وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الوضع في سورية بالكابوس. وقال: "بعد مرور عشر سنوات على الصراع في سورية، وفي خضم جائحة كورونا، لم تعد أخبار سورية تتصدر الصفحات الرئيسية على الرغم من أن الوضع المعيشي في سورية كابوس". وجاءت تصريحات غوتيريس خلال مؤتمر صحافي مقتضب عقده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بمناسبة مرور عشر سنوات على انطلاق الاحتجاجات فيها.
وقال غوتيريس: "لقد أدى القمع العنيف للمظاهرات الشعبية السلمية، التي شهدتها سورية، إلى انزلاق البلاد في طريق حرب مروعة". وأضاف: "توفي مئات الآلاف وتشرد الملايين. ولا يزال عدد لا يُحصى من السوريين محتجزين بشكل غير قانوني، وغالباً ما يتعرضون للتعذيب، ناهيك عن الاختفاء القسري. كما يعيش الكثيرون في حال من القلق والحرمان".
وأضاف: "رأى العالم، وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة، سورية تنزلق في دمار وسفك للدماء. هذا في الوقت الذي تعرض فيه السوريون لانتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع ومنهجي. كما انتهكت أطراف النزاع القانون الإنساني مراراً وتكراراً مع استمرار الإفلات من العقاب".
وتحدث غوتيريس عن معاناة السوريين بما في ذلك استهداف المدنيين بالقنابل والأسلحة الكيميائية ناهيك عن استخدام الحصار والتجويع كأسلحة حرب ضدهم. وقال إن جميع أطراف النزاع فرضت كذلك قيوداً على وصول المساعدات الإنسانية. وأضاف: "بقيت ولفترة طويلة من الحرب مناطق واسعة في البلاد تحت سيطرة الجماعات المصنفة كإرهابية، من قبل مجلس الأمن الدولي، والتي عرضت العديد من السوريين لقمع وعنف يصعب تصوره".
وأشار غوتيريس إلى أنه من المستحيل في الوقت الحالي فهم مدى الدمار الذي لحق بسورية، مؤكداً في الوقت ذاته على أن شعبها تعرض لبعض أكبر الجرائم التي شهدها العالم هذا القرن. وقال: "إن حجم الجرائم المرتكبة يصدم الضمير. كما يجب محاسبة مرتكبيها إذا أردنا التوصل لسلام دائم في سورية".
وقال غوتيريس إن أهوال الحرب السورية طاولت كل عائلة ولم يسلم منها أحد. وأشار إلى معاناة أطفال سورية حيث "لا يعرف قرابة نصفهم حياة بدون حرب". وتوقف عند عدد من العوامل التي ضاعفت من معاناة السوريين بما فيها الانهيار الاقتصادي والفقر الذي تفاقم بسبب الصراع والفساد والعقوبات وجائحة كورونا". ولفت الانتباه إلى أن حوالي 60 بالمئة من السوريين معرضون لخطر الجوع هذا العام حيث يعانون من نقص في الأمن الغذائي. وشدد على ضرورة الوصول وتقديم المساعدات الإنسانية لجميع السوريين في جميع أنحاء البلاد. وأكد في هذا السياق على ضرورة استمرار تقديم المساعدات الإنسانية عبر النقاط العابرة للحدود وطرق أخرى. وحث مجلس الأمن الدولي على التوصل لاتفاق بهذا الشأن.
وشدد غوتيريس على أن الأمم المتحدة ستستمر في سعيها للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة عن طريق المفاوضات بما ينص عليه القرار 2254. مؤكداً في الوقت ذاته أن الخطوة الأولى على هذا الطريق هي إحراز تقدم ملموس في مباحثات اللجنة الدستورية. وقال غوتيريس: "على أطراف النزاع أن تظهر استعدادها من أجل إيجاد أرضية مشتركة والاعتراف بحاجة جميع السوريين، الذين يمثلونهم، إلى تجاوز حال الصراع الدائمة. هذا هو الطريق الذي سيؤدي إلى حل يلبي التطلعات المشروعة لجميع السوريين، ويهيئ الظروف اللازمة لعودة اللاجئين بأمان وكرامة، ويحترم سيادة سورية وسلامة أراضيها واستقلالها".