اقتحام الكونغرس: مخططات اليمين المتطرف ودور نظريات المؤامرة

فيما لا يزال الكونغرس الأميركي منقسماً حول "جنس الملائكة"، ويُؤخذ عليه بحسب المتابعين، وفي الإعلام الأميركي، عدم القدرة على التعاطي "وطنياً" مع أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2021، المتمثلة باقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب مقر الكونغرس في واشنطن، لعرقلة المصادقة على فوز جو بايدن بانتخابات الرئاسة، يتجه القضاء الأميركي إلى تشديد الإدانات التي تصدر تباعاً بحق حوالي 400 شخص اعتقلوا إثر الحادثة. ويرجح أن يدان الكثير من المتورطين الذين رفعت وزارة العدل بالفعل دعاوى بحقّهم، بتهمة التحريض على الفتنة. وقلما ذهبت وزارة العدل الأميركية في تاريخ البلاد إلى استدعاء تهمة التحريض على الفتنة، بحق مواطنين. ولكن، كما ذكر موقع "لو فير بلوغ" في 20 يناير الماضي، فإن "ذهاب الوزارة لإدانة مشاغبي يناير 2021 بالعمل على إحداث فتنة، أو توجيه أي تهمة سياسية أخرى إليهم، سيبعث بالرسالة الأقوى حول خطورة التصرف الذي وقع". وبالفعل، فقد أكد المدعي العام بالوكالة عن مقاطعة كولومبيا (منطقة واشنطن) مايكل شيروين، في مقابلة لبرنامج "60 دقيقة" على قناة "سي بي أس"، وبثّت أول من أمس الأحد، أن "الأدلة بلغت العتبة التي تسمح بإدانة بعض المتهمين بالتحريض على الفتنة". ويمثل "التآمر لإحداث فتنة" جريمة بموجب القانون الأميركي. ويقول البند 2384 من القانون رقم 18، إن الأشخاص الذين يتآمرون لمعارضة السلطات بالقوة أو يستخدمون القوة لعرقلة أو منع أو تأخير تنفيذ قانون للولايات المتحدة، أو يستخدمون القوة لاحتلال أو السيطرة على أي مقر ملك للدولة، يمكن إدانتهم بهذه التهمة، ويجب الحكم عليهم بالغرامة أو السجن ليس أكثر من 20 عاماً، أو الاثنين معاً.

تصل عقوبة الإدانة بالتحريض على الفتنة إلى 20 عاماً في السجن

وكان شيروين أكد في يناير الماضي إثر أحداث الكابيتول، أن مكتبه "قد شكّل قوة ضاربة... حيث إن أوامرها النافذة مني هي لبناء اتهامات بالفتنة، تتعلق بأشد الأفعال شناعة التي حصلت في الكابيتول". ولفت شيروين أول من أمس، إلى أنه يملك من الأدلة ما يثبت على الأرجح هذه التهمة. وقال "أنا أعتقد شخصياً أن الأدلة تتجه نحو ذلك، وتتوافق على الأرجح مع هذه العناصر. أعتقد أن الوقائع تدعم هذه الاتهامات، وأنه كلما مضينا قدماً، فإن وقائع إضافية ستدعم ذلك".

سوشيال ميديا

التحديثات الحية

ترامب يعتزم إطلاق منصته للتواصل الاجتماعي

وأوضح شيروين في مقابلته، أنه كان شهد على الحدث الدامي بتفاصيله منذ أن تسلل لمراقبة الحشود المؤيدة لترامب، والتي تجمعت في ذلك اليوم أمام البيت الأبيض في إطار حراك "أوقفوا سرقة" انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وقال: "لاحظت وجود أناس في ألبسة تكتيكية. كانوا يضعون الخوذ العسكرية، ويرتدون سترات كفلار (العسكرية)"، مضيفاً أن "هؤلاء الأشخاص غادروا التجمع باكراً". وأكد أن وزارة العدل دانت حتى الآن أكثر من 400 شخص، من بينهم المئات بتهمة الاعتداء على الممتلكات العامة وعلى ضباط في قوى الأمن، منهم الضابط في شرطة الكابيتول بريان سيكنيك الذي توفي في المواجهات مع المشاغبين. وكان سيكنيك وضابطان آخران قد تعرضوا للرش بمادة كيميائية، لكن الفحص الطبي لم يثبت سبب وفاته. وأوضح شيروين أنه لهذا السبب، فإن اثنين من المتورطين جرى اتهامهما بالاعتداء عوضاً عن تنفيذ جريمة قتل، لافتاً إلى أن حوالي 10 في المائة فقط من التوقيفات تعاطت مع مخططات تآمر أكثر جدية، ونفذتها مجموعات من اليمين المتطرف، منها "حافظو القسم" و"براود بويز" و"جماعة الثلاثة في المائة" (ثري برسنترز). كما أعاد التأكيد أن المدعين العامين يحققون في سلوك ترامب، لافتاً إلى أن الأخير "من دون شك كان المغناطيس الذي جذب هؤلاء، لكن السؤال هو ما إذا كان مسؤولاً جنائياً عمّا حصل. لدينا أشخاص يتابعون ذلك".
وكانت وزارة العدل قد دانت بعض المتورطين بالاقتحام، بالتآمر لمنع المصادقة النهائية على فوز بايدن. وذكرت "واشنطن بوست" يوم الجمعة الماضي، أن المدعين العامين وجهوا اتهامات إلى 4 قياديين في جماعة "براود بويز" اليمينية المتطرفة، في 4 ولايات، بالتآمر لسحق الشرطة وعرقلة عمل الكونغرس، كاشفة بحسب نص الاتهام عن محادثات مشفرة جديدة حصلت بين هؤلاء، ومن بينهم "متآمر غير مدان" وموقوفَان جديدان. وبحسب النص، فإن "زاخ ريل (بنسلفانيا) وتشارلز دونوهو (نيويورك) هما من بين 60 آخرين تواصلوا عبر قناة مشفرة (أقدام على الأرض)، وناقشوا هدف أحد المتهمين على الأقل بالمضي" في خطة الاقتحام. وحصل التواصل في 5 يناير.

لا يزال التحقيق جارياً في دور ترامب بأحداث الكابيتول

هذا الموضوع الذي يمسّ بالأمن القومي الأميركي من الداخل، لا يزال قيد المتابعة من كافة الوكالات المعنية. وفي هذا الإطار، سلّطت "واشنطن بوست"، أمس، الضوء، على نظريات المؤامرة التي تتغذى منها بعض جماعات اليمين المتطرف، من الذين يؤمنون بدور ترامب في تحقيق انقلابهم على المنظومة السياسية الحاكمة. ومن ذلك، ما تمّ رصده في مدينة دالاس بولاية تكساس، حيث تمّ توجيه الاتهام إلى 19 شخصاً بتهم مرتبطة بأحداث 6 يناير، وهو أعلى عدد من الاتهامات في منطقة واحدة، مرتبط بالاقتحام. وبحسب مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" في الولاية، فإن "العديد من المشاغبين يأتون من التيار المجتمعي الغالب، بمن فيهم 3 عملاء في قطاع العقارات، وكولونيل متقاعد في القوات الجوية، وعامل في قطاع النفط، وممثل، وقد دفعوا بخليط من الإحباطات، ومنها الغضب من الانتخابات الرئاسية، وأيديولوجية التفوق الأبيض، وأيديولوجية جماعة كيو أنون المزعومة بأن ترامب سينقذ العالم من المتورطين (في واشنطن) بالاتجار بالجنس مع الأطفال". هذه النظريات، يغذيها أيضاً السياسيون المحافظون وطائفة كبيرة من الكنائس الإنجيلية، التي تلتقي تعليماتها مع تأجيج "القومية البيضاء".
ويجعل كلّ ذلك الطبقة السياسية غير بريئة من أحداث الكابيتول. فوسط الانقسام العميق بين الجمهوريين والديمقراطيين، لا يزال أعضاء الكونغرس مختلفين حول إنشاء لجنة تحقيق خاصة بالحادثة، شبيهة بتلك التي أنشئت إثر أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001. في الأثناء، أكدت رئيسة مجلس الشيوخ في ولاية أريزونا، كارين فان، أن المجلس سيعيد فرز أصوات الانتخابات في الولاية يدوياً بذريعة التدقيق وإعادة الثقة في العملية الانتخابية.

لايف ستايل

التحديثات الحية

"ريكي" الغامض... من وقّع استلام شكوى ضد دونالد ترامب؟