الأوروبيون يستعدون للتصويت في ظل صعود اليمين المتطرف

02 يونيو 2024
شعار مكتوب عليه "صوتوا لغزة" على لوحة إعلانية في باريس، 1 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الانتخابات الأوروبية المرتقبة تشهد تصويت حوالي 370 مليون ناخب لاختيار 720 نائبًا، مع توقعات بصعود اليمين المتطرف والأحزاب القومية، مما قد يؤثر على الأجندة السياسية في بروكسل.
- الحملة الانتخابية تركزت على المواضيع الوطنية رغم أهمية قضايا مثل البيئة، في ظل تحديات مثل التضخم، الحرب في أوكرانيا، والتوترات التجارية.
- صعود اليمين المتطرف قد يمنحه تأثيرًا كبيرًا في ملفات حاسمة مثل الدفاع والسياسة الزراعية، مع توقع بقاء الغالبية لـ"الائتلاف الكبير"، ولكن الخلافات بين كتل اليمين قد تعيق توحيدها.

يدلي الأوروبيون بأصواتهم، بين الخميس والأحد، عبر بلدان التكتل لتجديد البرلمان الأوروبي، في انتخابات يتوقع أن تكرّس صعود اليمين المتطرف والأحزاب القومية، ما قد يعيد رسم توجهات الأجندة السياسية في بروكسل. وسيختار حوالي 370 مليون ناخب نوابهم الـ720، في 27 انتخابات وطنية مختلفة، ينظمها كل بلد، في غياب لوائح عابرة لأوروبا، وذلك في ختام حملة غالباً ما هيمنت عليها مواضيع وطنية.

وقبل خمس سنوات، ساهمت التظاهرات الشبابية من أجل المناخ في فرض موضوع البيئة، إذ أدرجته المفوضية الأوروبية في صلب خطتها الواسعة النطاق لإنعاش الاقتصاد بعد جائحة كوفيد، قبل إطلاق رزمة تشريعات "الميثاق الأخضر" الطموحة التي شملت سوق الكربون والطاقة والنقل وإزالة الغابات وغيرها من المسائل البيئية. غير أن هذا "الميثاق الأخضر" بات مسألة سياسية خلافية، بسبب المخاوف من انعكاساته على التنافسية الصناعية والزراعة والقوة الشرائية.

وفي ظل التضخم المرتفع ما بعد كوفيد والحرب في أوكرانيا التي أججت أزمة الطاقة ونقاط التوتر التجارية والحرب في قطاع غزة وغضب المزارعين، تركزت النقاشات حول خيارات الاتحاد الأوروبي الاستراتيجية بمواجهة الصين والولايات المتحدة، ولا سيما مع احتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو معروف بعدم اهتمامه بأوروبا.

وأظهرت استطلاعات "يوروباروميتر" أن حوالي 70 بالمائة من الأوروبيين يعتبرون الاتحاد بمثابة "واحة استقرار في عالم مضطرب"، فيما يؤكد 71 بالمائة منهم عزمهم على الإدلاء بأصواتهم، بزيادة عشر نقاط عن عام 2019. وأظهر التحقيق الذي نشرت نتائجه في إبريل/ نيسان أن مسائل مكافحة الفقر والصحة العامة ودعم الاقتصاد وكذلك الدفاع والأمن تتصدر مشاغل المواطنين الأوروبيين، متقدمة على البيئة والهجرة التي كانت موضع "ميثاق" أوروبي أقر مؤخراً بعد مفاوضات شاقة.

اليمين المتطرف في أوروبا

والبرلمان التي يتخذ مقراً في ستراسبورغ وبروكسل هو المؤسسة الوحيدة المنتخبة في الاتحاد الأوروبي، وهو مكلف بالتفاوض وإقرار التشريعات بالتنسيق مع مجلس الاتحاد الأوروبي الذي يضم الدول الأعضاء، بناء على اقتراحات المفوضية.

ومن المتوقع أن تبقى الغالبية في البرلمان المقبل لـ"الائتلاف الكبير" الذي شكلته المجموعات السياسية الثلاث الكبرى، حزب الشعب الأوروبي PPE (يميني، الكتلة الأولى في البرلمان الأوروبي) والتحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين S&D وكتلة "تجديد" ("رينيو"، ليبراليون)، من أجل إقرار معظم النصوص المطروحة. غير أن أحزاب اليمين المتطرف والأحزاب القومية قد تتخطى حزب الشعب الأوروبي من حيث العدد الإجمالي للنواب الأوروبيين، ما سيمنحها إمكانية التأثير في ملفات جوهرية مثل الدفاع الأوروبي بمواجهة التوسع الروسي والسياسة الزراعية الجديدة وسبل تحقيق تحييد أثر الكربون وغيرها. وتتوقع استطلاعات الرأي صعود هذه الأحزاب بعد تقدمها في عدد من الانتخابات الوطنية، ووصولها إلى السلطة مؤخراً في إيطاليا وهولندا.

واليمين المتطرف منقسم في البرلمان الأوروبي إلى كتلتين هما كتلة "المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين" ECR (حزب فراتيلي ديتاليا الإيطالي، وحزب العدالة والقانون البولندي، وحزب فوكس الإسباني، وحزب "استرداد" أو "روكونكيت" الفرنسي وغيرها)، وكتلة "الهوية والديمقراطية" (التجمع الوطني الفرنسي والرابطة الإيطالية والبديل من أجل ألمانيا)، اللتان قد تفوزان معاً بحوالي ربع المقاعد.

وإن كانت الكتلتان تتشاطران التشكيك في جدوى المؤسسات الأوروبية والتمسك المعلن بالسيادة الوطنية من دون أن تصلا إلى حد المطالبة بالخروج من الاتحاد، إلا أن انصهارهما يبدو مستبعداً نظراً إلى الخلافات الكبرى في وجهات النظر بينهما، ولا سيما بشأن روسيا.

وأيد المستطلعون في تحقيق "يوروباروميتر" بنسبة 75 بالمائة تعزيز الصناعة الأوروبية الدفاعية، ودعموا بغالبيتهم إرسال ذخائر إلى أوكرانيا، إلا أن معارضة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من عام 2024، يمنع التوصل إلى دعم على مستوى الدول الـ27.

التقرب من ميلوني

كما ستحدد التوازنات التي ستنبثق عن الانتخابات توزيع المناصب القيادية داخل الاتحاد الأوروبي. وفي هذا السياق، فإن أورسولا فون ديرلاين مرجحة للبقاء في منصبها على رأس المفوضية الأوروبية لولاية ثانية، وهي مرشحة لهذا المنصب عن حزب الشعب الأوروبي الذي يتصدر الانتخابات بحسب التوقعات. غير أن تعيينها ليس مؤكداً إذ يصطدم بمعارضة حتى داخل حزبها، ويتطلب مصادقة قادة الدول الـ27. وإذ أعلنت فون ديرلاين استعدادها للتعاون مع ميلوني وحزبها "فراتيلي ديتاليا" من الفاشيين الجدد، واجهت تنديد أحزاب اليسار وكتلة رينيو التي ترفض السماح لرئيسة الوزراء الإيطالية بإعادة رسم المشهد السياسي الأوروبي. 

وقال زعيم الاشتراكيين نيكولاس شميت، المفوض الأوروبي لمسائل الوظائف: "إننا واضحون جداً، لا يمكننا عقد تحالف مع المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، ليس هناك يمين متطرف لائق ومقبول"، في تصريحات أدلى بها لـ"غرفة التحرير الأوروبية" التي تضم وكالات أنباء عدة من ضمنها "فرانس برس". وقبل أيام قليلة من الانتخابات، يواجه اليمين المتطرف شبهات في قضية تدخلات روسية وصينية، تطاول بصورة خاصة حزب البديل من أجل ألمانيا، ورأس لائحته الانتخابية ماكسيميليان كراه.

(فرانس برس)

المساهمون