انطلقت، اليوم الأربعاء، في تونس، أعمال اليوم الثالث من الحوار السياسي الليبي، بأجواء أقل تفاؤلاً من اليومين السابقين، بسبب الخلافات المتوقعة في الحوار من ناحية، ونبأ اغتيال المحامية حنان البرعصي من ناحية أخرى.
وأدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مقتل المحامية حنان البرعصي، التي اغتيلت يوم أمس الثلاثاء، في وضح النهار، في بنغازي على يد مسلحين مجهولين.
وقالت البعثة، في بيان لها، إن” السيدة البرعصي كانت من أشد المجاهرين بانتقاد الفساد وإساءة استخدام السلطة وانتهاكات حقوق الإنسان"، مشيرة إلى أن عملية الاغتيال للبرعصي تدل على التهديدات التي تواجهها المرأة الليبية التي تتجرأ على المجاهرة برأيها.
وأفادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بأنها علمت بقرار السلطات المختصة في الحكومة الليبية بالشروع في تحقيق سريع وشامل في مقتلها، داعية إلى تقديم الجناة على الفور إلى العدالة.
وأضافت البعثة الأممية "ويعد مقتل السيدة البرعصي تذكيراً قوياً لمن في موقع المسؤولية من الليبيين بضرورة وضع خلافاتهم جانباً والتوصل بسرعة إلى حل شامل للأزمة التي طال أمدها من أجل استعادة العدالة والمساءلة وإنهاء الحالة السائدة المتسمة بالإفلات من العقاب".
وتتزايد المخاوف من أن يزيد اغتيال البرعصي، بعد يوم من تهديدها نجل الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، صدّام، من الخلافات بين المتحاورين، وأن يشكل هذا الاغتيال تشويشاً وإرباكاً للعمل الحوار السياسي في تونس وعمل اللجنة العسكرية في سرت، ومحاولة لخلط الأوراق من جديد.
وانتهت الجلسة الثانية من اليوم الثاني لملتقى الحوار السياسي، أمس الثلاثاء، بالاتفاق على تأجيل النقاش في صلاحيات المجلس الرئاسي والحكومة إلى جلسة اليوم الأربعاء.
وتعقد لجنة إعادة صياغة وثيقة البرنامج السياسي اليوم اجتماعاً لوضع الصياغة النهائية للوثيقة. ونقلت مصادر ليبية أن اللجنة تتكون من (زياد دغيم، محمد بوسنينة، محمد تكالة، عمر بوليفة، عبدالله عثمان، عمر تنتوش، جازية شعيتير، معاذ المنفوخ).
ولليوم الثاني على التوالي، تلغي البعثة الأممية الموجز الإعلامي المسائي المقرر، لتقديم أهم نتائج الحوار اليومي، بما يؤكد عدم التوصل إلى تقدم ملموس حتى الآن، وبروز خلافات كثيرة، من بينها مسودة الوثيقة السياسية المطروحة التي تجرى إعادة النظر فيها، والخلاف حول تشكيل اللجنة المذكورة.
وكشفت نقاشات أمس الثلاثاء عن وجود تباين بخصوص توزيع المسؤوليات بين المجلس الرئاسي والحكومة، وبين من يمنح المجلس صلاحيات شرفية محدودة والحكومة صلاحيات سياسية واسعة، وبين من يرى عكس ذلك أن تكون الحكومة تقنية تنموية والمجلس الرئاسي سيادياً بصلاحيات واسعة، وهو ما يعني أن هناك خلافاً حول جوهر الحكم وتوزيع الصلاحيات بين رأسي السلطة التنفيذية برغم أنها مرحلة انتقالية، سيحسم تفاصيلها الدستور الذي سيحدد نظام الحكم بشكل نهائي.
وتتزايد الشكوك أمام هذه الخلافات في قدرة البعثة الأممية والمشاركين على استكمال كل النقاط التي يتضمنها الحوار فيما تبقى من أيام، أي قبل يوم السبت المقبل، مع هذا الإيقاع البطيء، والمتوقع، لتقدم الحوارات حول ملفات خلافية كبرى بين مكونات المجتمع الليبي، خصوصاً أن البعثة وضعت شرطاً أساسياً يقضي بعدم اعتماد أي اتفاق إلا إذا حظي بموافقة غالبية الحاضرين.
وأكدت في البند الثاني من مبادئ الحوار أنه "سيتم اتخاذ القرارات بشكل جماعي ولن يتم اعتماد أي قرار نهائياً حتى يتم التوافق عليه من غالبية أعضاء الحوار السياسي الليبي".
ومع صعوبة الحوار ودخوله مرحلة دقيقة، وأمام ضيق الفترة الزمنية المتبقية، بدأت بعض الأطراف تتحدث عن احتمال التمديد في الفترة الزمنية للحوار السياسي في تونس لفترة أخرى إلى غاية استكمال النقاشات والتوصل إلى توافقات.
ويرتبط هذا بقبول الهيئة المشرفة، البعثة الأممية، والبلد المستضيف، تونس، التي أعرب رئيسها ،قيس سعيد، عن استعداده لبذل مزيد من الجهود أجل إنجاح هذا المسار.
وقال مصدر في الرئاسة التونسية لـ"العربي الجديد" إن "تمديد مدة الحوار السياسي الليبي في تونس من مهام البعثة الأممية ولا تتدخل فيه تونس، وإذا رأت البعثة أن ذلك من مصلحة الحوار من أجل تحقيق نتائج، فإن تونس ليس لديها أي مانع".