ادعاءات ترامب عن التزوير تتداعى

12 نوفمبر 2020
يحضّر أنصار ترامب لمسيرات في واشنطن (Getty)
+ الخط -

بعد مرور أسبوع على الانتخابات الرئاسية الأميركية، لا يبدو الرئيس الخاسر في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، دونالد ترامب مستعداً حتى اليوم لتقبّل الهزيمة أمام خصمه الديمقراطي جو بايدن، مواصلاً الحديث عن تزوير، وأن الانتخابات سُرقت منه، مع رفع فريقه دعاوى قضائية في أكثر من ولاية للطعن في النتائج، غير أن الدعاوى لا تبدو أنها ستؤدي إلى أي تغيير في النتيجة، لتتداعى سريعاً ادعاءات ترامب بحصول تزوير. لكن الرئيس الخاسر يبدو مصراً على الاستمرار بالمعركة، مع خوف المسؤولين الجمهوريين من الوقوف بوجهه بعدما حصد 71 مليون صوت في الانتخابات ليصبح قوة شعبية كبيرة، وذلك في موازاة عمل ترامب على الانتقام من بعض المسؤولين في إدارته عبر إطاحتهم.

ويأتي ذلك مع مواصلة الفرز في بعض الولايات. وقررت ولاية جورجيا أمس إعادة فرز الأصوات يدويا بعد اتضاح أن فارق الأصوات بين بايدن وترامب هو 14 ألف صوت فقط لصالح الأول، على أن تُعلن النتيجة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، فيما أفادت وسائل إعلام أن ترامب حقق الفوز في ألاسكا.

وتعززت المؤشرات أمس على أن معركة ترامب لتقويض انتصار بايدن لن تحقق نتيجة، بل حتى أن مقربين منه باتوا مقتنعين بذلك، إذ نقلت قناة "سي أن أن" أمس عن مصدر لم تسمه أن ترامب يعتزم الاستمرار في الطعون على الرغم من تأكيد بعض مستشاريه سراً عدم وجود فرصة للفوز. من جهتها قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنها تواصلت مع مسؤولي الانتخابات من الديمقراطيين والجمهوريين في عشرات الولايات الذين أكدوا لها أنه لا يوجد دليل على أن التزوير أو أي مخالفات أخرى أدت دوراً في نتيجة السباق الرئاسي. وذكرت الصحيفة أنها اتصلت بمكاتب كبار مسؤولي الانتخابات في كل ولاية للسؤال عما إذا كانوا يشتبهون أو لديهم دليل على حصول عمليات تصويت غير قانوني، ورد المسؤولون في 45 ولاية مباشرة بعدم حصول أي مشاكل تصويت رئيسية.

دونالد ترامب يعتزم الاستمرار في الطعون على الرغم من تأكيد بعض مستشاريه سراً عدم وجود فرصة للفوز

وفي السياق، ذكرت وسائل إعلام أميركية أن عامل بريد كان قد ادعى بحصول مزاعم تلاعب في الاقتراع، تراجع عن شهادته. وكان ريتشارد هوبكنز ادعى في إفادة موقعة أن مشرفاً في خدمة البريد الأميركي في مدينة إيري في بنسلفانيا، أمر الموظفين بالتلاعب في بطاقات الاقتراع عن طريق تأجيل الاقتراع المتأخر، لكنه تراجع عن الادعاءات خلال مقابلة مع محققين. من جهتها، رأت وكالة "أسوشييتد برس" أن الجمهوريين بدعمهم مزاعم ترامب بحصول تزوير يخاطرون بترك انطباع خاطئ لملايين الأميركيين بأن نتائج السباق الانتخابي غير شرعية، وقد يكون هذا هو الهدف. وبحسب الوكالة، يقر بعض المشرعين الجمهوريين ومسؤولي الحزب سراً بأن ترامب ليس لديه خيار سوى التنحي بحلول 20 يناير/كانون الثاني، والتنازل عن السلطة لبايدن. لكن قيام ترامب بتقديم معلومات مضللة حول الانتخابات، سيدفع بعض الناخبين إلى اعتبار بايدن رئيساً غير شرعي. ولفتت الوكالة إلى أنه من المرجح أن يظل ترامب أقوى قوة في الحزب الجمهوري حتى عندما يغادر البيت الأبيض، بعد أن استقطب أكثر من 71 مليون صوت في الانتخابات، وبالتالي فهو يسيطر على الناخبين ما يدفع المسؤولين الجمهوريين للوقوف معه.

كما يقف مناصرو اليمين المتطرف إلى جانبه، وأعلنت مجموعات عديدة منها "براود بويز" و"ماغا نيشين" إضافة إلى جماعات من النازيين الجدد أنها ستنظم تحركات يوم السبت في واشنطن. وقامت المجموعات بتخصيص أسماء مختلفة للتجمع منها "مليون ماغا مارش" و"مسيرة لأجل ترامب" وغيرها.

في هذه الأجواء، كان ترامب يشارك أمس في الاحتفال بيوم المحاربين القدامى في مقبرة أرلينغتون، ليظهر للمرة الأولى في مناسبة رسمية منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية. في غضون ذلك، واصل ترامب مسلسل الإقالات في إدارته. وبعد إقالة وزير الدفاع مارك إسبر، جرى تعيين كاش باتيل كبير موظفي مكتب وزير الدفاع. وفي أعقاب رحيل إسبر، استقال كل من وكيل وزارة الدفاع للاستخبارات، جوزف كيمان، وكبير موظفي مكتب وزير الدفاع، جين ستيوارت، من منصبيهما، فضلاً عن نائب وكيل البنتاغون للسياسات الدفاعية، جيمس أندرسون.

جاء ذلك بعدما كان وزير الخارجية مايك بومبيو رفض الثلاثاء الاعتراف بفوز بايدن، واعداً بعملية "انتقالية سلسة" نحو ولاية ثانية لترامب. وردّاً على سؤال عن الإجراءات التي اتخذتها وزارة الخارجية لتسهيل العملية الانتقالية مع فريق الرئيس المنتخب، قال "سيكون هناك انتقال سلس نحو إدارة ثانية لترامب". وأضاف في مؤتمر صحافي "سنحتسب كل الأصوات"، مؤكدا أن قادة العالم يدركون أنها "عملية قانونية تستغرق وقتاً". وفي مقابلة أجرتها معه شبكة "فوكس نيوز" دعا الوزير الأميركي إلى انتظار صدور النتيجة النهائية للانتخابات، وقال "سنرى ما قرّره الشعب في نهاية المطاف عندما يتم فرز جميع الأصوات". وأضاف "نذكّر الجميع بأنّه لم يتمّ فرز كلّ الأصوات بعد". وتعليقاً على ذلك، قال مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون لـ"سي أن أن"، إن تعليقات بومبيو كانت "واهية"، مضيفاً "أعتقد أنه خسر مصداقيته دوليا". من جهته، اعتبر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر أن بومبيو منفصل عن الواقع. وقال متوجّها إلى بومبيو "لقد فاز بايدن. فاز بالانتخابات. تخطَّ الأمر".

بومبيو: سيكون هناك انتقال سلس نحو إدارة ثانية لترامب

في المقابل، قال بايدن إن لا شيء سيوقف انتقال السلطة في الولايات المتحدة. واعتبر بايدن، في تصريح من منزله في ويلمنغتون بولاية ديلاوير مساء الثلاثاء، أن ترامب "يحرج نفسه" برفضه الإقرار بهزيمته في الانتخابات مما سينعكس سلباً على إرثه السياسي. وأضاف أنه يتوخّى "اللباقة" بالقول "أعتقد أنّ هذا الأمر لن يخدم الإرث السياسي للرئيس". وعن موقف ترامب ومؤيّديه، قال بايدن إنّ "عدم وجود نيّة لديهم للإقرار بفوزنا لا يؤثّر كثيراً في هذه المرحلة على تخطيطنا". وأجرى قادة دول حليفة للولايات المتحدة محادثات هاتفية مع الرئيس الأميركي المنتخب آملين بقيام تعاون معه. وهنّأ كل من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، بايدن على فوزه بالرئاسة الأميركية. وقال بايدن "أبلغتهم أنّ أميركا عادت ولم تعد أميركا الوحيدة".

المساهمون