الأمن.. عنوان للمزايدات في حملات الانتخابات الإقليمية الفرنسية

17 يونيو 2021
مخاوف الفرنسيين الأمنية أصبحت أمراً واقعاً منذ زمن (فرانس برس)
+ الخط -

مع اقتراب موعد الانتخابات الإقليمية في فرنسا، الأحد المقبل، تظهر حالة مزايدة في صفوف الأحزاب حول مسألة الأمن، حيث أصبح هذا الموضوع شعار الحزبين اليميني الممثل للجمهوريين، واليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان، مستغلين الهجمات الأخيرة التي وقعت في النصف الثاني من العام الماضي، للعب على مخاوف لدى المواطنين.

هذه المزايدة تأتي تناغماً مع ما تظهره استطلاعات الرأي، حيث يولي الفرنسيون ملف الأمن أولوية كبيرة، تتقدم على الملف الصحي وتبعات الأزمة التي سببتها جائحة كورونا في البلاد، على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. ومن هذا المنطلق أصبح موضوع الأمن مسألة أساسية في الحملات الانتخابية.

الأمن أولوية انتخابية

وفي استطلاع أجراه معهد "أوبنيون واي" لصالح صحيفة "ليزيكو" الفرنسية، في أبريل/نيسان الماضي، قال 47 في المئة من المستطلعة آراؤهم إن الأمن أهم موضوع في هذه الانتخابات، يليه موضوع الاقتصاد والبيئة والحياة المعيشية، ثم الصحة، وأخيراً السكن.

وفي أرقام تفصيلية أكثر، فإن موضوع الأمن أولوية بالنسبة للقواعد الانتخابية لحزب اليمين بنسبة 70 في المئة، أما بالنسبة لحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، فهو يشكل 73 في المئة من اهتمامات الناخبين، الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع يومي 20 حزيران/يونيو المقبل، و27 من الشهر ذاته.

ولأن مخاوف الفرنسيين الأمنية أصبحت أمراً واقعاً منذ زمن، عمد المرشحون من حزبي اليمين واليمين المتطرف إلى اللعب على هذه المخاوف، فوصلت مئات آلاف من الملصقات الترويجية إلى بيوت السكان، كان أبرزها في منطقة ايل دوفرانس، التي تضم العاصمة، وتتضمن مقترحات المرشحين حول هذه المسألة.

اليسار يركب الموجة

وعلى غرار اليمين واليمين المتطرف، حصل نوع من الجنوح في خطاب الأحزاب اليسارية, وأمام استئثار الجبهة اليمينية بتناول أمن الفرنسيين، دخل اليسار كذلك على هذا الخط، برغم انتقادات كثيرة وجهها أنصار أحزاب اليسار.

وبدأ اقتراب اليسار من هذا الملف الشائك إثر تظاهرة الشرطة الأخيرة أمام الجمعية الوطنية، في 19 مايو/أيار الماضي، حيث كانت شخصيات اشتراكية تقف جنباً إلى جنب مع رموز اليمين المتطرف في هذه التظاهرة، وهو أمر يبرره اليسار بالقول إنه لا ينبغي ترك هذا الملف حكراً على اليمين واليمين المتطرف.

ومنذ ذلك التاريخ، اتخذ زعيم الحزب الشيوعي ومرشحه للانتخابات الرئاسية فابيان روسي من مسألة الأمن محوراً لحملته الانتخابية، ليلحق به السكرتير الأول للحزب الاشتراكي أولفييه فور، عندما اقترح أن يصبح للشرطة الحق في النظر بقرارات القضاء، وهو مطلب أثار موجة انتقادات لاذعة عندما طرح للمرة الأولى في تظاهرة الشرطة، واستدعى رداً من وزير العدل وكبار القضاة في فرنسا، معتبرين أنه تدخل خطير في نزاهة القضاء، ما دفع فورا للتراجع عن هذا الاقتراح الأربعاء الماضي.

مزيد من الشرطة والسجون

ولا تدخل مسألة الأمن في صلاحيات الأقاليم، بل هي ملف يخص وزارة الداخلية وما يمثلها من محافظات للشرطة في الأقاليم، لكن المرشحين ذهبوا بعيداً في هذه المسألة، برغم صعوبة أن يحصلوا على صلاحيات في هذا الشأن، فاقترح جوردان بارديلا، رئيس قائمة "التجمع الوطني"، في ايل دوفرانس تجنيد عميلين مسلحين لكل محطة "إر أو أر"، ومترو، والقطارات داخل الإقليم، في حين وعدت فاليري بيكرس، رئيسة إقليم إي دوفرانس المنتهية ولايتها، برفد ألف عنصر أمن إضافي إلى الإقليم يتبعون لمركز قيادة موحد؛ وهو اقتراح قريب جداً من لوران سان مارتان، مرشح الحزب الحاكم "الجمهورية للأمام"، الذي يريد تحقيق تنسيق أفضل بين الأجهزة الأمنية المختلفة وإنشاء شرطة إقليمية. أما المرشحة الاشتراكية أودري بولفار فتقترح مساعدة البلديات على تركيب كاميرات مراقبة في الشوارع.

وبينما تعتبر شريحة واسعة من أنصار اليسار أن خطاب المرشحين انزلق بشكل غير مقبول إلى مستوى خطاب اليمين واليمين المتطرف، إذ لم يجد المرشحون لهذين الحزبين صعوبة في تقديم الأفكار والمقترحات إلى ناخبيهم، حتى إن مرشح اليمين للانتخابات الرئاسية كزافييه برتران، ورئيس إقليم "أوت دوفرانس" المنتهية ولايته، والمرشح كذلك للانتخابات الإقليمية، وعد بتخفيض سن المحاكمات عن الجنايات إلى عمر 15 عاماً، عوضاً عن 18 كما هو معمول به في العديد من دول العالم، كما وعد بزيادة أعداد السجون، وإنشاء 20 ألف زنزانة جديدة.

المساهمون