اجتياح إسرائيلي واسع لمخيمات شماليّ الضفة الغربية: إخراج مستشفيات عن الخدمة ومحاصرة الأهالي

28 اغسطس 2024
من اقتحام قوات الاحتلال مخيم الفارعة في طوباس، 28 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **جنين: حصار المستشفيات وعزل المدينة**
قوات الاحتلال الإسرائيلي تفرض حصاراً على جنين، مغلقةً المداخل ومهددةً باقتحام مستشفى الشهيد خليل سليمان، مما أدى إلى إخراج المستشفيات عن الخدمة واستشهاد خمسة مواطنين.

- **طولكرم: عزل مخيم نور شمس وتدمير البنية التحتية**
العملية العسكرية في مخيم نور شمس أدت إلى عزل المخيم وتدمير البنية التحتية، مما أثر على 50 ألف نسمة وحاصر مستشفيي ثابت ثابت والزكاة.

- **طوباس: إنزال جوي واشتباكات في مخيم الفارعة**
إنزال جوي في مخيم الفارعة أدى إلى اشتباكات مسلحة، استشهاد أربعة مواطنين، وإصابة ثمانية آخرين، مع تجريف الشوارع وقطع التيار الكهربائي.

الحدث الأبرز باجتياح اليوم حصار المستشفيات وإخراجها عن الخدمة

فرضت قوات الاحتلال منذ الفجر حصاراً مشدداً على مدينة ومخيم جنين

شهد مخيم الفارعة جنوب طوباس عملية عسكرية واسعة بدأت بإنزال جوي

بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر اليوم الأربعاء، عملية اجتياح واسعً في مدن ومخيمات جنين وطولكرم وطوباس شماليّ الضفة الغربية المحتلة، أطلقت عليها اسم "المخيمات الصيفية"، ما أعاد إلى الأذهان عملية "السور الواقي" عام 2002. لكن الحدث الأبرز في الاجتياح اليوم يتمثل بحصار المستشفيات وإخراجها عن الخدمة، وحصار والأهالي ومنعهم من الدخول أو الخروج. وحتى الآن بلغ عدد شهداء هذه العملية 9.

حصار المستشفيات في جنين

وفرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر اليوم، حصاراً مشدداً على مدينة ومخيم جنين، حيث أغلقت جميع المداخل المؤدية إليهما، مانعةً الدخول أو الخروج منهما، وحاصرت المستشفيات، وهددت باقتحام مستشفى الشهيد خليل سليمان الحكومي، بحسب ما أكد محافظ جنين كمال أبو الرب في تصريحات لـ"العربي الجديد". وأضاف: "وصل تهديد من جيش الاحتلال إلى الارتباط يعلن فيه نيته اقتحام مستشفى جنين الحكومي. هذا تهديد نأخذه على محمل الجد، ما يشكل خطراً مباشراً على حياة المرضى".

وأكد أبو الرب أن "قوات الاحتلال أخرجت مستشفيات المحافظة عن الخدمة، حيث تتركز العملية العسكرية في محيط مستشفى جنين الحكومي، ومحيط مستشفى ابن سينا الحكومي وما بينهما أيضاً هناك مبنى الهلال الأحمر الذي يفصله شارع عن هذه المستشفيات، وبالتالي جميع الخدمات الصحية الطبية تم عزلها وأخرجوها عن الخدمة، لأنه لا يوجد إمكانية للوصول إليها".

وفي بداية الاقتحام، أطلقت قوات الاحتلال النار على مريض بالسرطان يعمل في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لمجرد وجوده في ساحة المستشفى، ما أدى إلى استشهاده على الفور. ولم تكتفِ بذلك، بل أطلقت النار أيضاً على مواطن آخر كان يسير في شوارع المخيم، ما أدى إلى استشهاده، وفق ما أوضحه أبو الرب. كذلك قصفت قوات الاحتلال سيارة كانت تقل مجموعة من الشبان بين قريتي مسيلة وصير جنوب جنين، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة منهم وإصابة آخر بجروح حرجة.

وقال محافظ جنين إن "الوضع صعب جداً، إذ أغلقت جميع مداخل ومخارج مخيم ومدينة جنين، وتم عزل المستشفيات في المدينة إما بالسواتر الترابية وإما بالآليات العسكرية ومنع وصول سيارات الإسعاف والكوادر الطبية إلى المستشفيات، ما اضطر سيارات إسعاف من مدينة طوباس إلى نقل الشهداء الذين قُصفوا في سيارة قرب جنين بين قريتي مسلية وصير، ونُقلوا إلى المستشفى التركي في طوباس، بسبب عدم تمكن سيارات الإسعاف من الخروج من مدينة جنين".

ووفق محافظ جنين، فإن هذه المرة الثانية عشرة التي تُجرَف فيها البنية التحتية في مخيم ومدينة جنين، مشيراً إلى أن هذا الاقتحام يُعد الأكثر تعقيداً وخطورة، حيث فُرض حصار كامل على المدينة والمخيم، وهو ما ينذر بإطالة أمد العملية. وأكد أبو الرب أن هذا الحصار يشكل عقاباً جماعياً للأهالي، خصوصاً في ظل وجود حالات مرضية حرجة لا تستطيع الوصول إلى المستشفيات لتلقي العلاج. وقال إن جنين، التي يبلغ عدد سكانها نحو 400 ألف نسمة، تعتمد على مستشفى حكومي وحيد، ما يزيد من الحاجة الماسة إلى مستشفى آخر للتعامل مع الضغط الهائل على الخدمات الطبية في المحافظة.

طولكرم.. عزل مخيم نور شمس ومحيطه

من جانبه، قال محافظ طولكرم مصطفى طقاطقة لـ"العربي الجديد": إن الوضع في مدينة طولكرم "صعب جداً"، وأكد أنه "منذ بدء العملية العسكرية يُحاصَر مستشفيا ثابت ثابت والزكاة، وتخضع قوات الاحتلال أي مصاب يصل للتحقيق". وتابع: "تتركز العملية في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، الذي تم تدمير الشارع الفرعي المؤدي إليه بعد تدمير الشارع الرئيسي من عدة أيام، لذلك نحن نتحدث عن عزل المخيم ومحيطه من البلدات والقرى أي نحو 50 ألف نسمة، بشكل أساسي، علماً أن هذا الشارع أيضاً يؤثر بشكل أساسي في جميع سكان المحافظة البالغ عددهم 200 ألف وتواصلهم مع بقية المحافظات، لأن مخيمي نور شمس وطولكرم في قلب المحافظة، وبالتالي هناك شلل كامل في الحركة في المحافظة".

وحسب طقاطقة، "فإن حصيلة العملية حتى الآن إصابة ثلاثة مواطنين بجراح منها واحدة متوسطة، بعد قصف مسيّرة لهدف لا نعرف طبيعته حتى الآن في مخيم نور شمس"، لافتاً إلى أن العملية تتركز في مخيم نور شمس مع انتشار القناصة في محيط المخيم وانتشار كبير لقوات الاحتلال وآلياته العسكرية ومنها الجرافات التي تدمّر البنية التحتية والشارع المؤدي إلى المخيم. وقال: "واضح أننا لا يمكن أن نتوقع امتداد العملية العسكرية في محافظة طولكرم، وإذا امتدت العملية العسكرية عدة أيام سيكون من الصعب علينا إعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والشوارع بالحد الأدنى للمواطنين".

طوباس.. إنزال جوي واشتباكات في مخيم الفارعة

وشهد مخيم الفارعة جنوب طوباس شمال شرقيّ الضفة الغربية، فجر اليوم الأربعاء، عملية عسكرية واسعة نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، بدأت بإنزال جوي لعشرات الجنود عبر طائرات مروحية عسكرية، بالتزامن مع اقتحام آليات عسكرية للمخيم، وانتشر الجنود بكثافة في شوارع المخيم وأزقته، ما أدى إلى محاصرة الأهالي في منازلهم، حيث بات الخروج منها صعباً، بسبب وجود الجنود المكثف، بحسب ما أكده لـ"العربي الجديد" رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم الفارعة، عاصم منصور.

وأوضح منصور أن الاشتباكات المسلحة اندلعت بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال منذ بداية الاقتحام، حيث لا يزال تُسمع أصوات إطلاق النار المكثف، بالإضافة إلى انفجارات ناجمة عن عبوات ناسفة محلية الصنع. وأشار منصور إلى أن أربعة مواطنين استشهدوا وأصيب ثمانية آخرون، نتيجة قصف طائرة مسيرة إسرائيلية، فيما واجهت طواقم الإسعاف صعوبات في الوصول إلى المصابين والشهداء بسبب المضايقات من قبل جيش الاحتلال، إلا أنها تمكنت في النهاية من نقلهم إلى المستشفيات عبر طرق بديلة.

ولفت إلى أن قوات الاحتلال قامت بتجريف الشوارع في المخيم، كذلك يتواصل قطع التيار الكهربائي عن المخيم منذ ساعات الفجر الأولى، وهو ما زاد من معاناة أهالي المخيم البالغ عددهم نحو 8000 نسمة، والذين يعيشون في مساحة ضيقة ضمن المخيم. وأكد أن هذا الاقتحام يُعد الأول من نوعه منذ اجتياح "السور الواقي" عام 2002، إذ لم يشهد المخيم منذ ذلك الحين مثل هذه الكثافة العسكرية وإطلاق النار العشوائي.

تنسيق مع الصليب الأحمر لدخول سيارات الإسعاف لمخيم الفارعة

بدوره، قال محافظ طوباس أحمد  الأسعد لـ"العربي الجديد"، إن المحافظة تقوم بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمؤسسات الدولية، بهدف الدخول إلى مخيم الفارعة بسيارات الإسعاف وإجلاء الشهداء والمصابين من المخيم". وأضاف: "يجب أن يقوم الصليب الأحمر بمسؤولياته حسب الاتفاقيات الدولية لإخلاء جثامين الشهداء من مخيم الفارعة والمصابين، ولا نعرف حجم الشهداء والجرحى في مخيم الفارعة، لأنه حسب ما يصلنا، يتم إطلاق النار على أي جسم متحرك في المخيم".

وعن عدد الشهداء الذين وصلوا إلى المستشفى التركي في طوباس، قال الأسعد: "منذ الصباح وصل إلى المستشفى التركي في طوباس شهيدان من مخيم الفارعة، وثلاثة شهداء من محافظة جنين بعد قصف سيارتهم بين قريتي مسلية وصير، وإصابة رابعة من ذات السيارة بحالة حرجة جداً". وقال الأسعد: "هناك اثنان من الشهداء وعدد من المصابين في مخيم الفارعة لا تستطيع سيارات الإسعاف الدخول إلى المخيم لإجلائهم". وتابع: "يجري الآن اجتياح لكل المحافظة ويتركز في مخيم الفارعة، وهناك حالة شلل كامل في مدينة طوباس، التي يحاصرها الاحتلال من جميع الجهات، وقام بإغلاق المدخل الجنوبي للمدينة الذي يصلها بمخيم الفارعة، وذلك لمنع وصول الجرحى من المخيم، ونتوقع أن يكون هناك اقتحام لطوباس بأي لحظة بسبب الحصار المحكم على المدينة حالياً، والوجود المكثف للطيران الإسرائيلي فوق طوباس".