استهداف 50 موظفاً بالحكومة الأميركية ببرامج تجسس في الخارج... وبايدن يتدخل

28 مارس 2023
عشرات المسؤولين لديهم أجهزة تم التأكد من اختراقها بواسطة برامج تجسس تجارية (Getty)
+ الخط -

كشف مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية، الاثنين، عن أن ما لا يقل عن 50 موظفاً حكومياً أميركياً في 10 دول على الأقل في الخارج استُهدفت هواتفهم المحمولة ببرامج تجسس تجارية، في وقت أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن، مرسوماً يحظر على كلّ الإدارات والوكالات الحكومية الأميركية استخدام برمجيات تجارية خبيثة.

وتوقع المسؤولون، الذين نقلت عنهم صحيفة "واشنطن بوست" دون ذكر اسمهم، أن يرتفع عدد الموظفين الذين استُهدِفوا.

وقال مسؤول كبير في الإدارة: "لقد أذهلنا الرقم"، وكشف أن عشرات المسؤولين الحكوميين، بعضهم من كبار المسؤولين، لديهم أجهزة ظهرت أو جرى التأكد من اختراقها بواسطة برامج تجسس تجارية.

ولم يحدد المسؤول برنامج الشركة الذي استُخدِم أو مَن نشر البرامج الضارة، موضحاً في هذا السياق: "كان لدينا حدس مبكر، عندما بدأنا هذه العملية التي يمكن أن تشكل (برامج التجسس) مثل التجسس المضاد ومخاطر أمنية... لقد أدركنا بشكل متزايد أن المخاطر الأمنية والاستخباراتية المضادة كانت عميقة".

وقال المسؤول إن الجهود مستمرة لتحديد المزيد من الأفراد المستهدفين، "ولا يمكننا استبعاد أنه سيكون هناك المزيد من الحالات".

وأشار المسؤول، الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته بموجب القواعد الأساسية التي وضعها البيت الأبيض، إلى أنه اتُّخِذت تدابير للتخفيف من المخاطر التي تشكلها الأدوات.

بايدن يمنع استخدام برمجيات تجارية تجسسية أو ضارّة

في غضون ذلك، أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن مرسوماً يحظر على كلّ الإدارات والوكالات الحكومية الأميركية استخدام برمجيات تجارية خبيثة، وفق ما أعلن البيت الأبيض الاثنين.

وقالت الرئاسة الأميركية في بيان نقلته "فرانس برس"، إنّ هذا المرسوم يحظر البرمجيات التي تشكّل "مخاطر كبيرة" على أمن الولايات المتّحدة، مشيرة إلى أنّ حكومات أجنبية عدّة تستخدم هذه البرمجيات "لتسهيل القمع والانتهاكات لحقوق الإنسان".

والبرمجيات التجسّسية أدوات مراقبة متطوّرة تتيح الوصول عن بُعد إلى أجهزة إلكترونية، خصوصاً الهواتف الذكية، من دون علم مستخدميها.

وتتيح هذه البرمجيات الاطّلاع على الأنشطة وعلى محتوى هذه الأجهزة، والتدخّل في تشغيلها.

وأشارت الرئاسة إلى أنّ "انتشار برمجيات تجسّسية خاصة يشكّل خطراً محدّداً ومتزايداً" بالنسبة إلى الولايات المتّحدة، وخصوصاً على صعيد "أمن الموظفين الأميركيين وأُسرهم".

وذكر البيت الأبيض أنّ "عدداً متزايداً من الحكومات الأجنبية حول العالم استخدمت هذه التكنولوجيا لغايات "قمع" و"ترهيب" ومراقبة "معارضين سياسيين" و"نشطاء وصحافيين".

ويندرج المرسوم الرئاسي في إطار النسخة الثانية من "القمة من أجل الديمقراطية"، وهو حدث افتراضي إلى حدّ كبير ينظّم بمبادرة من الولايات المتّحدة يفتتح الثلاثاء ويستمرّ ثلاثة أيام.

وكان ملف البرمجيات التجارية التجسّسية قد برز على الساحة، خصوصاً إثر ما انكشف من معلومات عن برنامج بيغاسوس الذي طوّرته شركة "ان اس او غروب" الإسرائيلية.

في أواخر عام 2021، حذرت شركة أبل ما يقرب من اثني عشر من موظفي السفارة الأميركية في أوغندا من أن أجهزة آيفون الخاصة بهم قد اختُرِقَت باستخدام بيغاسوس.

وفي يوليو/ تموز 2021 كشف تحقيق استقصائي أجرته وسائل إعلام عدة وجود قائمة بأسماء أكثر من 50 ألف فرد يشتبه في أنّهم تعرّضوا للمراقبة عبر بيغاسوس.

وأثارت هذه المعلومات سلسلة فضائح، وفي بعض الأحيان ملاحقات قضائية في بلدان عدة، ولا سيما إنشاء البرلمان الأوروبي لجنة تحقيق خاصة.

في الولايات المتحدة كشف مكتب التحقيقات الفدرالي لصحيفة غارديان أنه استحصل على "ترخيص محدود" من أجل "اختبار" بيغاسوس.

وأكّدت الشرطة الفدرالية الأميركية أنها لم تستخدم هذه الأداة في تحقيقات، وأنها كانت تريد قبل أي شيء آخر فهم طريقة عمل هذه البرمجية.

ويأتي الأمر التنفيذي لبايدن الاثنين، بعد أكثر من عام من وضع وزارة التجارة الأميركية شركة "ان اس او غروب" الإسرائيلية على قائمة سوداء تجارية تُعرف باسم قائمة الكيانات، وهي خطوة مهمة منعت تصدير أي أجهزة أو برامج من الولايات المتحدة إلى إن اس أو، ما أدى إلى اختناق مصدر حيوي للتكنولوجيا، وإرسال إشارة إلى المستثمرين المحتملين.

وحينها قالت الشركة إن سياساتها في مجال حقوق الإنسان "تستند إلى القيم الأميركية التي نشاركها بعمق"، وأنهت العقود عند اكتشاف إساءة الاستخدام.

لكن شركة "إن إس أو" غروب، مجرد واحدة مما يقول الخبراء إنها عشرات الشركات التي تنتج برامج تجسس، معظمها ليست كبيرة أو مشهورة، مثل إن إس أو.

نحو إنشاء حواجز حماية دولياً

ويرى جون سكوت رايلتون، الباحث البارز في "Citizen Lab" بجامعة تورنتو، وهي مجموعة أبحاث في مجال الأمن السيبراني، أن هذا الأمر التنفيذي الجديد لبايدن هو "خطوة مرحب بها نحو إنشاء حواجز حماية على المستوى الدولي".

وأضاف رايلتون، الذي عمل في العديد من التحقيقات في شركة بيغاسوس: "سيؤدي ذلك إلى تهدئة انتشار برامج التجسس العالمية من خلال إخطار الشركات والمستثمرين بأن الوقت ينفد لممارسات الأعمال التجارية".

والأمر الذي نشأ عن مراجعة للبيت الأبيض بدأت في أواخر صيف عام 2021، يمنع الوكالات الفيدرالية من استخدام برامج التجسس التجارية إذا استُخدِمَت لاختراق أو استهداف أجهزة أو أفراد تابعين للحكومة الأميركية، أو إذا استُخدِمَت لانتهاك حقوق الإنسان، مثل استهداف المنشقين.

ويُستثنى من برامج التجسس برامج قد تكون ضرورية لمساعدة الوكالات الأميركية على تطوير تدابير إلكترونية دفاعية أو اختبار إجراءات مضادة لهزيمة المتسللين.

المساهمون