أكّد نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الثلاثاء، استشهاد الأسير خضر عدنان (44 عاماً)، بعد خوضه إضراباً عن الطعام استمر 86 يوماً رفضاً لاعتقاله، فيما لم يصدر قرار بتسليم جثمانه حتى الآن، حسب ما أكد رئيس نادي الأسير قدورة فارس لـ"العربي الجديد".
وقال نادي الأسير، في بيان، إنّ الأسير خضر عدنان الذي اعتُقل في الخامس من فبراير/شباط الماضي، تعرّض لعملية اغتيال ممنهجة من قبل أجهزة الاحتلال، و"كان من الواضح من كافة التفاصيل التي مرت على مدار الفترة الماضية أنّ الاحتلال الإسرائيلي كان لديه قرار باغتياله".
ونعى نادي الأسير الشيخ عدنان، قائلًا: "اليوم نخسر قائداً حقيقياً، خاض على مدار السنوات الماضية وحتّى اليوم 6 إضرابات، وخلالها حمل صوت الأسرى إلى كل أرجاء العالم، وتمكّن في كل مرة من نيل حريّته، حتّى قرر الاحتلال في هذه المرة وبأدوات ممنهجة اغتياله عن سبق الإصرار".
رئيس نادي الأسير: قرار تسليم جثمان الشهيد خضر عدنان غير واضح
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، لـ"العربي الجديد"، إنّ مسألة تسليم أو احتجاز جثمان الشهيد الأسير خضر عدنان "غير واضحة حتى اللحظة"، حيث لا يوجد قرار بعدم تسليم جثمانه إلى الآن، لكن في المقابل لم يصدر قرار بتسليمه.
وأوضح فارس أنّ الأمر معلّق حالياً، ومرتبط بتعبيرات الاحتلال بدراسة الأمر وتقدير الموقف، مشيراً إلى أنّ التحركات الفلسطينية ستكون بعد معرفة القرار.
وعدنان أسير موقوف وصدرت بحقه لائحة اتهام، لكن لم يصدر بحقه قرار من المحكمة بالإدانة حول تلك التهم.
وحول ذلك يؤكد فارس أن لا معايير لدى الاحتلال تحكم مثل هذه الحالة، حيث كان سبق له احتجاز جثمان الشهيد الأسير ناصر طقاطقة، والذي استشهد في مرحلة تسبق مرحلة خضر عدنان بالاعتقال، وهي مرحلة التحقيق، ولم تصدر بحقه لائحة اتهام، ولم يقدم اعترافات خلال التحقيق، ولم يكن عند أي من التنظيمات في السجون، ولم تتحدث إسرائيل عن التهم الموجهة إليه.
وأضاف فارس: "لذلك نحن نستغرب لماذا يحتجز جثمانه".
وأكد رئيس نادي الأسير أنّ مثل هذا القرار باحتجاز الجثامين يتخذ منذ سنوات من وزراء جيش الاحتلال بشكل مباشر، حيث اتخذ آخر خمسة وزراء جيش مثل هذه القرارات؛ وهم بني غانتس وبنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان ونفتالي بينت وموشيه يعلون، ووقعوا على القرارات، والسبب في ذلك وجود جنود أسرى لدى المقاومة في قطاع غزة.
وبحسب ما أكدته مصلحة سجون الاحتلال في بيان رسمي، فإنّ الأسير عدنان عُثر عليه فاقدًا للوعي في زنزانته بمعتقل "نيتسان".
ورفض الاحتلال السماح لعائلة الأسير بزيارته على مدى أيام إضرابه، رغم ما وصل إليه من مرحلة بالغة الخطورة، إذ تمكّنت زوجته بحسب نادي الأسير من رؤيته فقط عبر شاشة الفيديو (كونفرنس) خلال جلسات المحاكم التي عقدت له، وآخرها كانت يوم الأحد الماضي.
وظل عدنان يرفض الفحص الطبي وأخذ مدعمات طبية رغم كل الضغوط من إدارة السجن، متمسكاً بوقف إضرابه عن الطعام مقابل حريته.
وخضر عدنان هو قيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، من بلدة عرابة جنوب جنين، وأب لتسعة أطفال أكبرهم عمره 14 عاماً وأصغرهم عامان.
وباستشهاد الأسير خضر عدنان يرتفع عدد شهداء الحركة الأسرى إلى 237 شهيدًا، منذ عام 1967.
وفي مؤتمر صحافي لها أمام منزلها في بلدة عرابة جنوب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، اليوم الثلاثاء، قالت زوجة الشهيد الشيخ خضر عدنان رندة موسى: "لا نريد أن تراق الدماء، لا نريد إطلاق الصواريخ، ومن لم ينصر الشيخ حياً لا نريد أن يثأر له اليوم".
واستدركت أنّ "من كان يستطيع أنّ يرفع الظلم الذي كان يتعرض له الشيخ ولم يفعل، لا نريد منه اليوم أن يفعل شيئاً".
وأكدت أنّ "الشيخ لم يتم اغتياله برصاصة، بل قتلوه على مدار 86 يوماً، لقد كانوا يتعمدون اغتياله في كل ساعة ودقيقة وثانية".
إضراب شامل بالضفة واستنفار بالسجون
وعمّ الإضراب الشامل، اليوم الثلاثاء، محافظات الضفة الغربية، فيما شهدت السجون الإسرائيلية (خاصةً سجن عوفر) حالة من الاستنفار، بعد الإعلان عن استشهاد الأسير خضر عدنان.
وأكدت مصادر محلية أنّ الإضراب شلّ غالبية مناحي الحياة في كافة محافظات الضفة الغربية، حداداً على استشهاد خضر عدنان، حيث تعطلت المدارس والجامعات وشهدت الضفة الغربية إغلاقاً للمحال التجارية.
من جانب آخر، أكد نادي الأسير الفلسطيني، في بيان صحافي مقتضب، أنّ حالة من الاستنفار الشديد تسود سجن (عوفر) بعد مواجهة أحد الأسرى لأحد السجانين على خلفية استشهاد الأسير خضر عدنان، وأنّ إدارة السجن تستخدم الغاز بحق الأسرى.
من جانبها، أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أنّ الطاقم القانوني للهيئة علق العمل، اليوم الثلاثاء، أمام محاكم الاحتلال الإسرائيلي احتجاجاً على استشهاد الأسير خضر عدنان.
"الجهاد" تتوعد بالردّ
في الأثناء، أكدت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، صباح اليوم الثلاثاء، أنّ "قتال الشعب الفلسطيني ضد العدو الصهيوني ماضٍ ولن يتوقف، وسيدرك العدو المجرم أنّ جريمة استشهاد القائد خضر عدنان لن تمر دون ردّ".
وقالت حركة الجهاد، في بيان لها: "في مسيرتنا الطويلة نحو القدس سنفقد الكثير من الرجال الشجعان والكثير من القادة والمقاتلين، والقائد المجاهد الشيخ خضر عدنان كان واحداً من الذين فتحوا طريقاً عريضاً لكل الذين ينشدون الحرية في فلسطين والعالم".
وأشارت الحركة إلى أنّ "الحر البطل خضر عدنان ارتقى شهيداً، في جريمة ارتكبها العدو أمام مرأى العالم الذي يوافق على الظلم والإرهاب ويحميه ويوفر له الغطاء".
ولفتت "الجهاد" إلى أنّ "شهادة الشيخ القائد خضر عدنان ستكون مدرسة لأجيال من الرجال الشجعان، ونحن لن نغادر طريق الجهاد والمقاومة طالما بقيت فلسطين تحت الاحتلال".
وأضاف البيان: "إننا ننعى اليوم رجلاً ما تخلى يوماً عن واجباته لنصرة الحق والدفاع عن أبناء شعبه، وأفنى لحظات عمره في حمل قضيته ونصرة مقدساته، ونؤكد أننا ماضون على ذات الطريق والنهج الذي مضى عليه القائد خضر عدنان وكل من سبقه من القادة والمجاهدين".
فيما أكّد الأمين العام للحركة زياد النخالة، اليوم الثلاثاء، أنّ "شهادة الشيخ خضر عدنان الطويلة هي عنوان لمسيرة شعبنا الشجاع والعنيد، ولو لم يكن لدى الشعب الفلسطيني أمثال الشيخ خضر لذهبت قضيتنا أدراج الرياح".
وفي تصريح وزع على وسائل الإعلام، قال النخالة إنّ "كل يوم يمر في تاريخ شعبنا يؤكد أنّ انتصارنا قادم بإذن الله، وأنّ الإرادة التي جسدها الشيخ خضر في معركته الطويلة واشتباكه المباشر مع العدو وجهاً لوجهه، والتي توجت أخيراً بالاستشهاد، هي وسام شرف على صدر الشعب الفلسطيني الشجاع".
وشدد النخالة على أنّ "الشيخ خضر سيبقى رمزاً كبيراً من رموز شعبنا ورموز مقاتلي الحرية في العالم، وراية عالية في مسيرتنا نحو القدس".
"حماس" تحمّل إسرائيل المسؤولية
من جانبها، نعت حركة حماس إلى "الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية الباسلة والأمة العربية والإسلامية وحركة الجهاد الإسلامي"، الشهيد الأسير الشيخ المجاهد خضر عدنان.
وحمّلت حركة حماس في بيان صحافي، اليوم الثلاثاء، الاحتلال المجرم وحكومته الفاشية المتطرفة كامل المسؤولية عن جريمة اغتياله، مؤكدةً أنّ "هذه الجريمة تمّت عن سبق إصرار وبدم بارد".
وتوعدت حركة حماس بأنّ "حكومة الاحتلال المجرمة ستدفع الثمن عن جريمة اغتيال الشهيد المجاهد خضر عدنان برفضها الإفراج عنه، وإهماله طبياً، ولا بد من ملاحقتها على جرائمها".
وأكدت الحركة أنّ "الشعب الفلسطيني بكل قواه وفصائله سيُصَعِّد بكل الوسائل والأدوات أشكال المقاومة والتصدي لجرائم الاحتلال بحق الأسرى والمسرى".
وأضافت "حماس" أنّ هذه الجريمة تضاف لسجل جرائم الاحتلال وإرهابه بحق الأسرى وبحق الشعب الفلسطيني، وأنها "لن تزيد أسرانا الأبطال وشعبنا إلا صموداً وإصراراً على كسر قيد السجان وتحرير أسرانا رغم أنف الاحتلال".
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس ومسؤول مكتب الشهداء والجرحى والأسرى زاهر جبارين، إنّ "المقاومة الفلسطينية الباسلة باقية على العهد، وستفي بوعد الحرية للأسرى، وإنها لن تترك أبناء شعبنا داخل السجون في مواجهة الموت والقتل البطيء".
وفي نعي خضر عدنان، أضاف جبارين في تصريح وزع على وسائل الإعلام: "رحل عنا اليوم فارس من فرسان الوطن، ترجل البطل العنيد خضر عدنان خلف قضبان الاحتلال بعد ملحمة بطولية خطت فصولها بمعركة الأمعاء الخاوية رفضاً لظلم الاعتقال الإداري".
وشدّد على أنّ "سجلّ الاحتلال وإدارة سجونه حافل بالجرائم التي تمارس بحق أسرانا الأبطال، هو انعكاس جليّ للسياسة الممنهجة التي تُنفذ بحق الأسرى في السجون، وقد تجاوز الاحتلال بجرائمه كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، وخصوصاً جريمة الاعتقال الإداري والإهمال الطبي".
وحمّل جبارين "الاحتلال وإدارة سجونه المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير البطل خضر عدنان، وعن حياة 600 أسير مريض داخل السجون، وأكثر من 1000 معتقل إداري، وأنّ مواصلة اعتقالهم بشكل تعسفي والإهمال الطبي الذي يمارس بحقهم تعني الحكم عليهم بالإعدام".
الحركة الأسيرة بالداخل الفلسطيني: ما حدث مع عدنان "قتل متعمد"
وقالت الحركة الأسيرة في الداخل الفلسطيني إن "استشهاد الشيخ المناضل خضر عدنان هو تصفية متعمدة مع سبق إصرار".
وقال رئيس الحركة الأسيرة في الداخل منير منصور، لـ"العربي الجديد"، إنّ تدهوراً واضحاً طرأ على صحة الأسير عدنان في الأسبوعين الأخيرين، لكنه قوبل بإهمال طبي متعمد ولم يتلق أي علاج، وترك يذهب إلى حتفه دون أي اعتبار إنساني.
وأضاف منصور أنّ الشهيد خضر عدنان هو استمرار لمسيرة الشهادة داخل سجون الاحتلال، لافتاً إلى أنّ عدنان خاض إضراباً عن الطعام لست مرات "لكن هذه المرة يبدو أنّ قراراً سياسياً اتخذ لقتله".
وتابع أنه "لا توجد أي لوائح اتهام ضد الأسير عدنان وهو معتقل تعسفياً على بند الاعتقال الإداري وكان يفترض إطلاق سراحه بعد فترة من التحقيق".
من جانبه، قال الأسير المحرر كريم يونس لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأسرى اليوم مستهدفون أكثر من أي وقت مضى ويواجهون مصيرهم وحدهم ويصارعون الموت بالموت".
وأضاف يونس أنّ "استشهاد عدنان لم يكن متوقعاً بهذه السرعة بالرغم من أنه ليس إضرابه الأول عن الطعام".