الأكراد يفاوضون دمشق: مقترح روسي لدمج "قسد" بقوات النظام

15 فبراير 2021
لا تأكيدات رسمية من قيادة "قسد" حول مفاوضات مع النظام (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

في موازاة الحوار الكردي-الكردي، بين "الاتحاد الديمقراطي" و"أحزاب الوحدة الوطنية" الموالية له من جهة، و"المجلس الوطني الكردي" من جهة أخرى، دفعت تيارات داخل "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، المسيطرة على مناطق شمال وشرق سورية، نحو مفاوضات مع النظام السوري، بعد الأحداث التي شهدتها مدينتا الحسكة والقامشلي بتضييق "قسد" على قوات النظام في المدينتين، والاشتباكات بعد عمليات اعتقال متبادلة. لكن المفاوضات بين الطرفين لا يبدو أنها ستقتصر على إيجاد صيغ لحل قضايا عالقة، إذ أوردت وسائل إعلام مختلفة أن المفاوضات الأخيرة بين "قسد" والنظام، برعاية موسكو، شهدت طرحاً روسياً بضم "قسد" لقوات النظام، الأمر الذي أحدث لغطاً ولا يزال محط تكهنات حول تفاصيله ومدى دقته.

وأكدت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن وفداً من حزب "الاتحاد الديمقراطي" زار دمشق لـ"إجراء مفاوضات جديدة مع النظام السوري"، مشيرة إلى أن هذه المفاوضات "لم تحقق حتى اللحظة أي نتائج". ومنذ عام 2018، يجري النظام و"الاتحاد الديمقراطي" جولات تفاوض تنتهي بالفشل الذي يعقبه تصعيد إعلامي، خصوصاً من قِبل النظام الذي يعتبر "قسد" أداة أميركية في الشمال الشرقي من سورية. ويبحث أكراد سورية عن مكاسب سياسية وعسكرية وثقافية في منطقة شرقي نهر الفرات، بينما يطالب النظام "قسد" بتسليمه منطقة شرقي نهر الفرات مقابل بعض المكاسب الثقافية، وهو ما ترفضه هذه القوات التي تدرك عجز النظام عن استعادة المنطقة عن طريق عمل عسكري في ظل الوجود الأميركي.

وفد من "الإدارة الذاتية" الكردية زار دمشق الأسبوع الماضي، لعقد مفاوضات مع مسؤولين من النظام

في المقابل، أشارت وسائل إعلامية مقربة من "قسد" إلى أن وفداً من "الإدارة الذاتية" الكردية زار دمشق الأسبوع الماضي، لعقد جولة مفاوضات مع مسؤولين من النظام، جرى خلالها التطرق إلى عدد من المواضيع الأمنية والخدمية وإطلاق سراح موقوفين من عناصر النظام عند "قسد". لكن الأبرز في ما تداولته تلك الوسائل، هو الإشارة إلى مقترح روسي يقضي بانضمام "قسد" إلى قوات النظام، وهو الذي حظي بموافقة مبدئية من قبل وفد "الإدارة الذاتية" إلى دمشق، وفق تلك الوسائل.

وحول تلك المفاوضات، قالت وكالة "سبوتنيك" الروسية، إن دمشق شهدت خلال الأيام القليلة الماضية، توافد عدد كبير من الوفود التي تمثل قيادة "قسد"، ووفود شعبية أخرى عشائرية وأكاديمية واجتماعية كردية وعربية من الجزيرة السورية. ونقلت عن مصادر أن "الوفود التي قدمت إلى دمشق، شاركت في إجراء لقاءات وحوارات وُصفت بالبناءة والإيجابية مع القيادات السورية بشقيها الأمني والحكومي، وهو ما اعتبره مراقبون نجاحاً مهماً للمساعي الروسية الحثيثة في هذا المضمار".

كذلك نقلت الوكالة عن مصدر عسكري سوري أن "القيادات الحكومية السورية استقبلت وفداً يمثل قيادة تنظيم قسد العسكرية، وليس كما يشاع بأنه ممثل فقط لما يسمى الإدارة الذاتية الكردية بجانبها المدني". وأكدت مصادر أخرى للوكالة أن "وفد قسد ضم في صفوفه، القيادية المعروفة إلهام أحمد، ومحمد العمر مسؤول ملف النفط والاقتصاد في التنظيم، مع أسماء أخرى لها مسؤوليات عسكرية، وقد عاد إلى محافظة الحسكة بعد التوصل إلى تفاهمات أولية مع الجانب الحكومي السوري برعاية روسية في دمشق"، مشيرة إلى أن "لقاءات دمشق استمرت أربعة أيام وسط جهود روسية، كان سبقها إجراء مفاوضات مع الجانب الروسي في قاعدة حميميم، وذلك بعد أيام من زيارة قيادي عسكري روسي رفيع المستوى إلى محافظة الحسكة ولقائه قائد "قسد" مظلوم عبدي، في ريف القامشلي". وأكدت أنه "تم الاتفاق على إطلاق مفاوضات قريبة جداً وعلنية في دمشق، سيقوم بها وفد كبير من "قسد" مع وجود ممثلين عن الإدارة الذاتية، لإكمال المحادثات للتوصل إلى حلول شبه نهائية لواقع الحال في المنطقة وبرعاية روسية".

وذكرت الوكالة كذلك أن "التفاهمات الأولية" بين الطرفين، أفضت إلى إطلاق سراح المعتقلين من مدنيين وعسكريين، وفك الحصار من قبل "قسد" على مناطق سيطرة النظام، ورفع علم النظام على الدوائر والمؤسسات الحكومية التي يديرها. لكن الوكالة لم تتطرق إلى أي مقترح روسي حول انضمام "قسد" إلى قوات النظام، ولا حتى التفاوض على هذه المسألة.

مسؤول كردي: لم يطرأ أي جديد على العلاقة مع النظام، وبعض المعلومات المنشورة غير دقيقة

وطلبت "العربي الجديد" توضيحات من قيادة "قسد" والمتحدثين الرسميين لديها، لتأكيد تلك المعلومات أو نفيها، لكن دون تلقي أي ردود في هذا الجانب. لكن صالح كدو، أحد أبرز المفاوضين في وفد أحزاب "الوحدة الوطنية" الكردية للحوار الكردي-الكردي، وسكرتير حزب "اليسار الديمقراطي" الكردي في سورية، أشار إلى أنه "لم يطرأ أي جديد على العلاقة مع النظام، وأن بعض المعلومات التي تنشر هنا وهناك عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم تكن دقيقة، وما زال النظام يتصرف بعقلية الماضي الذي لا يمكن أن يساعد في حل الأزمات العميقة". وأضاف كدو في حديث مع "العربي الجديد": "بالنسبة لما يشاع عن موافقة قسد من الانضمام إلى الجيش السوري، أعتقد أن هذه المعلومة تفتقر إلى المصداقية، وفي حال حدوث مثل هذا التطور لن يكون سرياً، لكنه في حقيقة الأمر لم يحدث حتى الآن، على الأقل حسب علمي".
ولم ينفِ كدو أو يؤكد وجود مقترح روسي بانضمام "قسد" لقوات النظام، لكنه أعلن أن المسألة لم تُطرح للتفاوض أو النقاش مع القيادات الكردية. ونقل تأكيدات الرئيسة المشتركة لـ"مجلس سورية الديمقراطية" إلهام أحمد بنفي أي حوار أو مفاوضات رسمية مع النظام في هذا الجانب.

من جهته، نفى مروان خليل، رئيس المكتب السياسي لـ"جيش الثوار"، وهو تحالف من فصائل عربية منضوية تحت مظلة "قسد"، "بشكل قاطع" المعلومات حول التفاوض أو قبول "قسد" الانضمام لقوات النظام، مشيراً في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن ما أوردته وسائل إعلام عن حصول اتفاق بوساطة روسية كما أشيع، يفتقر إلى المصداقية. وعما إذا كان هذا الطرح مقبولاً من جهتهم مستقبلاً، وفق شروط معينة، قال خليل: "نريد الوصول إلى سورية حرة ديمقراطية عبر الحل السلمي بما يتوافق مع القوانين والمبادئ الدولية حول القضية السورية، ومنفتحون تجاه أي حل يحفظ الحقوق للجميع وينهي شلال الدم المسال على الأرض السورية، لكن من دون التفريط بحقوق وتضحيات شعبنا".

وتبقى مسألة انضمام "قسد" لقوات النظام صعبة التحقيق على الرغم من تكرار طرحها، إذ يقف الدعم الأميركي للقوات الكردية حائلاً أمام حصولها بشكل قانوني، ولا سيما مع إصدار "قانون قيصر" الذي يفرض عقوبات مشددة بحق أي فرد أو جهة أو كيان أو دولة تتعامل بشكل أو بآخر مع النظام، اقتصادياً وعسكرياً. وكانت تصريحات سابقة لقيادات في "قسد" وفي "الإدارة الذاتية" وفي "مجلس سورية الديمقراطية"، الجناح المدني لـ"قسد"، صبّت جميعها على أن احتمالية انضمام الأخيرة لقوات النظام لن تكون إلا بعد تحقيق حل شامل والوصول إلى تسوية سياسية في البلاد.

قضايا وناس
التحديثات الحية
المساهمون