احتدام الجدل الإسرائيلي بشأن عدوان واسع على لبنان يشمل عملية برية

17 سبتمبر 2024
تصاعد أعمدة الدخان إثر غارة إسرائيلية على الطيبة جنوبي لبنان، 16 سبتمبر 2020 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **توجهات متباينة حول الحرب الشاملة ضد حزب الله:** تشهد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية انقسامات حول الشروع في حرب شاملة ضد حزب الله، مع تساؤلات حول قدرة الجيش على خوض حرب إقليمية متعددة الجبهات.

- **تحديث أهداف الحرب وتوسيع العمليات:** أعلن ديوان نتنياهو تحديث أهداف الحرب لتشمل إعادة سكان الشمال بأمان، مع انقسام داخل الجيش حول تصعيد العمليات الجوية والبرية داخل لبنان.

- **تحذيرات دولية وتساؤلات حول الاستراتيجية:** حذر مستشار بايدن من حرب أوسع ضد لبنان، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تفضل الحل الدبلوماسي وتخشى من تصعيد إقليمي طويل الأمد.

تحذيرات أمنية إسرائيلية من تحول التصعيد في الشمال إلى حرب إقليمية

خلاف بين الجيش الإسرائيلي والحكومة بشأن استمرار استراتيجية الأمن

غالبية قادة الجيش يرون أن العمل العسكري في لبنان خطوة خاطئة

تشهد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بما فيها العسكرية، إضافة إلى الأطراف السياسية توجهات مختلفة بشأن الشروع في حرب شاملة ضد حزب الله في لبنان وسط تساؤلات إن كان جيش الاحتلال قادراً بالفعل على خوض حرب يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية وتشمل عدة جبهات، في وقت أشارت تقارير إسرائيلية إلى أن العدوان على لبنان إن اتّسعت رقعته، سيشمل عملية جوية مكثّفة وأخرى برية واسعة.  

ووسّعت إسرائيل، اليوم الثلاثاء، الأهداف المعلنة لحربها على غزة لتشمل على جبهة لبنان "تمكين السكان من العودة إلى المجتمعات التي أُجلوا منها في شمال إسرائيل" نتيجة للهجمات التي يشنّها حزب الله اللبناني. وأعلن ديوان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الثلاثاء، أنّ المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) حدّث، في جلسته، مساء الاثنين، أهداف الحرب، مضيفاً "إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان" باعتبارها هدفاً من أهداف الحرب. وأضاف بيان صادر عن ديوان نتنياهو: "ستواصل إسرائيل العمل بشكل عملي لتحقيق هذا الهدف".

وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الثلاثاء، بأنّ مسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لم تسمّهم، ​​يحذّرون من أنّ التصعيد في الشمال قد يتحوّل إلى حرب إقليمية، ومن "إجراءات متهوّرة تخطط لها الحكومة الإسرائيلية، والتي لن تساعد بالضرورة في إعادة السكان الذين تم إجلاؤهم إلى منازلهم". وبحسب أحد المسؤولين، "من ناحية، تنطوي هذه الإجراءات على خطر ملموس للغاية يتمثّل في حدوث حالة حرب شاملة، ليس فقط على الحدود مع لبنان بل في المنطقة بأكملها. ومن ناحية أخرى، فإنها لا تضمن بتاتاً التوصّل إلى حل يسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم".

وفي حال توسيع العملية العسكرية، ستتضمن الخطوات الإسرائيلية تصعيداً كبيراً، وفق مصادر الصحيفة، بما في ذلك العمل البري داخل لبنان، بحسب المصادر ذاتها، "في مواجهة إطلاق النار المتواصل على الشمال، والمعاناة الشديدة". ونتيجة للضغط المستمر على حكومة نتنياهو من قبل "السكان" الذين تم إجلاؤهم من الشمال، ومن بقي هناك منهم، قال مصدر للصحيفة، لم تسمّه، إنّ "الحكومة تحتاج لإظهار أنها تفعل شيئاً ما، لكن هذا الشيء هو الأكثر خطأً، والأكثر خطورة. وهو بالضبط ما كنا نتجنبه طوال العام الماضي. فبدلاً من حلّ مشكلة ما، قد يورّطنا في مشكلة أصعب بكثير".

واعتبر المصدر أنّ "كل هذا غير ضروري"، موضحاً "تريد الحكومة الإسرائيلية الآن إرسال الجيش الإسرائيلي إلى مواجهة مع حزب الله، وسط احتمالات معقولة لتحوّلها إلى حرب شاملة، وكل هذا من أجل الوصول بالضبط إلى النقطة نفسها التي كان من الممكن الوصول إليها دون استخدام وسائل عدوانية، وهي موافقة (حسن) نصر الله على اتفاق دبلوماسي يسمح بعودة سكان الشمال إلى منازلهم. لو تم التوقيع على صفقة مختطفين (أي صفقة مع حركة حماس)، وتراجعنا عن الحرب في غزة، على الأقل في الوقت الحالي، فمن المحتمل جداً أن يكون هناك اتفاق في الشمال أيضاً".

وأشارت الصحيفة إلى الخلاف بين الجيش الإسرائيلي والحكومة بشأن استمرار استراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي، أمس الاثنين، على الرغم من أن تقسيم المعسكرات قد تغيّر قليلاً. وقال مصدر مطّلع لم تسمّه الصحيفة: "القصة هي معركة خلف الكواليس بين مرتدي البدلات الرسمية ومرتدي البدل العسكرية، وهذه المرة هناك انقسام حاد جداً لأنّ وزير الأمن (يوآف غالانت) ورئيس الوزراء، على الأقل في هذه المسألة، يوجدان على نفس الجانب".

لكن الوضع الناتج "البدل الرسمية ضد العسكرية" على حدّ تعبير المصدر، هو الأول من نوعه في الحرب الحالية، وهناك في الجيش الإسرائيلي من يؤيد القيام بعملية جويّة وبريّة قويّة، وهذا يشمل، بحسب مصادر الصحيفة، قائد سلاح الجو وقائد القيادة الشمالية، إلى جانب قادة كبار في الجبهة الشمالية الذين يعملون تحت قيادته. لكن آخرين، وهم الأغلبية، وبينهم رئيس الأركان هرتسي هليفي، الذي سيحدد موقف الجيش في نهاية المطاف، يرون أنّ ذلك سيشكّل خطوة خاطئة في الوقت الراهن، لن تؤدي بالضرورة إلى تهيئة الظروف لإعادة السكان إلى منازلهم، وينطوي أيضاً ضمنه على خطر حاد للغاية بحدوث تصعيد.

وأكد هليفي، في محادثاته مع كبار الضباط في الجيش الإسرائيلي، أخيراً، الالتزام الأسمى بالنسبة له وهو"إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان". ويعتقد هليفي أنّ هذا يمكن تحقيقه بإحدى طريقتين: إما صفقة مع حركة حماس تعيد المحتجزين الإسرائيليين إلى ديارهم والشروع في مفاوضات حول تسوية سياسية مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، أو في حال عدم التوصل إلى اتفاق، الشروع في عملية عسكرية تعقبها تسوية سياسية.

ويقول هليفي: "بطريقة أو بأخرى، سنصل في النهاية إلى نفس النقطة: الحاجة إلى تسوية سياسية لا يوجد فيها حزب الله في المنطقة الحدودية، بما في ذلك وسائل رصد وإنفاذ لضمان ذلك". ويرى مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي أنّ خطة العمليات الحالية، التي تهدف إلى فرض تسوية سياسية على حزب الله، "مخيطة بغرز خشنة وخطيرة للغاية، مع احتمال حدوث تدهور خطير". 

تساؤلات بشأن قدرة إسرائيل على خوض حرب واسعة ضد لبنان

في سياق متصل، طرح المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل، في مقال تحليلي، اليوم الثلاثاء، تساؤلات عديدة بشأن الجبهة الشمالية، مع إشارته إلى أنّ نتنياهو يفعل أي شيء من أجل الحفاظ على بقائه ومصالحه. وذكر أنّ تبادل الضربات مع حزب الله في تصاعد منذ أسبوعين، وأنّ العجز السياسي الإسرائيلي يتكشف أكثر فأكثر مع كل يوم يبقى فيه "السكان" بعيدين عن منازلهم، فيما تدخل بلدات أبعد لم يتم إخلاؤها، دائرة النار.

ومع ذلك، قال الكاتب، إنّ "هناك حيرة مهنية واضحة. هل يستطيع الجيش الإسرائيلي الآن شن حرب موازية على عدة جبهات؟ وما هي حالة الاستنزاف بين الجنود النظاميين والاحتياطيين؟ وما هو وضع الأسلحة والمخزونات؟ هل سيؤدي العمل العسكري الحاسم إلى تحسن كبير في الوضع على الحدود الشمالية، أم أنه، كما تدّعي الإدارة الأميركية بقوة، سينتهي إلى تسوية مماثلة لما هو مطروح الآن على الطاولة، ولا يتم التقدّم فيه في ظل الركود في المحادثات بين إسرائيل وحماس في غزة؟".

وتابع الكاتب: "ما هو رأي أهالي الجنود الذين يخدمون في قطاع غزة منذ عام تقريباً، وقد يتم استدعاؤهم قريباً للمشاركة في حرب أكثر صعوبة وكلفة في لبنان؟ هل يشعرون بأن الأمن القومي وأمن أبنائهم في أيدٍ أمينة يمكن الوثوق بها؟ هل ما زالوا يريدون الاعتقاد بأنّ أهم قرارات الحرب يتم اتخاذها لأسباب موضوعية؟".

وحذر مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن، عاموس هوكشتاين، نتنياهو، أمس الاثنين، من الشروع في حرب أوسع نطاقاً ضد لبنان، وفق ما ذكرته ثلاثة مصادر مطلعة على الاجتماعات لموقع أكسيوس الأميركي.

وقال مصدران مطلعان على اجتماعات هوكشتاين، لـ"أكسيوس"، إنّ المبعوث الأميركي أكد لنتنياهو وغالانت أنّ الولايات المتحدة لا تعتقد أنّ حرباً أوسع مع لبنان ستحقق هدف إعادة النازحين إلى منازلهم في الشمال. وقال هوكشتاين إنّ الحرب الشاملة مع حزب الله تخاطر بصراع إقليمي أوسع نطاقاً وأطول أمداً، وفقاً للمصادر. وأوضح المبعوث الأميركي لنتنياهو وغالانت، أنّ الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالحل الدبلوماسي في لبنان "إما مع اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة أو بمفردها"، وفقاً للمصادر.