اعترافات المتهم بقتل الهاشمي: أسئلة حجبت أجوبتها السلطات العراقية

17 يوليو 2021
اغتيل الهاشمي في السادس من يوليو/تموز العام الماضي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

أثارت الاعترافات التي بثها التلفزيون الحكومي العراقي، مساء أمس الجمعة، للمتهم بقتل الباحث والخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي موجة جديدة من الأسئلة لدى الشارع بشأن إخفاء السلطات العراقية هوية الجهة التي ينتمي إليها القاتل والأشخاص الموجهين للعملية، والأفراد الآخرين الذين كانوا برفقة المتهم الأول، والذي جرى تقديمه على أنه ضابط بوزارة الداخلية العراقية برتبة ملازم أول من دون ذكر أي تفاصيل أخرى.

وعدا عن ذكر اسم المنطقة التي قال المتهم إنه انطلق منها، وهي ضاحية (البو عيثة) جنوبي بغداد، أحد أبرز معاقل مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية، حيث تستولي على مزارع ومنازل منذ سنوات تعود لمواطنين وأخرى حكومية وتتخذها مقار لها، فإن المتهم نفسه لم يدلِ بأي تفاصيل مهمة تتعلق بدوافع قتل الهاشمي والجهات التي تقف خلفه، والأشخاص الآخرين الذين كانوا برفقته.

واليوم السبت، أكد مسؤول أمني رفيع في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن "بث الاعترافات بهذه الصيغة وحجب معلومات أخرى، يهدف لعدم إثارة أزمة سياسية أو حتى أمنية في البلاد"، كاشفا عن إبلاغ "قيادات بارزة في الحشد الشعبي وقوى سياسية شيعية بتفاصيل الجريمة بالكامل قبل الإعلان الرسمي عنها". وأضاف أن "حجب اسم الجهة المسلّحة التي تقف خلف قتل الهاشمي جاء لاعتبارات تتعلق بالوضع الأمني ولتجنب إثارة أزمة جديدة، إذ إن القاتل وأربعة آخرين معه، اثنان منهم هربا خارج العراق، يعملون لصالح فصيل مسلّح يوصف بأنه متطرف عقائدياً، وينضوي ضمن "الحشد الشعبي"، وأكد خلال إفادته أن قتل الراحل هشام الهاشمي جاء بتوجيه من قيادات كبيرة في هذا الفصيل".

وأكد أن العملية كشفت عن معلومات مهمة حول ارتباطات منتسبين وضباط بوزارة الداخلية بفصائل مسلّحة يعملون لمصلحتها، بعضهم جُنّد والآخرون متعاونون بفعل دوافع أيديولوجية دينية، وهناك جهد ضخم من قبل الحكومة لإقصائهم من الوزارة وتنظيفها، لكن المهمة صعبة وما زالت في بدايتها، إذ إن الوزارة تعرضت لعمليات اختراق كبيرة في مختلف مفاصلها من قبل عدة فصائل مسلّحة خلال السنوات السابقة، وخصوصاً زمن حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي".

وبحسب المسؤول العراقي ذاته، فإن القاتل ذكر في اعترافاته أسماء أخرى وشخصيات كثيرة، ولاعتبارات تتعلق بالوضع الأمني الحساس في البلاد، جرى اختيار حجبها عن الإعلان، وهو أساساً مطلب قوى سياسية، والاكتفاء بعرض القاتل، وهناك تبعات وتفاصيل أخرى سيكشف عنها لاحقاً".

وكان الهاشمي قد اغتيل في السادس من يوليو/تموز العام الماضي في هجوم مسلّح قرب منزله في حي زيونة ببغداد، بعد خروجه من مقابلة تلفزيونية انتقد فيها أنشطة الجماعات المسلّحة المسؤولة عن إطلاق الصواريخ ومهاجمة البعثات الدبلوماسية في المنطقة الخضراء ببغداد، واصفاً إياها بـ"قوى اللا دولة"، وشكلت الحادثة صدمة لدى الأوساط الأكاديمية والسياسية والشعبية العراقية وحتى الدولية على حدّ سواء.

واليوم الأحد، أعلنت قبيلة كنانة في العراق، التي ينتمي إليها المتهم المدعو أحمد الكناني براءتها منه، وقال أمير قبيلة كنانة عدنان الدنبوس، في بيان له: "باسمي ونيابة عن قبيلة كنانة، نعلن البراءة وشجب واستنكار هذا الفعل من المجرم القاتل المدعو أحمد حمداوي عويد معارج، المدان بارتكابه عملية اغتيال الشهيد هشام الهاشمي". وأضاف "نعلنها بصراحة وبدون تردّد من قول كلمة الحق، (كنانة لا يمثلها القتلة والمجرمون)، ونطالب السلطات التنفيذية والقضائية بإنزال أشد العقوبات والقصاص العادل من هذا المجرم ومن خطط له، أمام الشعب وبمكان ارتكابه الجريمة النكراء"، وختم بالقول، إن "القانون فوق الجميع".

وفي اعترافاته، سرد المتهم بقتل الهاشمي تفاصيل عملية الاغتيال، من دون التطرق لصالح من يعمل والشخص الذي قال إنه وزع عليهم الأدوار وسلمهم تفاصيل الهجوم على الضحية وتوقيتات ذلك.

والمتهم هو أحمد حمداوي عويد معارج الكناني، ضابط برتبة ملازم أول في وزارة الداخلية، وفق الاعترافات التي بثتها القناة الرسمية العراقية.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية انتقادات حادة للحكومة، بشأن ما اعتبروه خوفها من ذكر اسم المليشيا والشخص المتورط، وحملت تغريدات العراقيين عبر موقع "تويتر"، عدة أسئلة في هذا الإطار.

ووجه عضو البرلمان العراقي ونائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية العراقية، ظافر العاني، انتقادات لاذعة لطريقة الإعلان والأسئلة التي لم تجد أجوبة، قائلاً: "اعترافات قاتل هشام الهاشمي لطخت سمعة وزارة الداخلية العراقية من أجل الحفاظ على سمعة المليشيات التي ينتمي لها هذا المجرم". وأضاف "ما زال السؤال بلا إجابة: من قتل هشام الهاشمي؟".

وقال الخبير بالشأن العراقي شاهو القره داغي، إن من حق الجميع أن يعرف الجهات المتورطة في عملية اغتيال الشهيد هشام الهاشمي والكشف عن الحقائق كما هي. مليشيات، أو فصائل، أو مجاميع، أو عصابات مسلحة، أو أي جهة كانت".

 
المساهمون