الأردن: اعتراضات حزبية مبكرة على القانون الانتخابي

18 اغسطس 2021
لا اهتمام كبيراً من الأردنيين بالعمل السياسي (صلاح ملكاوي/الأناضول)
+ الخط -

ألقى توجّه اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن، لتخصيص 30 مقعداً للأحزاب من مقاعد مجلس النواب التي ستقترب من 130 وفق المقترحات، بظلال متشائمة على الآمال المعلّقة على اللجنة لخلق نقلة نوعية في الحياة السياسية الأردنية والاقتراب بشكل حقيقي من الحكومات البرلمانية، حتى أن هناك من اعتبر أن نسبة الأحزاب هي بمثابة "كوتا" غير مقبولة. وقبل أيام وجّهت مجموعة مكوّنة من 26 حزباً، رسالة احتجاج إلى رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، سمير الرفاعي، تطالبه بتوضيح حقيقة تخفيض نسبة مقاعد القائمة الحزبية في مجلس النواب، في القانون الانتخابي الذي يجري العمل على صياغته في الوقت الراهن. وقالت الأحزاب في الرسالة، "إنها كانت متفائلة بطرح تخصيص 40 إلى 50 في المائة من مقاعد مجلس النواب للقائمة الوطنية الحزبية، لكن تناهى إلى مسامعنا تخفيضها إلى نسبة 25 في المائة، وهذا لا يرقى إلى التطلع لبرلمان حزبي برامجي".

وقال أحد أعضاء لجنة اﻷحزاب في اللجنة الملكية، فضّل عدم ذكر اسمه بسبب الطلب منهم عدم التصريح للإعلام، لـ"العربي الجديد"، إن ما تسرب من اللجنة هو محاولة لجس النبض ومعرفة ردود الفعل، لكن لا شيء أقر حتى الآن، مشيراً إلى أن الحزبيين داخل اللجان لديهم انتقادات على المقترحات التي ترشح الآن، حول النسب والتدرج طويل المدى بالتطبيق للوصول إلى الحكومات البرلمانية.

العضايلة: ما رشح عن اللجنة حتى الآن لا يرقى إلى ما يطمح إليه الشعب الأردني والأحزاب السياسية

من جهته، اعتبر الأمين العام لحزب "جبهة العمل الإسلامي"، مراد العضايلة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن ما رشح عن اللجنة حتى الآن لا يرقى إلى ما يطمح إليه الشعب الأردني والأحزاب السياسية، لكنه أكد أن الحكم النهائي للحزب على مخرجات اللجنة سيكون مرتبطاً بالإعلان النهائي عنها وليس التسريبات الحالية.

ولفت إلى أن هناك أحزاباً طالبت بانتخاب 50 في المائة من مقاعد المجلس للقوائم الحزبية "الوطنية"، للخروج من النظام الفردي للانتخابات. وأضاف أن "القائمة النسبية المفتوحة أثبتت فشلها في الانتخابات السابقة ومزقت النسيج المجتمعي، وهي نموذج لا نريد العودة إليه، بسبب ما يعتريها من فجوات، خصوصاً ما يتعلق بطريقة احتساب المقاعد"، مشيراً إلى أن نظام احتساب المقاعد في القائمة النسبية المفتوحة مجحف لبعض القوائم، ويحرمها من الفوز بأكثر من مقعد في الدائرة الواحدة، حتى لو حصلت على عدد أصوات كبير.

وبحسب العضايلة، فإن المقترحات الحالية والتي جرى الكشف عنها من قِبل أعضاء في اللجنة، لا تصنع أقداماً لنظام ديمقراطي حقيقي، متسائلاً "هل المقترحات قادرة على إعادة الثقة بالعديد من مؤسسات الدولة التي فقد المواطنون الثقة بها، ومنها مؤسسات تشريعية وتنفيذية، في ظل حالة الاحتقان الداخلي الناتجة عن الوضع الاقتصادي والوضع الاجتماعي وانسداد الأفق السياسي، وهو الأمر الذي يتطلّب خطوات أوسع، لتمكين الحياة السياسية داخل البلاد".
وشدد العضايلة على ضرورة أن يشعر الناس بأنهم شركاء في القرار السياسي والاقتصادي، حتى يتحمّلوا المسؤولية، خصوصاً أنه ليس هناك أفق لحل المشاكل الاقتصادية، مضيفاً "إذا أردنا خلق حياة حزبية صحية، يجب أن تترافق أي تعديلات قانونية مع مناخ سياسي مناسب، من خلال عدم تدخّل السلطة التنفيذية والتضييق الأمني على الأحزاب"، لافتاً إلى أنه "حتى هذه اللحظة لا يوجد شعور بوجود خطوات حقيقية في هذا الاتجاه، ولا فائدة من وضع أفضل قانون انتخاب إذا لم يتوقف التدخّل في الانتخابات ونتائجها، خصوصاً عندما يترافق ذلك مع الضغط على الناس لعدم التحزب".

أما الأمينة العامة لحزب "أردن أقوى"، النائبة السابقة في مجلس النواب رلى الفرا، فقالت في حديثٍ مع "العربي الجديد" إن أي قانون يراد له النجاح يجب أن يخرج عن منطق المحاصصة، فقانون الانتخاب ليس كعكة يتم توزيعها على الفئات المختلفة، الديمغرافية والجغرافية والإثنية، معتبرة أن التفكير بتوزيع حصة للمرأة والفئات الاجتماعية وحتى للأحزاب ليس قانون انتخاب. ورأت أن التفكير يجب أن ينصبّ على شكل المجلس المقبل، ليكون مجلساً قوياً وفاعلاً ويحقق المخرجات التي يطمح لها الشعب وتحسن حياته على جميع الصعد. وبحسب الفرا، فإن المقترحات الحالية قد تكون مفيدة بتحسين صورة المجلس، ووصول بعض الشخصيات السياسية المقبولة إلى قبة البرلمان، لكنها لا تحمل تغييراً حقيقياً، فالعدد سيكون قليلاً ولا يؤثر على القرارات النهائية للمجلس، ليبقى التحسن شكلياً وغير جوهري، فالتغيير الحقيقي يرتبط بكتل تملك قرارها، وتحقق الوعود التي تقدّمها للناخبين. وتساءلت: "كوتا بعدد 30 مقعداً للأحزاب، لا تزيد عن ربع عدد أعضاء المجلس، ماذا تختلف عن 27 مقعداً للقائمة الوطنية التي كانت عام 2012، أم هو فقط تغيير اسمي من قائمة عامة إلى قائمة حزبية؟". ولفتت إلى أن العتبة الانتخابية غير واضحة، فهل ستكون 3 في المائة، وفي حال عدم وضع عتبة فربما يحصل أكبر حزب على ثلاثة مقاعد أو مقعدين، فيما الأحزاب الأخرى ستحصل على مقعد.

الفرا: الحديث عن الوصول إلى الحكومة البرلمانية خلال 10 إلى 20 عاماً يجعل الجميع يفقد الأمل بالإصلاح الحقيقي

وأوضحت الفرا أنه إذا جرى الاتفاق على توزيع المقاعد الثلاثين على أعلى ثلاثة أحزاب حصولاً على الأصوات، يمكن الحديث عن تكوين كتل حزبية وذلك أيضاً عبر التكتل مع النواب المستقلين، لكن إذا توزعت المقاعد على عدد كبير من الأحزاب سيبقى الحال كما هو عليه. واعتبرت أن الحديث عن الوصول إلى الحكومة البرلمانية خلال 10 إلى 20 عاماً يجعل الجميع يفقد الأمل بالإصلاح الحقيقي، مؤكدة أن الأحزاب تحتاج إلى قرار سياسي واضح يسمح لها بالعمل بحرية، ورفع العقوبات وتغيير الإجراءات التي تحول دون حصول البعض على حقوقهم بالتعيين، خصوصاً في الجيش والأجهزة الأمنية، بسبب انتمائهم الحزبي أو انتماء أحد أقاربهم، وعدم التضييق على الطلبة في الجامعات، وهذا يتطلّب قراراً سياسياً وتعديل أنظمة الجامعات. ووصفت نظام العمل الحزبي في الأردن بالفاشل، فلا أحد يصدّق أن الحكومة تريد أحزاباً، متسائلة "لماذا إذاً لا تُشكّل حكومة حزبية ونحن خلال السنوات الأخيرة جربنا جميع أنواع الحكومات".

المساهمون