استمع إلى الملخص
- **دور إيران والنظام السوري**: الهجوم مدعوم من قوات النظام والمليشيات الإيرانية، بهدف زعزعة الاستقرار واستغلال تقصير "قسد" في خدمة المنطقة، بقيادة هاشم السطام.
- **إجراءات "قسد" وحظر التجول**: فرضت "قسد" حظر تجول كلي واستقدمت تعزيزات عسكرية لمواجهة الهجوم، مؤكدة فشله بفضل مقاومة قواتها ووعي الأهالي.
دفعت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بتعزيزات كبيرة إلى ريف دير الزور الشمالي الشرقي لمواجهة هجوم واسع شنّه مسلحون محليون مناهضون لهذه القوات، مدعومين من إيران، انطلاقا من مناطق سيطرة النظام السوري، في تطور لافت للصراع الدائر بين الجانبين منذ العام الماضي. وذكرت شبكات إخبارية محلية أن من يُعرفون بـ"مسلحي العشائر"، شنّوا فجر أمس الأربعاء، هجوماً واسع النطاق بالأسـلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، انطلاقاً من مناطق سيطرة النظام، على نقاط عسكرية تابعة لـ"قسد" في بلدتي ذيبان والحوايج شرقي دير الزور.
جولة مواجهات بين "قسد" والعشائر
وذكرت شبكة "نهر ميديا"، أن "قسد" قصفت بلدة الطيبة في محيط مدينة الميادين على الضفة الأخرى من نهر الفرات بقذائف الهاون من مواقعها في بلدة الحوايج، ردّاً على الهجوم الذي استهدف مواقعها في بلدة ذيبان فجر الأربعاء. وفي السياق، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن ثلاثة مدنيين قتلوا "في بلدات ذيبان وحوايج وغرانيج، كحصيلة أولية لهجوم مسلحين محليين موالين لإيران استهدفوا مناطق سيطرة "قسد" على ضفة نهر الفرات في ريف دير الزور"، مشيراً إلى إصابة 15 شخصاً في بلدات ذيبان وحي اللطوة وغرانيج والصبحة، تمّ نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج. وأكد مقتل ثلاثة مسلحين محليين في الاشتباكات مع "قسد" في بلدة ذيبان شرقي دير الزور. كما قال المرصد إن اشتباكات عنيفة دارت بين قوات مجلسي دير الزور وهجين العسكريين التابعين لـ"قسد" من جهة، والمجموعات المهاجمة من جهة أخرى في محيط قرى ذيبان واللطوة وأبو حمام، مشيراً إلى أن خريطة السيطرة الميدانية لم تتغير نتيجة الهجوم.
فراس علاوي: الجانب الإيراني يريد خلط الأوراق في سورية والعراق
في الأثناء، دفعت "قسد" بتعزيزات تضم دبابات وعربات مصفحة، من الحسكة إلى بلدات ومدن ريف دير الزور التابعة لها شمال نهر الفرات، لمواجهة هذا الهجوم الذي تؤكد مصادر محلية أنه جاء بدعم وإسناد من قوات النظام والمليشيات الإيرانية التي تسيطر على ريف دير الزور جنوب نهر الفرات. وقالت المصادر إن الاشتباكات توقفت بشكل كامل تقريباً، ظهر الأربعاء، بالتزامن مع تحليق مكثف لطيران التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة.
حظر تجول حتى إشعار آخر
وفرضت "قسد" الأربعاء، حظر تجول كلّياً في ريف دير الزور "حتى إشعار آخر"، مشيرة في بيان إلى أن هذا الإجراء جاء "نتيجة لمحاولة بعض المجموعات المسلحة الموالية للجهات المعادية زعزعة الأمن وإثارة الفوضى". وأكد مدير المركز الإعلامي لـ"قسد" فرهاد شامي، في بيان، أن "هجوم دير الزور فشل في تحقيق أهدافه"، مشيراً إلى أن الهجوم "نُفّذ بأوامر من حسام لوقا، رئيس جهاز الاستخبارات العامة" لدى النظام، وفق قوله. وأكد أن قوات النظام شاركت في الهجوم الذي "تسبب بتهجير السكان من طرفي ضفاف نهر الفرات في دير الزور"، مشيراً إلى أن "الهجوم فشل في تحقيق أهدافه نتيجة مقاومة قواتنا ووعي أهالي دير الزور". وأضاف: "خلال الساعات المقبلة، سيتم إنهاء الوضع الأمني في المنطقة".
وكان الصراع بدأ بين "قسد" وبعض عشائر دير الزور في منتصف العام الماضي، عقب اعتقال قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل، بتهم تتعلق بالفساد والتواصل مع النظام السوري. ويقود الحراك المناهض لـ"قسد" في ريف دير الزور شيخ قبيلة العكيدات، أكبر قبائل المنطقة، إبراهيم الهفل، الذي قال في بيان له الأربعاء، إن "جيش العشائر مستمر في قتاله لمليشيا قسد"، مشيراً إلى عدم تبعيته لأي جهة. بيد أن الوقائع ومصادر محلية مطلعة تؤكد أن الهفل زار العاصمة السورية دمشق أكثر من مرة، ولديه تنسيقاً كاملاً مع النظام والجانب الإيراني الذي يمده بالسلاح والذخيرة. وتُتهم "قسد" التي تشكل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي بتهميش العرب في منطقة خالية تماماً من أي حضور سكاني كردي.
وكانت "قسد" أحكمت سيطرتها على ريف دير الزور شمال نهر الفرات في الربع الأول من عام 2019، بعد القضاء على آخر جيب لتنظيم داعش في المنطقة وهو بلدة الباغوز. ويعد هذا الريف منطقة نفوذ للولايات المتحدة التي تحتفظ بقوات ضمن العديد من القواعد، لذا يُعتقد أن هذا الهجوم يأتي في سياق المناكفة المستمرة بين الأميركيين والإيرانيين في المنطقة.
النظام والإيرانيون يدعمون
وأكد الناشط الإعلامي أبو عمر البوكمالي الموجود في ريف دير الزور، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "ما يسمى جيش العشائر، قوات تابعة للنظام وتضم مسلحين من أبناء المنطقة"، مشيراً إلى أن الهجوم الذي نُفّذ فجر الأربعاء جاء بقيادة هاشم السطام (قيادي محلي تابع للجانب الإيراني). وأشار إلى أن النظام والإيرانيين "يستغلون تقصير قسد في خدمة المنطقة لتأليب الشارع ضدها"، مضيفاً أن "النظام يريد إيصال رسالة أن العشائر العربية ترفض قسد، وترغب في عودته إلا أن الواقع هو خلاف ذلك تماماً. الإيرانيون يستغلون حاجة الناس والظروف المعيشية الصعبة من أجل تجنيد شبان إلى جانبهم".
أبو عمر الكمالي: النظام والإيرانيون يستغلون تقصير قسد في خدمة المنطقة لتأليب الشارع ضدها
وتعليقا على الهجوم، رأى مدير مركز "الشرق نيوز"، فراس علاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الجانب الإيراني "يريد خلط الأوراق في سورية والعراق"، متوقعاً أن التصعيد "ربما لن يقتصر على دير الزور وقد ينتقل إلى القامشلي والحسكة". واعتبر أن "الهجوم جاء للاستعراض فقط ولم يحقق أي نتائج على الأرض".
وتشير المعطيات إلى أن "قسد" تخشى حدوث قلاقل في مدينتي الحسكة والقامشلي في أقصى الشمال الشرقي من البلاد اللتين فيهما مربعان أمنيان للنظام السوري، لذا عمدت الأربعاء إلى إغلاق الطرق عن المربعين، بالتزامن مع إغلاق الطريق المؤدي إلى مطار القامشلي أيضاً. واستقدمت وحدات أمنية خاصة تابعة لقوى الأمن الداخلي "الأسايش"، تعزيزات عسكرية تشمل أسلحة ثقيلة وعناصر إلى مدينة القامشلي، وانتشرت في محيط المربع الأمني كإجراء احترازي لمنع التوترات في المنطقة، وفق المرصد السوري. ويبدو أن "قسد" تخشى قيام مليشيا "الدفاع الوطني" التابعة للجانب الإيراني في الحسكة بأعمال من شأنها زعزعة الاستقرار في المحافظة، لتشتيت قدرات هذه القوات التي تتلقى دعماً واسعاً من التحالف الدولي ضد الإرهاب.