اعتقلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية اليوم الأحد، الأسير المحرر خضر عدنان خلال مشاركته في اعتصام أمام مبنى محكمة رام الله مساندة لنشطاء وسياسيين اعتقلوا أمس السبت، على خلفية دعوة لاعتصام مطالب بالعدالة للمعارض نزار بنات الذي قتل في 24 يونيو/حزيران الماضي، فيما حوّل الأمن معتقلي الأمس إلى النيابة العامة مباشرة للتحقيق معهم بتهم التجمهر غير المشروع والذم الواقع على السلطة وإثارة النعرات الطائفية.
وحول طريقة اعتقال عدنان، قال الأسير المحرر محمد علان، لـ"العربي الجديد"، إن "المعتصمين أمام المحكمة في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية تفاجؤوا بعد أن تنحى عدنان جانباً للحديث مع محامٍ بمجيء مركبة شرطة قامت باعتقاله بطريقة الخطف خلسة دون أن ينتبه أحد، وهذه مجزرة بحق الحريات الفلسطينية، وهذا يوم أسود من أيام القضية الفلسطينية".
وحمّل علان المستوى السياسي في السلطة الفلسطينية المسؤولية، وقال: "إن الرئيس محمود عباس شخصياً يتحمل المسؤولية إذا ما أصيب خضر عدنان وماهر الأخرس (وهما أسيران محرران خاضا معركة الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال) وباقي المعتقلين السياسيين بأي أذى، من أراد أن يكون خضر عدنان نزار بنات آخر فعليه أن يتحمل المسؤولية الشخصية، هذه الأجهزة الأمنية لا تتحرك إلا بقرار من جهات عليا ومن غرفة القيادة الفلسطينية".
ورجحت رندة موسى زوجة عدنان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يكون سبب اعتقال زوجها هو استمراره بالاعتصام أمام مركز الشرطة ليلاً ضد اعتقال الناشطين، واستمراره بالاعتصام أمام مبنى المحكمة صباحا.
وقالت موسى: "بقينا في الاعتصام وهتفنا في الصباح الباكر عندما رأينا المعتقلين، أعتقد أن الهتافات آلمتهم وأوجعتهم، السلطة الفلسطينية تقوم باعتقال كل من لا تستطيع إسكاتهم، لكنها واهمة بأن الاعتقال سيسكت من يتضامنون مع المعتقلين، كنا نتضامن مع 22 معتقلاً والآن نتضامن مع 23".
بدوره، أوضح المحامي ظافر صعايدة من مجموعة "محامون من أجل العدالة"، لـ"العربي الجديد"، خلال تواجده في حرم المحكمة، أن 22 معتقلا (ليس من ضمنهم عدنان) تمت إحالتهم كافة إلى النيابة العامة لعرضهم على التحقيق، وتم توزيعهم إلى ملفين، بحيث انتهى التحقيق مع بعضهم فيما يجرى التحقيق مع الآخرين.
وأكد صعايدة أن التحقيق معهم دار حول تهم التجمهر غير المشروع والذم الواقع على السلطة وإثارة النعرات الطائفية.
وقالت المحامية ديالا عايش، لـ"العربي الجديد"، إن النيابة العامة الفلسطينية قررت تمديد توقيف 9 من معتقلي تظاهرة الأمس، وإخلاء سبيل 13 من المعتقلين دون تحويل ملفهم إلى المحكمة أو حفظ الملف حتى اللحظة.
أما المعتقلان اللذان ما زالا موقوفين دون التحويل إلى النيابة العامة، فهما عزمي صطوف وخضر عدنان.
من جانبه، قال مدير مجموعة "محامون من أجل العدالة" مهند كراجة، إن من تم تمديد توقيفهم من النيابة لـ48 ساعة هم: أبي عبودي، عمر عساف، غسان السعدي، أمير سلامة، حمزة زبيدات، جهاد عبدو، موسى أبو شرار، يوسف شرقاوي، محمد عبدو.
وتابع كراجة، أما من تم اتخاذ قرار إخلاء سبيل بحقهم من النيابة العامة، فهم: سالم قطش، ضحى معدي، عبادة القواسمة، بسام القواسمي، كوثر العبويني، ماهر الأخرس، يوسف عمرو، نايف الهشلمون، عماد البرغوثي، معين البرغوثي، سائد أبو خضير، عبد الهادي أبو شمسية، إبراهيم أبو حجلة.
والدة المعتقلة ضحى معدي التي وقفت في الاعتصام أمام مجمع المحاكم اليوم، قالت لـ"العربي الجديد": "إن ما حصل مع ضحى أنها كانت قد خرجت من عملها إلى محيط دوار المنارة، وهناك كان من المفترض إقامة وقفة لنزار بنات، بنات لم يجرم بحق أحد بل كان يتحدث بالحق"، متسائلة هل أصبح الوجود على المنارة جرماً؟
وقالت معدي: "حاولت الدخول إلى مقر المحكمة لمعرفة وضع ابنتي ضحى، لكن تم منعي من ذلك، بعد أن رأى الأمن أنني أحمل لافتة احتجاجية بيدي".
في الأثناء، قال المتحدث الإعلامي باسم الشرطة الفلسطينية لؤي ارزيقات، في تصريح صحافي، "إن ما جرى يوم أمس، دعوة من الحراكات للتجمع والتجمهر وسط مدينة رام الله، ولم يكن هناك أي تصريح وإذن رسمي من الجهات الرسمية بإقامة التجمهر، ورفضت مجموعة من الحراك التوقيع على شروط التجمهر، وتم القبض على 24 شخصًا، وتم توقيفهم وإحالتهم إلى النيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني وفقاً لأحكام المادة (12) من قانون الاجتماعات العامة لسنة 1998".
لكن أحد الموقوفين، وهو أبي العابودي أكد في اتصال هاتفي مع زوجته هند الشريدة أنهم قد أعطوا إشعارًا لمحافظة رام الله منذ يوم الأربعاء الماضي، قبل الوقفة التي كانت مقررة مساء السبت، حتى تكون الإجراءات قانونية.
بدوره، قال الخبير القانوني ماجد العاروري، في منشور له على صفحته في "فيسبوك"، في تعقيب على بيان الشرطة، "إنه لا يوجد مادة رقم 12 في القانون كما ذكر بيان الشرطة كون القانون يتكون من 9 مواد فقط، وإنما هو قانون الاجتماعات العامة رقم 12 لسنة 1998".
أكثر من مائة وعشرين مواطنًا فلسطينيًا تم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية على خلفية حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي والانتماء السياسي منذ مايو
وتابع العاروري، "تقوم الشرطة في حال رغبتها بوضع ضوابط على مدة ومسار التجمع بالرد على مقدمي الإشعار خطياً في موعد أقصاه 24 ساعة تبين هذه الضوابط والمحصورة بالمسار والمدة وإلا اعتبر موافقة على الإشعار كما ورد".
وأكد العاروري أنه "لا يوجد هناك شيء اسمه التوقيع بالموافقة على شروط التجمهر إطلاقاً في القانون ولا يطلب القانون أي توقيع من مقدمي الإشعار غير توقيع الإشعار خلافاً لما ذكرته الشرطة، وفي حال المخالفة، وكون مقدمي الإشعار معروفين تحول الشكوى من النيابة إلى القضاء، وتقتصر على مقدمي الإشعار وليس كل المتجمهرين الذين قد تصل أعدادهم أحياناً إلى عشرات الآلاف، وهي صاحبة الاختصاص بالحكم على مخالفي القانون في حال إدانتهم بالحبس حتى شهرين أو دفع غرامة تعادل 50 دينارًا أردنيًا".
وأشار العاروري إلى أن "الشرطة حجزت حرية 24 شخصًا بطريقة مخالفة للقانون وعلى تهمة عقوبتها 250 شيكلًا (نحو 77 دولارا) حسب قانون الاجتماعات العامة".
في هذه الأثناء، دان الملتقى الوطني الديمقراطي الاعتقالات السياسية التي أقدمت عليها الأجهزة الأمنية، واستنكر الاعتداء الجسدي من ذات الأجهزة ضد الأسير المحرر ماهر الأخرس والناشط عبادة القواسمي.
وصرّح الملتقى: بأن "هذه الاعتقالات التعسفية تعكس إصرار النظام الحاكم على ترسيخ واقع بوليسي والحكم خارج سياق القانون والأعراف الوطنية وهي مؤشر خطير لما آلت إليه الأمور من دكتاتورية وقمع وازدراء للحقوق المدنية والسياسية الأساسية ولكرامة كل فلسطيني وفلسطينية".
من جانبها، أفادت مجموعة "محامون من أجل العدالة" في بيان صحافي، بأن أكثر من مائة وعشرين مواطنًا فلسطينيًا تم اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية على خلفية حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي والانتماء السياسي منذ مايو/ أيار الماضي، في أعقاب العدوان على حي الشيخ جراح وقطاع غزة وحتى اليوم.
وأشارت "محامون من أجل العدالة" إلى أن من بين المعتقلين كان هناك ما يزيد عن خمس عشرة امرأة، فيما استخدمت أجهزة الأمن بلباسها المدني والعسكري أسلوب القمع والسحل، وفي أوقات عديدة تعرض بعض المعتقلين للضرب المبرح أثناء الاعتقال.
وكان المعارض والمرشح السابق للمجلس التشريعي نزار بنات قتل في 24 يونيو/ حزيران الماضي، أثناء اعتقال أجهزة الأمن له في الخليل، فيما أظهر تقرير التشريح الذي أعلنته مؤسسات حقوقية وتقرير لجنة التحقيق التي شكلتها السلطة الفلسطينية أن وفاته غير طبيعية، كما أظهر تقرير التشريح أنه تعرض للضرب في كافة أنحاء جسده.