طالب حقوقيون في الأردن حكومة بلادهم بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية المشاركة في فعاليات مؤيدة للمقاومة الفلسطينية ومنددة بالاحتلال الإسرائيلي، داعين إلى عدم إعاقة أي فعاليات احتجاجية في هذا الإطار.
وكان حزب الوحدة الشعبية قد أعلن، أمس الجمعة، اعتقال الناشط خالد الناطور، مساء الخميس، فيما أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي اعتقال القيادي في الحزب، نعيم جعابو، نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، أثناء مشاركته في فعاليات مؤيدة للمقاومة ومناهضة للاحتلال.
ومنعت السلطات في الأردن أخيراً توجه ناشطين أردنيين إلى معبر الشيخ حسين تعبيراً عن رفضهم لعبور البضائع عبره إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ولم يتلق "العربي الجديد" رداً على طلبه بالحصول على تعليق من وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، مهند المبيضين.
من جهته، قال نائب رئيس لجنة الحريات في حزب جبهة العمل الإسلامي، الناشط الحقوقي عبد القادر الخطيب، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ "الاعتقالات منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، طاولت حوالي ألف شخص، وأُفرج عمّا يزيد على 90% منهم، لكن بقي عدد من المعتقلين الأمنيين والإداريين وآخرون لديهم قضايا ويجلسون في المحاكم".
وأوضح الخطيب أنّ "التظاهرات والفعاليات الاحتجاجية في الأردن ترتبط بالحرب على غزة والإبادة الجماعية التي تحصل فيها، ومن حق المواطن مطالبة الدولة بأن تتحرك، سواء لتقديم المساعدات أوالضغط على الدول المتعاونة مع الكيان المحتل، عبر العلاقات التي تمتلكها".
وأكد الخطيب أن تظاهرات الشباب والمسيرات الحاشدة التي تُنظم في مختلف محافظات المملكة "هي ورقة تستفيد منها الدولة للضغط على الغرب لوقف العدوان على غزة" وهي "ليست ضد الدولة وأمنها"، مشدداً على أنّ اعتقالات المشاركين غير قانونية.
وطالب الخطيب بالإفراج الفوري عن "كل الموقوفين على خلفية مشاركتهم في الفعاليات المناصرة لغزة باتهامات عديدة، منها تجمهر غير مشروع، ومقاومة رجال الأمن، وإثارة الشغب، وإلحاق الضرر بالممتلكات العامة، وإثارة النعرات وغيرها"، وحضّ الدولة على التعامل مع هذه الاحتجاجات بحكمة، خاصة أنّ هذه النشاطات مسموح بها قانوناً.
بدورها، قالت منسقة هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني "همم" الناشطة والمديرة التنفيذية لمركز "عدل"، هديل عبد العزيز، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مطالبة الأردنيين بمنع مرور الشاحنات التي تنقل البضائع إلى دولة الاحتلال وكل الفعاليات الداعية لوقف العدوان ودعم الأهل في غزة، دستورية ومشروعة، وكذلك الوسائل التي تتم الدعوة من خلالها هي وسائل سلمية مشروعة، ولا يوجد استخدام لوسائل العنف، وهي مطالبات سلمية ولا مبرر للاعتقالات".
وأضافت أنّ "منع هذه الفعاليات واعتقال من ينظمها أو يدعو إليها هو شكل من أشكال التعسف"، مشيرة إلى أنّ هذه الإجراءات "تتعارض مع حقوق الرأي والتعبير، وتسيء إلى صورة الأردن الديمقراطية، وتعبّر عن عدم انسجام بين توجهات الشعب ومواقف الحكومة، رغم أنّ موقف الدولة الأردنية وجهودها تنصب على وقف العدوان على غزة وتقديم المساعدات لأهل غزة من منظور قومي عربي وإنساني".
وأشارت إلى أنّ استخدام قانون الجرائم الإلكترونية "بنصوصه الفضفاضة لتقييد الحريات والحق بالتعبير غير مقبول"، مشيرة إلى أنّ هيئة تنسيق مؤسسات المجتمع المدني "همم" تتابع قضايا التوقيف بشكل عام، لكن لا يوجد لديها رقم للموقوفين.
وقالت عبد العزيز إنّ "الكثير من التوصيات الدولية التي قدمت خلال الاستعراض الدوري الشامل الرابع لحقوق الإنسان في الأردن في جنيف الشهر الماضي ركّزت على حرية التعبير، ولكن الأهم أن حرية التعبير مضمونة وفق الدستور الأردني".
الحكومة: حرية التعبير مضمونة في الأردن
وفي تصريحات سابقة قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، مهند المبيضين، إنّ الحكومة الأردنية أكدت منذ اليوم الأول للحرب على غزة دورها في حماية حرية التعبير المصونة وفق القانون.
وأشار المبيضين إلى أنّ نحو مليون أردني خرجوا للتعبير عن مواقفهم الوطنية والتنديد بالحرب على غزة من خلال مسيرات ووقفات في جميع المحافظات "وكانوا على سوية عالية من الروح الوطنية والحفاظ على القانون والممتلكات العامة والخاصة"، مبيناً أنه جرى توقيف عدد محدود من الأشخاص الذين كانت لديهم مخططات لها انعكاسات على الأمن الوطني، وليس لهم علاقة بالحالة التضامنية الشعبية والمسيرات التي تنظمها مختلف القوى السياسية.
أما رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة فقال، في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني، إنه لم يُعتقل أي شخص بسبب ممارسته الحق في التعبير السلمي، مشيراً إلى أن "من جرى اعتقالهم ولا يزالون معتقلين لا يتجاوز عددهم 24 شخصاً لأنهم اعتدوا على رجال الشرطة أو خربوا ممتلكات أو حاولوا إنتاج تجمّعات لا صلة لها بالتضامن مع غزة".
ونددت منظمة العفو الدولية، في 7 فبراير/ شباط الحالي، بما وصفته بـ"حملة القمع الواسعة" التي تشنها السلطات في الأردن منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي شملت اعتقال المئات بسبب تعبيرهم عن دعمهم لحقوق الفلسطينيين في غزة أو انتقادهم سياسات الحكومة تجاه تل أبيب.
بدورها قالت "هيومن رايتس ووتش"، في 6 فبراير الحالي، إن السلطات الأردنية اعتقلت وضايقت عشرات الأردنيين الذين شاركوا في احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جميع أنحاء البلاد أو شاركوا في المناصرة عبر الإنترنت منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ووجّهت إلى بعضهم اتهامات في إطار قانون الجرائم الإلكترونية الجديد الذي لاقى انتقادات واسعة.