أكد البيان الختامي للجولة التاسعة عشرة من مباحثات الملف السوري بصيغة "أستانة"، على وحدة الأراضي السورية، ومكافحة التنظيمات الإرهابية، وخفض التصعيد في الشمال، وإيصال المساعدات الإنسانية. فيما اتهمت المعارضة أطرافا بتعطيل الحل السياسي وخطوات بناء الثقة، في وقت رأى فيه النظام أن بيان الجولة جاء وفقا لتطلعاته.
واختتمت الجولة الحالية اليوم في العاصمة الكازاخية نور سلطان، وكانت قد بدأت صباح أمس بعقد اجتماعات ثنائية وثلاثية بين وفود الدول الضامنة والمراقبة والأمم المتحدة ووفدي المعارضة السورية والنظام السوري.
وقال البيان إن الدول الضامنة "تجدد التزامها الراسخ بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها"، مضيفاً أن الدول الضامنة "تدين هجمات التنظيمات الإرهابية في سورية، وتؤكد ضرورة مواصلة مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره".
وأكد البيان "رفض جميع الأجندات الانفصالية، والتأكيد على أن الأمن والاستقرار في شمال شرق سورية لا يمكن أن يتحققا إلا على أساس الحفاظ على سيادة سورية وسلامة أراضيها".
وقال إن "الدول الضامنة تدين ممارسات الدول التي تدعم التنظيمات الإرهابية، بما فيها المجموعات الانفصالية وسرقة النفط السوري، الذي ينبغي أن تعود عائداته للشعب السوري".
وأدان البيان "الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، والتي تعد انتهاكاً للقانون الدولي وسيادة سورية ووحدة أراضيها".
وبحسب البيان، فقد أكدت الدول الضامنة على "رفض الإجراءات الاقتصادية القسرية التي تتعارض مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وضرورة رفعها، وزيادة المساعدات الإنسانية لجميع السوريين دون تمييز وتسييس وشروط مسبقة".
وقال البيان إنه "على المجتمع الدولي والأمم المتحدة تعزيز مساعدتها لسورية، من خلال مشاريع التعافي المبكر وتسهيل عودة اللاجئين والمهجرين السوريين إلى مدنهم وبلداتهم".
"تأخر" الحل السياسي
من جهته، قال رئيس وفد المعارضة السورية إلى أستانة، أحمد طعمة، إن الحل السياسي في سورية "تأخر، وإن عدم إيجاد حل سياسي للملف السوري ستكون له نتائج وخيمة على الجميع".
وأضاف في مؤتمر صحافي إنهم ناقشوا مع كل الجهات في أستانة، ملف "خفض التصعيد"، واستمرار خروق النظام لقواعد وقف إطلاق النار واستهدافه للمدنيين في معسكرات النازحين التي تشرف عليها الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن النظام أصدر مراسيم عفو "خلبية، وكل خطواته لم تؤد إلى بناء ثقة تغري النازحين واللاجئين بالعودة".
وأوضح أنهم ناقشوا ملف تهريب المخدرات من قبل جهات حليفة للنظام والكوارث التي تسببها في فئة الشباب، وناقشوا باستفاضة "وقف عمليات الإرهاب التي تقوم بها منظمة بي كي كي وذراعها السورية بي ي دي"، مضيفا أن هذه العمليات باتت تشكل خطرا على السوريين في المناطق المحررة.
وفي مؤتمر صحافي، اتهم رئيس وفد النظام السوري أيمن سوسان واشنطن بقتل السوريين وسرقة القمح والنفط السوري، كما اتهم تركيا بخرق القانون الدولي واتخاذ ذرائع لاحتلال الأراضي السورية، كما هاجم مليشيات "قسد"، متهما إياها بتنفيذ أجندات خارجية معادية لسورية، مؤكدا أنه عليها أن تتخلى عن أوهامها.
وعبّر سوسان عن رضاه عن البيان الذي خرجت به الجولة الأخيرة من مباحثات أستانة، مضيفا: "إطار أستانة هو الإطار الوحيد الذي جرى خلاله تحقيق منجزات في سورية"، مضيفا أن عدم الالتزام التركي التام بمخرجات أستانة سبب عدم تحقيق منجزات أكثر على الأرض.
تركيا "كانت الأقوى"
ويرى الباحث السوري في مركز جسور وائل علوان في حدث مع "العربي الجديد"، أن الجولة الحالية "كانت جولة مهمة بالنسبة للطرفين التركي والروسي والأمم المتحدة أيضا، ومن المهم أن يبقى هذا المسار حيا وأن يكون هو الذي يرسم العلاقات الروسية التركية وتأثيرها على الملف السوري".
وأضاف: "واضح في هذه الجولة أن تركيا كانت الأقوى من حيث أوراق التفاوض والفرص السياسية، وروسيا كانت مهتمة بشكل واضح بالجولة ومتفاعلة بشكل واضح مع المطالب التركية".
ورأى أن "حضور النظام كان ضعيفا".
وأوضح علوان أن "هذه الجولة تكتسب أهميتها من التطورات الأخيرة التي جعلت المطالب التركية بموضوع أمنها القومي وحدودها الجنوبية مطالب مهمة في التحرك السياسي".
وأضاف أن الحديث عن اللجنة الدستورية جرى مع مبعوث الأمم المتحدة وهناك مؤشرات على وجود آلية لحل معضلة اللجنة الدستورية، وأن هناك تفاؤلا من قبل المبعوث بأن يجري عقد الجولة القادمة لأعمال اللجنة مطلع العام القادم.
وذكرت مصادر مقربة من وفد المعارضة في وقت سابق أنه "ليست هناك آمال في أن يكون لهذه الجولة دور في خفض التصعيد، إضافة إلى أن الآمال حول مساهمة الجولة في إحياء العملية السياسية ضعيفة".
وفد المعارضة: ليست هناك آمال في أن يكون لهذه الجولة دور في خفض التصعيد
وأشارت إلى أن أجندة الجولة الحالية هي ذاتها كما كانت في الجولات السابقة، وذلك بسبب عدم وصول الجولات السابقة إلى نتائج.
وأوضحت المصادر أنّ اليوم الأول شهد مشاورات مغلقة ثنائية وثلاثية، استمرت حتى وقت متأخر بين وفود الدول الضامنة والأمم المتحدة والدول المراقبة، مضيفة أن جل التركيز كان على موضوع التصعيد التركي على الأرض ومسألة إيصال المساعدات الإنسانية.
وكانت قوات النظام السوري وروسيا قد صعدت، خلال اليومين الماضيين، القصف الجوي والمدفعي على شمال غربي البلاد، تزامناً مع قصف من "قسد" أدى إلى وقوع قتلى وجرحى من المدنيين.
وتأتي الجولة الحالية بالتزامن مع تصعيد تركي ضد مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" شمالي سورية، والتهديد بشن عملية عسكرية برية ضدها، بعد شنّ سلسلة ضربات جوية على أهداف تابعة لـ"حزب العمال الكردستاني" في سورية والعراق، تحت مسمى عملية "المخلب-السيف"، التي جاءت رداً على تفجير شارع الاستقلال في مدينة إسطنبول.
وكانت الجولة 18 قد عقدت في يونيو/حزيران الماضي، وأكدت الدول الضامنة في بيانها الختامي مواصلة العمل لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، والوقوف ضد الأجندات الانفصالية، وضرورة الحفاظ على الهدوء من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات القائمة بشأن إدلب.