الأمن المصري يخفف القيود عن سكان سيناء

19 مارس 2021
يواصل الجيش حربه على "ولاية سيناء" خارج المدن (فرانس برس)
+ الخط -

للمرة الأولى منذ عام 2013 بات يمكن للمواطن المصري في محافظة شمال سيناء التنقل من مدينة لأخرى بسهولة، بعد أن أزال الجيش أخيراً العوائق والكمائن والارتكازات الأمنية، على طول الطريق بين مدينتي الشيخ زويد والعريش. مع العلم أن الطريق بين المدينتين كانت تحتاج لنحو ثلاث ساعات في أحسن الأحوال، طيلة السنوات الماضية. ووضع المراقبون خطوة تخفيف الإجراءات الأمنية في سياق حالة الاستقرار التي تعيشها محافظة شمال سيناء، لا سيما مراكز المدن كالعريش والشيخ زويد وبئر العبد. في المقابل، لا تزال الهجمات المتبادلة بين تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش" وقوات الأمن المصرية قائمة في القرى والمناطق المحيطة بمراكز المدن.

المواطن سيلمس المزيد من إجراءات التخفيف في القيود المفروضة

وفي التفاصيل، كشف مصدر حكومي في محافظة شمال سيناء لـ"العربي الجديد"، أن قيادة عمليات الجيش المصري في المحافظة قررت تحسين ظروف الحركة بين مراكز المدن، لا سيما رفح والشيخ زويد والعريش، وتحديداً بين منفذ رفح ومركز مدينة بئر العبد ومعديات قناة السويس والأنفاق الممتدة تحتها. وأضاف أن "ذلك يأتي في إطار خطة أمنية جديدة لملاحقة التنظيم خارج مراكز المدن، بما لا يضر بمصالح المواطنين وتحركاتهم، خصوصاً في ظل هدوء الأوضاع الأمنية في الأشهر الماضية".

وأضاف المصدر أن القرارات الجديدة تستهدف تسهيل حركة المواطنين بين المدن وفتح المزيد من محطات تعبئة الوقود، وإضافة مدينة الشيخ زويد كإحدى نقاط التزود بالوقود، بدلاً من اعتماد سكانها على محطات مدينة العريش المجاورة. كما تصبّ القرارات في سياق تحسين البنى التحتية للطرق والاتصالات، من خلال إنشاء سلسلة محاور جديدة في العريش، بالإضافة إلى شق طريق جديدة ضخمة في الشيخ زويد. ومن شأن تلك الخطوات أن تؤدي إلى تحسين واقع الاتصالات والإنترنت في مدن المحافظة، بعد التعاقد مع شركات الاتصالات على الصيانة الفورية لكافة الأعمدة ونقاط الاتصال بما يحسن الخدمة للمواطنين.

وأشار المصدر إلى أن المواطن سيلمس المزيد من إجراءات التخفيف في القيود المفروضة من قبل قوات الجيش والشرطة في كافة المدن والقرى المحيطة بها على مستوى المحافظة، في ظلّ الاستقرار الأمني، وأن كل طلبات المواطنين التي كانت تتكرر على مدار السنوات الماضية سيؤخذ بها قريباً.

ولم تكن مواقع التواصل الاجتماعي في محافظة شمال سيناء خلال الأيام الأخيرة بعيدة عن هذه التحولات، بعد أن أُشيعت أجواء من الفرح والتفاؤل إثر القرارات الأخيرة، ومشاهد إزالة الكمائن والتحويلات العسكرية على الطريق بين العريش والشيخ زويد. ودعا المدوّنون إلى توسيع دائرة التسهيلات خلال الفترة المقبلة، ليشمل الاتصالات وإدخال البضائع إلى المدن من دون تنسيق أمني مسبق. وطالبوا بتسهيل سفر المواطنين عبر معديات وأنفاق قناة السويس، بالإضافة إلى تعويض المتضررين من عمليات الجيش وهجمات تنظيم "ولاية سيناء"، بالشكل المطلوب الذي يفي بمتطلبات الحياة لكل متضرر والعودة للحياة الطبيعية.

لا يكمن الحل في سيناء بالعسكر والأمن بل بتفهّم حاجات الناس

بدوره، اعتبر أحد شيوخ مدينة الشيخ زويد، أحمد الرياشي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن التسهيلات الأخيرة تمثل بارقة أمل لدى سكان المدينة بأن الآتي أفضل، في ظل التحسن الأمني منذ أكثر من عام داخل مركز المدينة. واعتبر أن المواطنين في الشيخ زويد عانوا كثيراً من صعوبة التنقل داخل المدينة وخارجها، نتيجة التفتيش والتدقيق اليومي وعلى كل حاجز، فضلاً عن تعرّضهم للرصاص العشوائي خلال التنقل، وتضرر الأمتعة والسيارات لصعوبة الطريق. وأشار إلى أن كل ذلك دفع الكثيرين إلى النزوح إلى خارج الشيخ زويد خلال السنوات الماضية، معتبراً أن فتح الطريق وتسهيل الحركة ليس نهاية الأزمة، بل خطوة أولى على الطريق، في ظل معاناة مدن شمالي سيناء، في البنى التحتية للمواصلات والاتصالات والمياه والكهرباء والوقود. ورأى أن كل هذه الأزمات بحاجة إلى فكفكة خلال المرحلة المقبلة، بما يخفف من معاناة المواطنين بشكل حقيقي وملموس، ويشير إلى تغير واضح في سياسة الأمن المصري بالتعامل مع أهالي سيناء.

وأكد الرياشي أن شيوخ سيناء تحدثوا عن أن الحل في المنطقة لا يكمن في العسكر والأمن فحسب، بل من الواجب حل أزمة سكان المحافظة، وعدم معاداتهم من خلال الإجراءات الخشنة، وتدفيعهم فاتورة الحرب الدائرة بين الدولة والتنظيم. ولفت إلى أن حلّ أزمات السكان جزء كبير من الحل ونبذ الإرهاب، ودفع الكثيرين إلى التراجع عن أفكار التطرف في التعامل مع الدولة والجيش، في حال كانت حياتهم جيدة كما بقية مواطني الجمهورية. في المقابل، إذا استمر التعامل مع أبناء سيناء كأنهم أبناء درجة ثانية وثالثة، أو ليسوا مصريين أصلاً، فإن ذلك يعقد الأمور أكثر. وظهر ذلك في ازدياد عدد عناصر التنظيم تباعاً مع مواصلة الجيش عملياته. وكان المدنيون يدفعون جزءاً من ثمنها بشكل يومي، من دمائهم وأموالهم ومنازلهم، بتهجير آلاف السكان من مدينتي رفح والشيخ زويد، وقطع الكهرباء والمياه والاتصالات لأشهر طويلة عن المدينتين.

المساهمون