احتجاجات طرابلس اللبنانية تتواصل لليوم الرابع: جولة مواجهات جديدة مع القوى الأمنية

28 يناير 2021
قوات الأمن اللبنانية تستخدم قنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق المحتجين (Getty)
+ الخط -

تواصلت، اليوم الخميس، لليلة الرابعة على التوالي، المواجهات العنيفة بين قوات الأمن اللبنانية والمحتجين في ساحة النور في طرابلس، شمالي البلاد، والذين خرجوا احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة، وسط الإغلاق العام بسبب أزمة فيروس كورونا.

وعمد محتجون إلى إحراق عددٍ من المؤسسات والمراكز، من بينها بلدية طرابلس، حيث عمدوا إلى رشقها بقنابل "مولوتوف"، لكن لا معلومات عن وقوع إصابات باعتبار أن لا موظفين وعاملين فيها ليلاً، ويعمل الجيش اللبناني والقوى الأمنية على ملاحقة مضرمي النار، فيما قام مدنيون بمساعدة فرق الإطفاء في إخماد الحريق.

كما توجه محتجون إلى مركز "العزم" التربوي (تابع لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي) وقاموا برشقه بالحجارة والعبث بمحتوياته، وكانت أعمال شبيهة طاولت المحكمة السنية الشرعية في المدينة، واندلع حريق فيها جراء رمي قنابل مولوتوف إلى داخلها.

وتخطت حصيلة المواجهات، مساء الخميس، بين المحتجين والأجهزة الأمنية مئة إصابة، بحسب "الصليب الأحمر اللبناني".

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري أن ما يحصل في طرابلس "جريمة موصوفة، يتحمل مسؤوليتها كل من تواطأ على ضرب استقرار المدينة وإحراق مؤسساتها وبلديتها واحتلال شوارعها بالفوضى".

وقال، في تغريدات على "تويتر"، إنّ "الذين أقدموا على إحراق طرابلس مجرمون لا ينتمون إلى المدينة وأهلها، وقد طعنوها في أمنها وكرامتها باسم لقمة العيش".

وشدد الحريري  على أنه "من غير المقبول تحت أي شعار معيشي أو سياسي طعن طرابلس من أية جهة أو مجموعة، مهما كان لونها وانتماؤها".

وتساءل: "لماذا وقف الجيش اللبناني متفرجاً على إحراق السرايا والبلدية والمنشآت؟ ومن سيحمي طرابلس إذا تخلف الجيش عن حمايتها؟".

وأضاف: "إذا كان هناك مخطط لتسلل التطرف إلى المدينة فمن يفتح له الأبواب؟ وكيف للدولة أن تسمح بذلك في مرحلة من أسوأ وأخطر المراحل في تاريخ لبنان؟"، خاتماً بالقول إنّ "للكلام صلة لوضع النقاط على الحروف".

وكانت ارتفعت حدّة الاشتباكات التي أسفرت عن سقوط أكثر من مئتي جريح، إضافة إلى قتيل. فبعد تشييع الشاب عمر طيبا، الذي قُتل في المواجهات التي اندلعت، أمس الأربعاء في ساحة النور، نزل المتظاهرون اليوم إلى الشارع من جديدٍ ورفعوا شعارات تندد بممارسات القوى الأمنية والعناصر العسكرية القمعية العنيفة التي تزداد وتيرتها يوماً بعد يوم. ولوحظ تكثيف الانتشار الأمني في المنطقة والأحياء المجاورة واستقدام عدد كبير من الآليات العسكرية.

وشهد محيط سرايا طرابلس جولة جديدة،اليوم الخميس، من المواجهات، إذ عمد المتظاهرون إلى رمي قنابل المولوتوف والمفرقعات النارية إلى داخله، وأحرقوا حاويات النفايات الموجودة أمامه وحاولوا اختراق الأسوار وخلع البوابة الرئيسية، فردت القوى الأمنية بالقنابل المسيلة للدموع ورش المياه لتفريق المحتجين وإخراجهم من الباحة، وسُجل وجود بعض العناصر الأمنية على أسطح المبنى.

وقالت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في بيان، إنّه "سقطت منذ قليل قنبلة يدوية حربية داخل باحة سراي طرابلس نتج عنها جرح أحد العناصر وإصابته طفيفة".

وحذّرت "المخلّين بالأمن" على حدّ تعبيرها، من الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وعلى عناصر ومراكز قوى الأمن، لافتة إلى أنها "ستضطر إلى استخدام جميع الوسائل المشروعة للحفاظ على استقرار وأمن المجتمع والمواطنين"، علماً أن منظمات دولية أشارت في أكثر من تحرك وتظاهرة إلى أن الأجهزة الأمنية تستخدم وسائل غير مشروعة وبطرق غير قانونية لقمع المتظاهرين.

وقالت منظمة "العفو" الدولية، في بيان نشر، اليوم الخميس، إنه "بينما يشهد لبنان تظاهرات جديدة، يظهر تحليلنا أنّ أسلحة صُنعت في فرنسا واستخدمت بشكل غير قانوني في الاحتجاجات السابقة، وأُصيب العديد من المتظاهرين بجروح خطيرة في العينين والرأس والرقبة والصدر".

ودعت المنظمة فرنسا إلى "ضمان عدم إجراء مزيد من مبيعات الأسلحة للبنان، إلى حين إقرار السلطات اللبنانية بالانتهاكات الماضية واتخاذ الإجراءات لمنع تكرارها".

في المقابل، عمّمت السفارة الفرنسية في بيروت، من خلال بيان، اليوم الخميس، جواب السلطات الفرنسية على طلب المنظمة، مؤكدة أنها "تولي عناية فائقة لطلبات منح تراخيص تصدير المعدّات المصنّفة التي قد تُستخدم لحفظ النظام، مشيرة إلى أنها تدرس كل طلب على حدة، تماشياً مع التزاماتها الدولية".

وأضاف البيان "تقدم فرنسا، على غرار شركائها الأساسيين، الدعم للقوات المسلّحة اللبنانية ولقوى الأمن الداخلي، بصرف النظر عن حفظ النظام، وذلك من أجل تمكينها من صون سيادة لبنان واستقلاله واستقراره، ونأيه عن الأزمات الإقليمية، كما تحشد جهودها من أجل إنهاء الأزمة في لبنان وتقف إلى جانب اللبنانيين كما عهدت دائماً".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وفي إطار تحركات طرابلس، اليوم الخميس، نفذ المعتصمون وقفات احتجاجية أمام منزل النائب عن المدينة فيصل كرامي، وأضرموا النيران في النفايات وسط إجراءات أمنية مشددة للحيلولة دون دخول الشبان إلى المبنى. كذلك، تجمهر أشخاص أمام منزل النائب سمير الجسر وحاولوا خلع باب المدخل.

وبالتزامن مع تحركات طرابلس، شهد عدد من المناطق اللبنانية في البقاع والجنوب تحركات احتجاجية وقطعاً للطرقات بالإطارات المشتعلة، تضامناً مع المتظاهرين في عاصمة الشمال، واعتراضاً على قرار تمديد التعبئة العامة حتى الثامن من فبراير/ شباط المقبل وتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وطالبوا برحيل الطبقة الحاكمة المسؤولة عن تجويع الناس وإذلالهم.

وكان لبيروت حصّة من الاعتصامات، وخصوصاً ساحة "رياض الصلح"، إذ تجمّع عدد من المحتجين، ورفعوا شعارات تندد بممارسات الأجهزة الأمنية والشدّة المستخدمة في قمع التظاهرات. 

ودعا المحتجون إلى محاسبة المسؤولين والطبقة السياسية التي أوصلت البلاد إلى أسوأ أزمة تشهدها في تاريخها على مختلف الأصعدة، مضافاً إليها كارثة كورونا وفشل الدولة في إدارتها، والاكتفاء بإصدار قرارات عشوائية فاقمت من الكارثة، وزادت من مآسي اللبنانيين والعائلات الأكثر فقراً، إذ ارتكزت القرارات على إقفالات غير مدروسة، ومن دون أن تطرح أي بدائل ومساعدات وتعويضات.

وانتقل متظاهرون إلى محيط وزارة الداخلية في بيروت، مطلقين هتافات ضدّ الأجهزة الأمنية والوزير في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، تنديداً بممارسات العناصر التي أدت إلى مقتل شاب وإدخال العديد من المتظاهرين إلى المستشفيات، البعض منهم  حالتهم حرجة. 

وعبّر المعتصمون الذين نظموا مسيرة إلى وزارة الداخلية قبل التوجه إلى ساحة رياض الصلح عن تضامنهم مع المنتفضين في طرابلس، ووقوفهم إلى جانبهم حتى تحقيق المطالب.

 وسارعت قوات الأمن إلى إقفال جميع الطرق التي تؤدي إلى وزارة الداخلية، لضبط الوضع والحيلولة دون دخول المعتصمين إلى المبنى.

كما أُطلقت دعوات للتحرك أمام مصرف لبنان في منطقة الحمرا – بيروت، للمطالبة باستعادة الأموال المنهوبة وودائع الناس المحجوزة في المصارف، ومحاسبة المسؤولين عما وصلت إليه البلاد من أزمة نقدية واقتصادية أفقدت الليرة اللبنانية أكثر من سبعين بالمائة من قيمتها، وجعلت المواطنين تحت رحمة السوق السوداء وجشع التجار.

وأكد المتظاهرون في مختلف الساحات اللبنانية أن تحركاتهم مستمرّة، وشعلة الانتفاضة يجب أن تُضاء من جديد وبقوة أكبر حتى إسقاط المنظومة السياسية التي ما تزال تبحث عن المكاسب، وتعطّل البلد لتحقيق مزيد من الحصص الوزارية في أكثر وقتٍ يحتاج فيه لبنان إلى حكومة جديدة تحظى بثقة محلية شعبية ودولية قادرة على انتشال الوطن من الانهيار المدمر على كافة المستويات.

ووجه المتظاهرون دعوات إلى المواطنين بالنزول إلى الشارع تحت عناوين عدّة، أبرزها "الشعب جاع ورح يأكل حكّامه".

المساهمون