أقدمت القوات الأمنية العراقية مجدداً على قطع عدد من شوارع وجسور العاصمة بغداد، بالحواجز الكونكريتية، لا سيما القريبة من ساحة التحرير والمنطقة الخضراء، وسط انتشار أمني واسع، استبق خروج تظاهرات شعبية واسعة، اليوم الثلاثاء، إحياء للذكرى الثالثة لاحتجاجات "تشرين"، التي خرجت في الـ25 من أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
وبدأت القوات الأمنية عملية الانتشار في العاصمة، ليل أمس، مع قطع عدد من الشوارع والجسور، خاصة القريبة من المنطقة الخضراء وساحة التحرير وسط العاصمة، ووفقاً لشهود عيان من مناطق متفرقة من العاصمة.
وقال الشهود، لـ"العربي الجديد"، إن "القوات الأمنية أقدمت على قطع جسور السنك والجمهورية وإغلاق ساحتي التحرير والخلاني، والطيران، وساحة النسور باتجاه المنطقة الخضراء، وجميع الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير، فضلاً عن مداخل المنطقة الخضراء بالكامل".
وأشار الشهود إلى "نشر حواجز أمنية متنقلة في الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير والمنطقة الخضراء، وأن عناصر الأمن يقومون بتفتيش المارة والعجلات بشكل دقيق".
🔴 بغـــــــــــداد الان :: اغــــلاق
— Firas W. Alsarray - فراس السراي (@firasalsarrai) October 24, 2022
مداخل ساحة التحرير بالصبات الكونكريتية . pic.twitter.com/ID3K9SWBa3
القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية أصدرت توجيهات إلى قوات الأمن بشأن التعامل مع المتظاهرين وتأمين الحماية اللازمة لهم.
وبحسب كتاب صادر عن السكرتير الشخصي للقائد العام، الفريق الأول الركن محمد حميد، فإنه "يمنع استخدام الرصاص الحي (العيارات النارية والعتاد المطاطي) وقنابل الدخان"، مؤكداً أن "أي إجراء خلاف ذلك ستتم محاسبة القادة والآمرين الذين يثبت استخدامهم الذخيرة الحية ضمن قاطع مسؤوليتهم".
وبحسب الكتاب، فإن هيئات التفتيش في الأجهزة الأمنية والعسكرية "تتولى تفتيش القوات المكلفة بحماية ساحات التظاهر والتأكيد على عدم حملهم أي سلاح ناري أو وسيلة جارحة"، مطالباً الأجهزة الأمنية والعسكرية كافة بـ"توجيه الضباط والمراتب والمنتسبين بتأمين الحماية لساحات التظاهر".
ودعا الأجهزة الأمنية إلى "توظيف الموارد البشرية والمعلوماتية والتقنية في إنجاز المهام الموكلة إليهم"، مشيراً إلى أن "الكثافة العددية مهمة في مسك مداخل ومخارج ساحات التظاهر وتقديم الحماية للمتظاهرين، عبر نشر مفارز التفتيش تحسباً لأي سلاح خارج القانون ومصادرته في حالة التقرب من ساحات التظاهر، فضلاً عن حماية المقار الحكومية والمباني والبنى التحتية".
وشدد على "نشر الجهد الاستخباري للحصول على معلومات استباقية بتشخيص مثيري الشغب، وضبط النفس والتعامل المهني والإنساني وعدم الانخراط في الاحتكاكات، منعاً من وقوع مشاجرات"، داعياً إلى ضرورة "وجود القادة والآمرين على رأس قطعاتهم، لاتخاذ ما يلزم للعمل في ضوء توجيهات القائد العام".
وتسببت تلك الإجراءات باختناقات مرورية واسعة، في أغلب مناطق العاصمة، وقد تعثر وصول كثير من المواطنين الى دوائرهم وأماكن عملهم، على الرغم من انتشار رجال المرور الذين يحاولون تنظيم حركة السير.
ويتوجه مئات العراقيين من مناطق بغداد والمحافظات الأخرى نحو ساحة التحرير، رافعين شعارات ضد الفساد، ورافضين تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، التي يعتبرونها امتداداً للنفوذ الإيراني بالعراق. وفي السياق، أكّد الناشط علي الساعدي، لـ"العربي الجديد"، أن "الإجراءات الأمنية لن تمنع وصولنا إلى ساحة التحرير اليوم، كما لم تمنعنا سابقاً من التعبير عن صوتنا واحتجاجنا ضد الفساد".
ولفت إلى أن "تظاهرات اليوم هي ذاتها تظاهرات تشرين، وبذات المطالب"، مشدداً "نرفض حكومات الأحزاب والفاسدين وسراق المال العام، ونرفض تشكيل حكومة لا تدين بالولاء إلى العراق، ونرفض حكم المليشيات، ونطالب بعراق حر مستقل يحصل أبناؤه على حقوقهم في العيش الكريم وفرص العمل والخدمات، ولا نترك مطالبنا بالكشف عن قاتلي وخاطفي المتظاهرين"، وقائلاً "لا نسترد حقوقنا إلا بالتظاهر، ولن نتراجع عنها".
في الأثناء، أعلنت قوى التغيير الديمقراطية، التي تضم كلاً من الحزب الشيوعي العراقي، وحركة نازل آخذ حقي، وحزب البيت الوطني، والتيار الديمقراطي، وتيار الوعد العراقي، وحراك البيت العراقي، وحركة تشرين الديمقراطية والتيار الاجتماعي الديمقراطي، دعمها للتظاهرات "التشرينية" المزمع خروجها اليوم الثلاثاء، داعية تنظيمات الأحزاب والحركات المنضوية ضمنها إلى تنظيم الوقفات مع المحتجين.
وجاء في بيان "نؤكد مساندتنا للتظاهرات السلمية التي ستنطلق في ساحة التحرير وبقية ساحات الاحتجاج في المحافظات"، مؤكدة كذلك "نتابع وإياكم مسار تشكيل الحكومة، وإصرار المعنيين على التمسك بالمحاصصة، وفتح مزاد لبيع وشراء الوزارات بين هذه الجهة وتلك"، معتبراً أن "وصفة الفشل المحاصصة التي تشكلت وفقها الحكومات السابقة، ويعاد اعتمادها اليوم، لا يمكن أن تنتج حلولاً ومعالجات جذرية وشاملة لأزمات البلد".
وأشارت إلى أن "مشروع التغيير، الذي يستند إلى الديمقراطية والمواطنة والعدالة الاجتماعية، بات ضرورة ملحة وحاجة يشعر بها المواطنون يوماً بعد آخر".
واندلعت التظاهرات العراقية في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوبي العراق ووسطه.
ويعتبر قادة الحراك 25 أكتوبر 2019 نقطة تحول كبيرة في الاحتجاجات، بعد امتدادها إلى مدن جنوب ووسط البلاد، وبدء نصب خيام الاعتصام في الساحات الرئيسية، لا سيما في بغداد.