استياء مصري من نتنياهو: تراجَع عن وعود كبح بن غفير

08 يناير 2023
مصر أبلغت إسرائيل حرجها من خطوة بن غفير الاستفزازية (مصطفى الخروف/الأناضول)
+ الخط -

قالت مصادر دبلوماسية عربية مطلعة على ملف الوساطة التي تقوم بها مصر بين الفصائل الفلسطينية وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، إن القرارات الأخيرة التي صدرت عن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون السياسية والأمنية الخميس الماضي بفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية، "تسببت في تعقيد الموقف أكثر ما بين القاهرة وحكومة الاحتلال، وصعّبت من مهمة الوساطة التي تقوم بها مصر". وجاءت العقوبات الإسرائيلية بعد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يُطالب محكمة العدل الدولية بالنظر في مسألة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وعلّقت المصادر على الأنباء التي تحدثت عن رفض حركة "حماس" الاقتراح الذي قدّمه منسّق شؤون الأسرى والمفقودين السابق في حكومة الاحتلال، يارون بلوم، بواسطة مصر، لإنهاء قضية الأسرى والمفقودين، عشية الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قائلة إن ذلك "يعتبر مؤشراً قوياً على تأثر جهود الوساطة التي تقوم بها مصر بسبب تشكيل الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل".

حرجٌ مصري بعد اتصال السيسي ونتنياهو

وسيطرت حالة من الاستياء على الدائرة الرئاسية المصرية بسبب الحرج الذي سببته الحكومة الإسرائيلية الجديدة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أعقاب الاتصال الذي أجراه برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع بدء ولايته الجديدة، والذي قدم خلاله الرئيس المصري التهاني للحكومة.

مصر أبلغت إسرائيل حرجها من خطوة بن غفير الاستفزازية

وقد حدث الاستياء المصري، في أعقاب البيان الرسمي الصادر عن مؤسسة الرئاسة المصرية، والذي تناول تفاصيل الاتصال بين السيسي ونتنياهو الذي تمّ في 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. واستقر الرأي المصري على إعلان تفاصيل الاتصال بعدما قدّم نتنياهو للإدارة المصرية وعوداً بالحفاظ على التهدئة، ومنع المحاولة التي كان قد أعلن عنها وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير لاقتحام المسجد الأقصى، وهي الوعود التي تبددت بعد أن وطأت أقدام وزير الاحتلال باحات المسجد تحت حراسة مشددة من أجهزة الأمن الإسرائيلية صباح الثلاثاء الماضي.

وقال بيان للرئاسة المصرية إن السيسي هنّأ نتنياهو على توليه منصبه ونجاحه في تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وأكد "مواصلة مصر تحركاتها المكثفة في كافة الملفات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها جهود الحفاظ على التهدئة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، واستئناف المفاوضات بين الجانبين"، وفقاً للبيان. وشدّد السيسي على "ضرورة تجنب أي إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى توتر الأوضاع وتعقيد المشهد الإقليمي".

وعقب الاتصال، أفاد المتحدث باسم رئيس حكومة الاحتلال أوفير غندلمان، بأن السيسي ونتنياهو أعربا "عن رغبتهما في دفع العلاقات بين مصر وإسرائيل قدماً على جميع الأصعدة وفي مواصلة العمل، بما في ذلك إزاء التطورات التي وقعت أخيراً على الساحتين الدولية والإقليمية".

ووفقاً للمعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإنه بخلاف البيان الرسمي الصادر عن الخارجية المصرية والذي أكد موقف القاهرة الرافض لخطوة بن غفير، فإن الدائرة المعنية بملف العلاقات بين مصر وحكومة الاحتلال، أبلغت المسؤولين المعنيين في حكومة الاحتلال، استياء مصر الرسمي، جراء الحرج الذي تسببت فيه الخطوة للرئيس المصري، في الوقت الذي تقود فيه القاهرة جهوداً حثيثة مع الأردن، للعمل على مقترح لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى حركة "حماس".

وجاء الرد الإسرائيلي على الاستياء المصري، مبرراً فشل محاولات نتنياهو في كبح جماح وزير الأمن الداخلي في حكومته، باعتبارات متعلقة باستقرار الحكومة نظراً لطبيعة تركيبتها والتي أجازها الكنيست أخيراً، ليبدأ بها نتنياهو ولايته السادسة. وأكد المسؤولون المعنيون في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي للمسؤولين في الجانب المصري أن رئيس الحكومة الجديدة معني بالحفاظ على التوافق مع النظام المصري.

ولاية نتنياهو السادسة من منظور مصري

وبحسب مسؤول مصري سابق كان على اطلاع على ملف الوساطة المصرية بين حكومة الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، فإن الولاية السادسة لنتنياهو "لن تكون كسابقتها من الولايات، التي بدا فيها رئيس حكومة الاحتلال الحالية متشدداً"، مشيراً إلى أن نتنياهو "سيكون أكثر ميلاً لعدم التصعيد، لكنه في هذه المرة جاء على رأس حكومة هي الأكثر تطرفاً وتشدداً"، بحسب تعبير المسؤول المصري السابق الذي تحدث لـ" العربي الجديد" شريطة عدم ذكر اسمه.

القاهرة مصرّة على مواصلة دورها للحفاظ على التهدئة

وأعربت مصر في بيان رسمي صادر عن وزارة خارجيتها عن أسفها لاقتحام المسجد الأقصى، رافضة "أية إجراءات أحادية مخالفة للوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس".

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في البيان، من "التبعات السلبية لمثل هذه الإجراءات"، داعيةً إلى "ضبط النفس والتحلي بالمسؤولية والامتناع عن أية إجراءات من شأنها تأجيج الأوضاع". ورغم الاستياء المصري نتيجة الحرج الذي سببته حكومة الاحتلال للسيسي، إلا أن القاهرة مصرّة على مواصلة دورها الرامي للحفاظ على التهدئة ومنع التصعيد العسكري في قطاع غزة. وكانت "حماس" قد نقلت رسائل تحذير أخيراً، عبر الوسيط المصري، إلى حكومة الاحتلال، تحذر فيها من المساس بالمقدسات أو اقتحام الأقصى، مؤكدة أن تلك الخطوة "لن تمر مرور الكرام وسيكون لها ما بعدها"، وهي الرسائل التي نقلتها القاهرة بطبيعة الدور الذي تلعبه كوسيط.