الأمن التونسي يقمع تظاهرات ضد إجراءات قيس سعيّد في ذكرى الثورة

14 يناير 2022
أطلق الأمن قنابل الغاز وفتح خراطيم المياه لتفريق المحتجين (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

أصيب عدد من المحتجين التونسيين، اليوم الجمعة، بالاختناق والإغماء جراء استهدافهم من قبل القوات الأمنية بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. 

واعتدت قوات الأمن بالضرب على المحتجين بهدف تفريقهم ومنعهم من التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة، قبل نجاحهم في الوصول إلى الشارع رغمًا عن الأمن. وسجلت حالات إغماء في صفوف المتظاهرين.

وكان شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس قد شهد، اليوم الجمعة، تعزيزات أمنية مكثفة، حيث تم إغلاق محيط المسرح البلدي وتطويقه بالسيارات الأمنية، بعد دعوة عدة أحزاب وفعاليات المواطنين للتظاهر رغم قرارات الحكومة بمنع التجمعات والتظاهرات.

وقال رئيس كتلة "حركة النهضة" عماد الخميري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه تم منع المواطنين من التعبير عن آرائهم والاحتفال بذكرى الثورة، مشيرًا إلى أن "هناك محاولات لمنع نواب ومثقفين ورموز من المشاركة في الفعاليات".

من جهتها، قالت عضو تنفيذية مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" الناشطة شيماء العيسى: "لم يبق شرطي واحد في منزله. تم استنفار كل التشكيلات البوليسية والأمنية، وكل وسائل الدولة والسلطة، وتم استعمال كل أجهزة القمع".

وأضافت العيسى، خلال حديث مع "العربي الجديد": "تم إيقاف مئات الشباب في مراكز الشرطة، وتم تسجيل اعتداءات بالعنف"، متسائلة عن "سبب كل هذا الخوف من التظاهر بينما دأب التونسيون طيلة 10 سنوات على الاحتفال بعيد الثورة (...) اليوم اختارت سلطة الانقلاب عسكرة الشارع وتحويل البلاد إلى دولة البوليس".

وقالت السجينة السياسية السابقة بسمة البلعي: "لن ننسى الشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمناً من أجل 14 يناير. لن ننسى من سالت دماؤهم ومن اغتصبوا. واليوم الشهيد روحه ترافقنا معنا. أنا أخاف على الحريات من الاغتصاب".

الصورة
إحياء ذكرى ثورة 14 يناير في تونس (العربي الجديد)
إحياء ذكرى ثورة 14 يناير في تونس (العربي الجديد)

وقال متظاهر يدعى كمال: "لماذا كل هذا العدد من البوليس أمام مائة متظاهر أغلبهم من النساء؟ وهل هؤلاء يمثلون خطراً عليه وعلى الأمن العام".

بدوره، اعتبر ناشط حقوقي يدعى جمال أن "محاصرة الأمن للمتظاهرين هي دليل على أن الرئيس سعيد لا يملك الشجاعة، عدا عن فقدانه للشرعية".

الصورة
إحياء ذكرى ثورة 14 يناير في تونس (العربي الجديد)
إحياء ذكرى ثورة 14 يناير في تونس (العربي الجديد)

الداخلية التونسية: ضبط مبالغ مالية كان الهدف توزيعها للقيام بأعمال شغب

إلى ذلك، قالت وزارة الداخلية التونسية، اليوم الجمعة، إنها تمكنت من "حجز مبالغ مالية مجهولة المصدر" لدى ستة أشخاص.
وأضافت الداخلية التونسية، في بيان: "تمكّنت وحدات الحرس الوطني بحيّ التّضامن من ضبط شخصين على متن سيّارة بحوزتهما مبلغ مالي قدره 42 ألف دينار، حيث كانا يعتزمان توزيعها على منحرفين بالجهة قصد القيام بأعمال شغب وتخريب يوم 14 جانفي، كما تمكّنت الوحدات الأمنيّة التّابعة لمنطقة الأمن الوطني بجبل الجلود، من ضبط 4 أشخاص بجهة ابن سينا بحوزتهم مبلغ ماليّ قدره 94 ألف دينار مجهولة المصدر".
وفي بيان منفصل، قالت وزارة الدّاخلية إنه "إثر تعمّد مجموعات متفرّقة من الأشخاص ناهز عددهم الإجمالي حوالي الـ1200 شخص، التظاهر بالأنهج المحيطة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، متحجّجين بالاحتفال بيوم 14 يناير، وحيث تعمّدوا مخالفة القرار الوزاري القاضي بمنع كافّة التّظاهرات بالفضاءات المفتوحة والمغلقة خلال هذه الفترة، توقّيا من تسارع انتشار فيروس "كورونا"، كما تعمّدوا محاولة اقتحام الحواجز الأمنيّة ومهاجمة الأمنيّين المتمركزين لحفظ النّظام والأمن، تولّت الوحدات الأمنيّة، مع التّحلي بأقصى درجات ضبط النفس، التّدرج نحو استعمال المياه لتفريقهم مع دعوتهم للمغادرة".
ودعت الوزارة "كافّة المواطنين إلى الالتزام بالقرارات المتّخذة في الغرض وعدم الانسياق وراء دعوات غير قانونيّة للتّجمع".

إيقاف أكثر من 40 شخصاً

أكدت المحامية إسلام حمزة عن "محامون لحماية الحقوق والحريات" في تصريح لـ"العربي الجديد" أن أكثر من 40 شخصاً تم إيقافهم في مركز باب بحر بالعاصمة تونس، مضيفة أنهم "قد تعرضوا لكل أشكال العنف والإهانة والكلام البذيء.
وقالت إنه قد تمت مصادرة هواتفهم وتهشيم بعضها وتعنيف البعض منهم"، مشيرة إلى أن "عمليات الإيقاف شملت أيضا زميلة لهم محامية والعميد السابق للمحامين، عبد الرزاق الكيلاني، قبل أن تم إطلاق سراحهما".
وذكرت حمزة أن "عمليات الإيقاف بالجملة ولم تستثن طرفا"، مؤكدة أنه يصعب تحديد قائمة دقيقة بشأن عدد الموقوفين وقد يستغرق ذلك بعض الوقت.
وأضافت أن "ما حصل اليوم لا يخلو من انتهاكات للحرمة الجسدية للأشخاص، وتعدٍّ على الكرامة الإنسانية، وهي فرصة جديدة لإثبات عدم احترام أدنى الحقوق والحريات"، مضيفة أن "الكلام البذيء والاعتداءات والاختطافات مورست اليوم، وأن بعض الاختطافات انطلقت من ليلة أمس ضد نشطاء دون تهم محددة، وكالعادة يتم الحديث عن ملفات ثم يثبت أنها غير موجودة".
من جهته، أكد المحامي والقيادي بحزب "التكتل"، سعيد المشيشي، لـ"العربي الجديد" أنه تم إيقاف خمسة محتجين من أمامهم في الجانب الآخر من الشارع.

الشواشي: التظاهر حق مشروع

وكان الأمين العام لـ"التيار الديمقراطي" غازي الشواشي قد وجه رسالة إلى القوات الأمنية بمختلف أصنافها، داعيا إياها إلى "التقيد بمواصفات الأمن الجمهوري من حياد وحرفية وحسن التعامل مع التظاهرات الشعبية السلمية التي ستخرج اليوم للاحتفال بعيد الثورة التونسية المجيدة".

ودعا الشواشي، في تدوينة على صفحته عبر "فيسبوك"، القوات الأمنية إلى "رفض الأوامر والتعليمات في قمع الجماهير أو التضييق أو الاعتداء عليهم أو منعهم من ممارسة حقوقهم المشروعة في التظاهر والتعبير عن آرائهم في كنف السلمية".