أوقفت الشرطة الروسية، السبت، نحو مائتي شخص، بين نشطاء سياسيين وأعضاء مجالس بلدية، خلال مشاركتهم في منتدى للمعارضة في موسكو، وذلك في وقت تقود السلطات حملة قمع مشددة ضد معارضي الكرملين، قبل أشهر من موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في سبتمبر/أيلول.
وتأتي عملية الدهم التي استهدفت مؤتمراً كانت تقيمه المعارضة تحضيراً للانتخابات البرلمانية، بعدما حُكم على أليكسي نافالني، أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالحبس عامين ونصف عام، وتوقيف أكثر من عشرة آلاف متظاهر في مختلف أنحاء البلاد.
وغالباً ما تعمد الشرطة الروسية إلى تفريق احتجاجات المعارضة، إلا أن توقيف أعضاء في المجالس البلدية خلال مؤتمر في موسكو خطوة غير مسبوقة.
وشاركت شخصيات من أكثر من خمسين منطقة روسية في المنتدى الذي عُقد في فندق في شمال موسكو، تحضيراً للانتخابات الإقليمية والمحلية المقررة في سبتمبر/أيلول، والذي أقامته منظمة "الديمقراطيون الموحّدون" المدعومة من المعارض ميخائيل خودوركوفسكي.
وبعد مرور نحو أربعين دقيقة على انطلاق المؤتمر نفّذت الشرطة عملية دهم واعتقلت عدداً من المشاركين.
وجاء في تغريدة أطلقها خودوركوفسكي "اعتُقل كل المشاركين في منتدى أعضاء البلديات في موسكو"، واصفاً الأمر بأنه "مخالف للدستور".
В Москве задержан ВЕСЬ форум муниципальных депутатов России! Более 100 депутатов муниципальных советов со всей страны.
— Ходорковский Михаил (@mich261213) March 13, 2021
Диктатура отбрасывает последние фиговые листочки..
Призываю депутатов представительных органов поддержать коллег и заявить о неконституционности таких действий! pic.twitter.com/FzlRRGO6eO
وبين المعتقلين شخصيات معارضة بارزة، على غرار إيليا ياشين، وفلاديمير كارا-مورزا، ويوليا غاليامينا، ويفغيني روزمان، وأندري بيفوفاروف. كما اعتُقل عدد من الصحافيين.
وجاء في تعليق نشره ياشين على فيسبوك "نهاية ذات رمزية كبيرة لمنتدى قصير الأمد: أعضاء مجالس بلدية في حافلات الشرطة، وشرطيون ملثّمون يلوون أذرع الناس".
من جهتها، أعلنت شرطة موسكو في بيان أنّ نحو مائتي شخص اعتُقلوا. وأوضحت أن مشاركين كثراً في المنتدى لم يضعوا كمامات، وأن بعضاً من الموقوفين أعضاء في منظمة سبق أن أعلِن أنّ عملها "غير مرغوب فيه".
وفي تصريح لوكالة فرانس برس من داخل مركز للشرطة، قال بيفوفاروف إن المشاركين في المنتدى اعتقلوا لأن السلطات تعتقد أن المؤتمر من تنظيم "روسيا المفتوحة"، وهي حركة أسسها خودوركوفسكي تعتبرها السلطات "منظمة غير مرغوب فيها".
وعلى غرار "روسيا المفتوحة"، تتبع منظمة "الديمقراطيون المتحدون" التي أقامت المنتدى، لخودوركوفسكي، وفق بيفوفاروف، الذي أشار إلى أن السلطات كانت تبحث على ما يبدو عن ذريعة لوقف منتدى المعارضة.
ومساء السبت، أفاد عدد من النشطاء الذين اعتقلوا بأنهم أطلق سراحهم بانتظار استدعائهم للمثول أمام المحكمة. وقال كارا مورزا إنه أُطلق سراحه، وإن تحقيقاً فتح بحق منظمة غير مرغوب فيها وأنشطتها.
وليل السبت، أطلق بيفوفاروف تغريدة قال فيها إن الشرطة أخبرته أنها تتعرّض لضغوط لقمع معارضي الكرملين. وقال بيفوفاروف: "الشرطيون يسخرون مما يفعلونه".
ودعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، السبت، إلى إنهاء "اضطهاد الأصوات المستقلة" في روسيا بعد اعتقال المشارك في المنتدى. وكتب بلينكن على تويتر: "نحن ندعو إلى وضع حد لاضطهاد الأصوات المستقلة".
Today, the Russian government detained almost 200 municipal leaders and politicians, including political activists Vladimir Kara-Murza and Yuliya Galyamina, on dubious grounds. We call for an end to the persecution of independent voices.
— Secretary Antony Blinken (@SecBlinken) March 14, 2021
ويقيم خودوركوفسكي في المنفى، وكان يملك شركة النفط العملاقة "يوكوس"، قبل إدانته في قضيتين مثيرتين للجدل وقضائه عشر سنوات في السجن.
واتّهم فريق نافالني السلطات بالسعي إلى ترهيب المعارضة قبل الانتخابات البرلمانية. وجاء في منشور للفريق على إنستغرام أن "سبب إلغاء المنتدى واضح: السلطات تخشى أي منافسة خلال الانتخابات وتُرهب معارضيها". وأضاف: "إن شعبية روسيا الموحدة (الحزب الحاكم) في أدنى مستوياتها، وسيصبح الفوز في الانتخابات، ولو تم تزويرها، أكثر صعوبة".
وجاء في تغريدة أطلقها كيريل مارتينوف، المحرر السياسي في صحيفة "نوفايا غازيتا"، أبرز الصحف الروسية المستقلة، أن "العمل السياسي في روسيا جريمة، بات الأمر رسمياً".
وقال المحلل السياسي سامي غالياموف إن المنتدى كان سيمر مرور الكرام لو لم تتدخّل قوات إنفاذ القانون الروسية. وكتب: "لا أحد يهتم فعلاً لموضوع الحكم المحلي"، مضيفاً أن المنتدى "بات الآن حدثاً سياسياً بالكامل".
(فرانس برس)