شجبت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، إعلان إثيوبيا طرد سبعة من كبار مسؤولي المنظمة الدولية وأبدت قلقها بشأن 5.2 ملايين شخص في منطقة تيغراي يحتاجون إلى مساعدات عاجلة مع تزايد حالات سوء التغذية.
وقال فرحان حق نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إنه لا يمكن لإثيوبيا أن تعلن أن سبعة مسؤولين للأمم المتحدة "أشخاص غير مرغوب بهم" لأنه لا يمكن تطبيق ذلك على موظفي الأمم المتحدة.
وأضاف حق، في تصريحات خلال المؤتمر الصحافي اليومي الذي يعقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، "بعثنا رسالة شفوية لممثلية إثيوبيا لدى الأمم المتحدة (في نيويورك) لتوضيح النهج القانوني المتبع منذ مدة طويلة للمنظمة وهو عدم قبول تطبيق مبدأ (أشخاص غير مرغوب بهم) فيما يتعلق بمسؤولي الأمم المتحدة".
وأوضح أنّ "هذا المبدأ ينطبق على الوكلاء الدبلوماسيين المعتمدين من قبل دولة إلى دولة أخرى، لكن تطبيقه على مسؤولي الأمم المتحدة يتعارض مع الالتزامات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والامتيازات والحصانات الممنوحة للأمم المتحدة وموظفيها".
وأكد حق أنّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بعث رسالة إلى مجلس الأمن الدولي لإطلاع المجلس على آخر التطورات في إثيوبيا المتعلقة بهذا الموضوع.
وحول قضية إمهال المسؤولين 72 ساعة لمغادرة إثيوبيا، أكد حق رداً على سؤال لمراسلة "العربي الجديد" في نيويورك، أنّ "المنظمة قررت عدم قبول مبدأ إعلانهم "أشخاصاً غير مرغوب بهم" لأن هذا ينطبق على التعاملات بين الدول ونحن لسنا دولة (...) في الوقت الحالي ليس لدي ما أقوله عن وضع الأفراد السبعة غير أنهم، على حد علمي، في إثيوبيا".
وحول ما إذا كان لذلك أي تأثير على عمليات الأمم المتحدة في إثيوبيا، قال حق إنّ "عملياتنا الإنسانية على الأرض مستمرة (...) لقد تحدثنا عن صعوبة الوضع. أنتم على علم دون شك بتصريحات ممثل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، التي أدلى بها قبل أيام حول تدهور الأوضاع وضرورة السماح بدخول المساعدات الإنسانية".
وأكد حق أنّ غوتيريس تحدث هاتفياً الجمعة، مع رئيس وزراء أثيوبيا أبي أحمد حول التطورات الأخيرة، مفضلاً عدم الخوض بتفاصيل تلك المحادثة.
وتزامناً، قال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في إفادة صحافية في جنيف: "من المهم للغاية أن تستمر العمليات الإنسانية... حتى الآن ليس هناك ما يشير إلى أن (قرار إثيوبيا) يوقف العملية".
وذكر المتحدث باسم مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة روبرت كولفيل أنّ طرد رئيس الفريق التابع للمكتب والمسؤول عن إعداد التقارير في إثيوبيا "خطوة خطيرة حقاً... مستوى سبعة أشخاص من ثلاث وكالات نادر للغاية إن لم يكن غير مسبوق".
وأضاف "نكاد نكون على موقف واحد في الأمم المتحدة وهو أن هذا وضع غير مقبول".
وقال لايركه إنّ المنظمة الدولية تأمل في العدول عن القرار أو إعادة النظر فيه.
وتابع بقوله إنّ الوضع الحالي حساس، مشيراً إلى أنّ 79% من الحوامل والمرضعات اللاتي خضعن للفحص في تيغراي، الأسبوع الماضي، كن مصابات بسوء تغذية حاد. وقال إنّ حوالي 11% فقط من الشاحنات المطلوبة لنقل مواد غذائية مهمة دخلت تيغراي منذ منتصف يوليو/ تموز.
ومن شأن امتداد الصراع إلى إقليمي أمهرة وعفر أن يزيد من الاحتياجات الإنسانية ومن عمليات النزوح.
مجلس الأمن يناقش طرد مسؤولي الأمم المتحدة من إثيوبيا
إلى ذلك، قال دبلوماسيون إنّ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيجري مناقشات خاصة، اليوم الجمعة، لقرار إثيوبيا طرد سبعة من كبار مسؤولي المنظمة الدولية في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات سوء التغذية ويخيم شبح المجاعة على إقليم تيغراي الذي تمزقه الحرب في شمال البلاد، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
وتعتزم الولايات المتحدة وبريطانيا وأيرلندا وإستونيا وفرنسا والنرويج إثارة القضية خلال الاجتماع المغلق لمجلس الأمن الذي يضم 15 دولة، لكن دبلوماسيين يقولون إن من غير المرجح اتخاذ أي إجراء قوي في المجلس بعد أن أوضحت روسيا والصين لوقت طويل أنهما تعتقدان أن الصراع شأن داخلي إثيوبي.
وأعلنت إثيوبيا طرد مسؤولي الأمم المتحدة، أمس الخميس، بعد مرور يومين على تحذير منسق الشؤون الإنسانية بالمنظمة الدولية مارتن غريفيث من أنّ منع دخول المساعدات "بحكم الأمر الواقع" تسبب على الأرجح في تعريض مئات الآلاف في تيجراي للمجاعة. ولم ترد وزارة الشؤون الخارجية في إثيوبيا على طلبات التعليق على قرار طرد مسؤولي الأمم المتحدة.
وكانت إثيوبيا قد نفت في السابق عرقلة توصيل المساعدات الغذائية. وقال مسؤول غربي كبير لـ"رويترز" طالباً عدم نشر اسمه "بينما يلوح في الأفق هجوم عسكري جديد كبير، يبدو هذا (القرار) مثل محاولة من جانب إثيوبيا لاختبار ما إذا كان المجتمع الدولي مستعداً للرد بما هو أكثر من الكلمات على مجاعة تزداد اتساعاً".
فرنسا "تدين" طرد إثيوبيا مسؤولين من الأمم المتحدة
وفي المواقف الدولية، دانت فرنسا قرار الحكومة الإثيوبية طرد سبعة رؤساء وكالات تابعة للأمم المتحدة، وفق ما أعلنت ناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، اليوم الجمعة.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان نقلته وكالة "فرانس برس"، "يجب أن يكون موظفو الأمم المتحدة قادرين على الاستمرار في تنفيذ مهماتهم فيما الأزمة الإنسانية الحادة تتفاقم في وقت يعاني فيه أكثر من خمسة ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي الطارئ في أجزاء عدة من شمال إثيوبيا" الذي يشهد صراعاً دموياً منذ أكثر من عشرة أشهر.
وأعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية، أمس الخميس "سبعة أشخاص يعملون في منظمات دولية غير حكومية في إثيوبيا، أشخاصاً غير مرغوب فيهم لتدخلهم في الشؤون الداخلية للبلاد". وأعطت الوزارة سبعة أسماء "يجب أن يغادروا البلاد في غضون 72 ساعة" هم رؤساء وكالات أممية، من بينها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا).
وخلال زيارة رسمية إلى إثيوبيا في مارس/ آذار 2019، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه أبرم اتفاقاً دفاعياً إطارياً مع أديس أبابا من أجل "دعم محدد من فرنسا" بشأن إنشاء بحرية إثيوبية في بلد لا يملك منفذاً على البحر.
واندلعت الحرب منذ عشرة أشهر بين القوات الاتحادية الإثيوبية والقوات التابعة لـ"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" التي تسيطر على الإقليم. وتسببت الحرب في مقتل الآلاف ونزوح أكثر من مليوني شخص عن ديارهم.
وكان قرار إثيوبيا طرد سبعة من مسؤولي الأمم المتحدة بمثابة الصدمة للأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريس، وقال، أمس الخميس، إنّ المنظمة تتصل بالحكومة الإثيوبية "متوقعة السماح للعاملين المعنيين في الأمم المتحدة بمواصلة عملهم المهم".
ونددت الولايات المتحدة بطرد المسؤولين الدوليين وحذرت من أنها لن تتردد في فرض عقوبات على أي طرف يعرقل وصول المساعدات الإنسانية.