات وجهازاً إدارياً "من الصفر تقريباً"، مشيرة إلى أن جهاز الأمن الداخلي والخارجي يضم نحو 100 ألف فرد. وأضافت أن الإدارة بنت 4500 مدرسة، مشيرة إلى أن هذه الإدارة "تساوي بين الجنسين وحرية الدين منصوص عليها في القانون". وطالبت أحمد بـ"إنشاء بنية تحتية وتحسين الوضع الاقتصادي، والمساعدة في إعادة الإعمار" في المناطق الخاضعة لسيطرتها، واقترحت البدء ببناء وحدات سكنية صغيرة قبل تجهيز البنية التحتية اللازمة للوحدات الأكبر حجماً، بحسب قولها.

من جهتها، أشارت دائرة العلاقات الخارجية في "الإدارة الذاتية"، في بيان لها الأحد الماضي، إلى أن ما نسب إلى أحمد من أن الإدارة مستعدة لاستقبال السوريين المدانين بارتكاب جرائم في ألمانيا من دون قيود أو شروط "غير دقيق". كما قالت إن تصريحات أحمد حول اللاجئين السوريين "تأتي تماشياً مع النداءات السابقة والعلنية للإدارة الذاتية التي أبدت فيها استعدادها للتعاون والالتزام بجميع المسؤوليات الإنسانية الملقاة على عاتقها فيما يخص ملف اللاجئين السوريين أينما كانوا". من جهتها، وصفت صحيفة "الوطن" السورية شبه الرسمية عرض "الإدارة الذاتية" استقبال اللاجئين السوريين "خطوة استفزازية ضد الحكومة السورية"، وفق تعبيرها.

اهتمام "الإدارة الذاتية" باللاجئين السوريين

وهذه ليست المرة الأولى التي تبدي فيها "الإدارة الذاتية" ذات الطابع الكردي اهتماماً بموضوع اللاجئين السوريين، إذ فتحت في الآونة الأخيرة معابرها لدخول العائدين من لبنان بغض النظر عن كون العائد ينحدر من شمال شرقي سورية أم لا. وتمنع "الإدارة الذاتية" دخول أي سوري إلى شمال شرقي سورية لا ينحدر منه، إلا إذا كان لديه كفيل من أبناء المنطقة. وتؤكد بيانات الإدارة أنها استقبلت آلاف السوريين العائدين من لبنان.

إبراهيم مسلم: الإدارة الذاتية تدين ممارسات لإحداث تغيير ديمغرافي في سورية، وهي اليوم تعرض بناء وحدات لإسكان أناس من خارج المنطقة

وفي إبريل/نيسان الماضي، قالت "الإدارة الذاتية" إنها استقبلت مرحّلين سوريين من العراق، وهو ما يأتي في سياق محاولات هذه الإدارة تأكيد دورها في المشهد السوري من خلال ملفات إنسانية. وتفرض "الإدارة الذاتية" سيطرة على جل الشمال الشرقي من سورية في شرقي الفرات، ومناطق في غربه منها منبج وتل رفعت، فضلاً عن وجودها داخل مدينة حلب في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، وأغلب سكانهما أكراد ينحدرون من منطقة عفرين شمال غربي حلب.

ورأى المحلل السياسي السوري الكردي إبراهيم مسلم، في حديث مع "العربي الجديد"، أن العرض الذي قدمته إلهام أحمد للحكومة الألمانية محاولة لـ"الحصول على اعتراف برلين بهذه الإدارة"، معرباً عن اعتقاده بأن تصريحات أحمد "تحمل الكثير من التناقض". وتابع: "الإدارة الذاتية دائمة الإدانة لممارسات تركيا والنظام السوري وإيران في إحداث تغيير ديمغرافي في سورية، وهي اليوم (الإدارة) تعرض بناء وحدات سكنية لإسكان أناس هم من خارج الشمال الشرقي من سورية". ورأى أن هذا التوجّه "يخدم بشكل أو بآخر التغيير الديمغرافي الذي يحدث في سورية، ناهيك عن خطورة المرحّلين الذين من الممكن وصولهم إلى شمال شرقي سورية كون الجانب الألماني سيرحّل الأشخاص الذين يشكلون خطراً على أمنه".

بحث عن دور سياسي

و"الإدارة الذاتية" مستبعدة من العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة وفق القرار الدولي 2254، فهي متهمة من قبل النظام والمعارضة معا بخدمة أجندات غير وطنية لكونها تدور في فلك حزب العمال الكردستاني. لذا لا تفوّت هذه الإدارة أي فرصة سانحة من أجل لعب دور سياسي في المشهد السوري في سياق فرض نفسها في أي حلول مستقبلية للقضية السورية.

أحمد القربي: "الإدارة الذاتية" تتصرف وكأن المناطق الخاضعة لها دولة أو أشبه بالدولة

ويبدو أن "الإدارة الذاتية" تأمل أن يكون عرضها استقبال اللاجئين المرحّلين، خطوة باتجاه الاعتراف السياسي بها من قبل أطراف دولية. وتعليقاً على تصريحات إلهام أحمد، رأى الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "أدبيات حزب العمال الكردستاني تدعو إلى إقامة إقليم في شمال شرقي سورية يتمتع بشرعية، أو ما يسمّى "روجآفا" أو إقليم غرب كردستان"، مضيفاً: العقد الاجتماعي والانتخابات المحلية خطوات باتجاه ذلك. ولفت إلى أن العرض الذي قدمته إلهام أحمد يتقاطع مع هذا الهدف، فـ"الإدارة الذاتية" منذ انخراط "قسد" في التحالف الدولي ضد الإرهاب تتصرف وكأن المناطق الخاضعة لها دولة أو أشبه بالدولة. وتابع: مع صعود اليمين في أوروبا، بدأت قضية اللاجئين في أوروبا تتحول إلى قضية إشكالية، و"الإدارة الذاتية" تدرك ذلك، لذا تسعى للحصول على شرعية من خلال عرضها التعاون في هذا الملف، خصوصاً أن في ألمانيا جالية كبيرة من الأكراد السوريين ربما تريد الإدارة إعادتهم إلى الشمال الشرقي من سورية والتلاعب بالديمغرافيا. وأعرب القربي عن اعتقاده أن العرض "يعد نكاية بالجانب التركي وربما يشوّش على العلاقة ما بين أنقرة وبرلين"، مضيفاً: الإدارة تعرف أن عرضها هذا لن يمر على الأقل في المدى القريب، ولكن الإدارة ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد.

المساهمون