الأمم المتحدة: غزة تضع إنسانيتنا الجماعية وأولوياتنا محل تساؤل

06 ابريل 2024
راجاسينغهام: نحو 60 في المائة من المساكن في غزة تعرضت للأضرار أو للتدمير (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خلال الأشهر الستة الماضية من الحرب على غزة، أشار راميش راجاسينغهام إلى خسائر فادحة بأرواح أكثر من 32 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 75 ألف، معظمهم أطفال ونساء، وتدمير البنية التحتية.
- تم التأكيد على الوضع الإنساني الكارثي، مع تهجير قسري لـ1.7 مليون فلسطيني وتعرض 60% من المساكن للأضرار، والحاجة الماسة للغذاء والمجاعة وحماية العاملين في المجال الإنساني.
- راجاسينغهام ومندوب الجزائر عمار بن جامع أكدا على الحاجة الملحة لتقديم المساعدات الإنسانية والصحية، وانتقدا إسرائيل لعدم السماح بوصول المساعدات بشكل كافٍ، مشددين على أهمية وقف فوري لإطلاق النار.

مسؤول أممي لمجلس الأمن: لا حماية للمدنيين في غزة

بن جامع: لماذا يستحق موظفو الإغاثة الاعتذار دون آلاف الفلسطينيين؟

"يونيسف": 31 شخصاً بينهم 28 طفلاً ماتوا جوعاً في الأسابيع الأخيرة

قال مدير قسم التنسيق في مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، راميش راجاسينغهام، إن الأشهر الستة الماضية التي مرت منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة "تضع إنسانيتنا الجماعية وأولوياتنا محل تساؤل"، مشيرا إلى استشهاد أكثر من 32 ألف فلسطيني في غزة، وجرح وإصابة أكثر من 75 ألفاً آخرين، أغلبيتهم العظمى من الأطفال والنساء. وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة بطلب من الجزائر وسويسرا ودول أخرى، لمناقشة آخر المستجدات حول الوضع الغذائي والمجاعة وحماية العاملين في المجال الإنساني في غزة، لا سيما بعد أن قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الاثنين، عاملين في المجال الإنساني يتبعون لمنظمة المطبخ المركزي العالمي، أغلبهم من الأجانب. 

ولفت راجاسينغهام إلى وجود "آلاف الأشخاص في عداد المفقودين، ودُفن الكثير منهم تحت الأنقاض. ناهيك عن وجود قرابة 17 ألف طفل غير مصحوبين بذويهم أو منفصلين عن أسرهم، وحيدين، وسط الدمار والرعب". وتوقف المسؤول الأممي عند التهجير القسري لـ1.7 مليون فلسطيني داخل القطاع، أي حوالي 75 في المائة من السكان. كما أشار إلى "اضطرار الكثير منهم إلى العيش في الخيام أو ملاجئ مكتظة أو في الشوارع، ويفتقرون إلى أبسط الضروريات للحياة الكريمة والبقاء على قيد الحياة"، متحدثا عن "تعرض نحو 60 في المائة من المساكن للأضرار أو للتدمير".

وقال: "من الواضح أنه لا توجد حماية للمدنيين في غزة. وإذا لم تتوفر لهم الحماية من أخطار الصراع المسلح هناك، فلا بد من السماح لهم بالبحث عن الحماية في مكان آخر. لقد غادر بعض الفلسطينيين في غزة بالفعل عبر مصر، ونعلم أن المزيد منهم يحاولون ذلك. ومن الأهمية بمكان أن نتذكر أنه يجب ضمان حق أي شخص نازح من غزة في العودة الطوعية، كما ينص القانون الدولي". وأضاف أن "أحداث الأسبوع الماضي وحدها دليل على الوحشية غير المعقولة لهذا الصراع. واستمرار القصف الإسرائيلي المكثف والعمليات البرية، فضلاً عن القتال العنيف بين القوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة، في معظم أنحاء قطاع غزة، مما تسبب في سقوط مئات آخرين من القتلى والجرحى"، محذرا من عواقب عملية عسكرية برية محتملة على رفح.

وحول انسحاب القوات الإسرائيلية من محيط مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة بعد حصارها وتدميرها له، لفت راجاسينغهام إلى أن الأمم المتحدة لم تتمكن من الوصول إلى المنشأة بعد ذلك اليوم، حيث وصل طاقم تابع لها بعد أن رفضت السلطات الإسرائيلية الطلبات المتكررة للأمم المتحدة للدخول إلى المنطقة والمساعدة "في فرز المرضى المتبقين وتقييم الاحتياجات على أرض الواقع". وأضاف: "كان مستشفى الشفاء أكبر مستشفى في غزة، وكان يخدم في السابق أكثر من 250 ألف شخص". وشدد على الخسارة التي لحقت بالنظام الصحي المتدهور أصلا، وسط الارتفاع الكبير في الاحتياجات الصحية التي لا تحصى. 

وتوقف عند قتل إسرائيل لسبعة من عمال الإغاثة في منظمة المطبخ المركزي العالمي، في عدة غارات جوية إسرائيلية على قافلتهم، قائلا: "كان هؤلاء العمال قد أفرغوا للتو أكثر من 100 طن من الإمدادات الإنسانية المنقذة للحياة التي تشتد الحاجة إليها ضمن شحنة المساعدات البحرية الثانية للمنظمة إلى مستودع في دير البلح. وقد أبلغوا الجيش الإسرائيلي بتحركاتهم". وعبر عن أسفه لأنه لا يمكن القول إن "الهجوم المأساوي كان حادثة معزولة في هذا الصراع. وهم ينضمون إلى أكثر من 220 من زملائنا في المجال الإنساني الذين قتلوا، 179 منهم من موظفي الأمم المتحدة". 

وحول الوضع في شمال غزة، قال المسؤول الأممي: "تفيد تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن طفلاً واحداً من بين كل 6 أطفال يعاني من سوء التغذية الحاد، وأن ما يقدر بنحو 3 في المائة يواجهون أشد أشكال الهزال خطورة، مما يتطلب علاجاً فورياً. ويُعتقد أن ما لا يقل عن 31 شخصا، من بينهم 28 طفلا، ماتوا جوعا في الأسابيع الأخيرة. وهو الوضع الذي يتطلب اتخاذ إجراءات متضافرة الآن، فانتظار تصنيف المجاعة بأثر رجعي أمر لا يمكن الدفاع عنه".

وأكد أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مستمرة في تقديم خدماتها في مناطق متفرقة من القطاع، ولكن وفي الوقت ذاته شدد على أنه "لا يمكن أن نكرر بما فيه الكفاية أن حجم ومدى المساعدة التي يمكننا إيصالها إلى الناس في غزة غير كافيين على الإطلاق. والعقبة الأساسية، مهما كانت المساعدات التي يتم جلبها، هي قدرتنا على توزيعها داخل غزة، وخاصة إلى الشمال".

    وأكد أن "العامل المقيد الخطير هو أن إسرائيل "لم تسمح لـ(أونروا)، العمود الفقري للاستجابة الإنسانية، بالعمل في شمال غزة. وإذا كنا راغبين في درء المجاعة ومعالجة الوضع الإنساني الكارثي غير المعقول في غزة، فلا بد أن تتمتع هذه الوكالة الأممية وجميع المنظمات الإنسانية المحايدة بالقدرة على الوصول الآمن والسريع ودون عوائق إلى كافة المدنيين المحتاجين. وببساطة، لا يوجد بديل للخدمات التي تقدمها (أونروا)".

    بن جامع: لماذا يستحق موظفو الإغاثة اعتذار الاحتلال دون آلاف الفلسطينيين؟

    في سياق متصل، وصف مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، خلال اجتماع مجلس الأمن، الرد الإسرائيلي بشأن مقتل موظفي منظمة المطبخ العالمي بـ"المخزي". وقال إن "رد فعل دولة الاحتلال على هذا الحادث المروع أمر مخز،  لماذا يستحق هؤلاء الأشخاص السبعة الاعتذار من أعلى سلطات الاحتلال، وليس الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء الذين قُتلوا خلال هذه الأشهر الستة؟ بينما لم نسمع أي اعتذار من أولئك الذين يعلنون أنهم من محبي السلام".

    واعتبر بن جامع أن إسرائيل تثبت بأفعالها هذه أن "الفلسطينيين ليسوا بشرا مثل الآخرين. وقد قالوا (يقصد المسؤولين الإسرائيليين) إنهم حيوانات بشرية"، قبل أن يضيف: "بالنسبة لنا كل الأرواح مهمة". ولفت إلى رفض اسرائيل الاعتراف بالقرارات الدولية، بما فيها قرار محكمة العدل الدولية وقرار مجلس الأمن بالوقف الفوري لإطلاق النار، مشيراً إلى أنه "بعد مرور أكثر من عشرة أيام على اعتماده، ترفض سلطة الاحتلال تنفيذه بشكل صارخ".

    وتساءل المندوب الجزائري قائلا: "هل ينبغي أن ننسى أن قوة الاحتلال قتلت أكثر من 33 ألف فلسطيني، أكثر من 70 بالمائة منهم أطفال ونساء، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي؟ وهل يجب أن نتذكر أن 224 من عمال الإغاثة قتلوا على يد قوة الاحتلال، وأن 484 من العاملين في المجال الصحي قتلوا؟"، مشيرا إلى أن قتل العاملين في المجال الإنساني في غزة هو "استمرار لعقيدة القمع والاحتلال التي تمارس في فلسطين".

    ورفض الدبلوماسي الجزائري المبررات التي قدمتها تل أبيب بشأن الحادث الأخير، قائلا: "مرة أخرى، سيكون الحكم أن هذه كانت حوادث مؤسفة، وأن الضحايا عرّضوا أنفسهم للخطر بدخولهم عمداً إلى منطقة حرب"، مشددا على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة. وأضاف: "لقد قلنا ذلك، ونكرره مرة أخرى اليوم: لا يمكن أن يُطلب من الجهات الفاعلة الإنسانية أن تعمل على الرغم من المخاطرة بحياتهم دون خلق الظروف لهم، ألا وهي وقف فوري لإطلاق النار".

    وحذر بن جامع من تفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة، مشيرا إلى "الآلاف من الوفيات بسبب الجوع، كما توقعت تقارير مختلفة. وهو الوضع الذي سيتفاقم أكثر، مع قرار تجميد (أونروا)، وشل عمليات منظمة المطبخ المركزي العالمي والممر البحري من قبرص، وهو قرار تم اتخاذه في ظل استمرار قوة الاحتلال في حملتها ومحاولاتها لمنع وتفكيك (أونروا)، وهي العمود الفقري للعمليات الإنسانية للأمم المتحدة في غزة".

    المساهمون