اجتياح أوكرانيا: ماريوبول المحاصرة دون طعام أو كهرباء أو ماء وترفض الاستسلام لروسيا

21 مارس 2022
تعرضت ماريوبول لدمار كبير بسبب القصف الروسي المستمر للمدينة المحاصرة (الأناضول/Getty)
+ الخط -

تحدت أوكرانيا مطالبة موسكو الجنود الأوكرانيين بإلقاء السلاح قبل فجر اليوم الاثنين في ماريوبول المحاصرة، حيث يختبئ مئات الآلاف من المدنيين خوفاً من القصف الروسي الذي ألحق دماراً واسعاً بمدينتهم.

وأمر الجيش الروسي سكان المدينة الساحلية، الواقعة في جنوب شرق البلاد، بالاستسلام بحلول الخامسة صباحاً، وقال إن من يفعلون ذلك بإمكانهم المغادرة، بينما سيتم تسليم من يتخلفون إلى محاكم يديرها الانفصاليون المدعومون من موسكو.

وردت حكومة الرئيس فولوديمير زيلينسكي بأنها لن تذعن أبداً أمام الإنذارات الروسية، وأن المدن الأوكرانية، ومن بينها العاصمة كييف وماريوبول وخاركيف، ستتحدى الاحتلال دائماً.

وردت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إيرينا فيريشتشوك، على العرض الروسي قائلة: "ليس هناك مجال للحديث عن أي استسلام" في ماريوبول.

وتوقفت عجلة الغزو الروسي، الذي دخل أسبوعه الرابع الآن، إلى حد كبير، وفشلت قوات موسكو في الاستيلاء على أي مدينة رئيسية، ناهيك عن الاستيلاء على كييف أو الإطاحة بحكومة زيلينسكي سريعاً.

لكن روسيا ألحقت دماراً هائلاً بالمناطق السكنية، لا سيما في ماريوبول المطلة على بحر آزوف، والتي كان يقطنها 400 ألف شخص. وتعيش المدينة دون طعام أو دواء أو كهرباء أو مياه منذ الأيام الأولى للحرب.

وأشاد وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، بمن وصفهم بـ"الأبطال المدافعين" عن المدينة، قائلاً إن صمودهم ساعد في إحباط التقدم الروسي في أماكن أخرى، وأضاف "بفضل إخلاصهم وشجاعتهم الخارقة، تم إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح في جميع أنحاء أوكرانيا، اليوم ماريوبول تنقذ كييف ودنيبرو وأوديسا".

وتحول الجزء الذي تسيطر عليه القوات الروسية الآن من ماريوبول ووصلت إليه "رويترز"، أمس الأحد، إلى أرض خراب، وكانت هناك عدة جثث ملقاة على الطريق وملفوفة في أغطية ثقيلة، وتهشمت النوافذ واكتست جدران المباني المحترقة باللون الأسود، في حين جلس أشخاص خرجوا من الأقبية على مقاعد وسط الحطام وقد ارتدوا معاطف تقيهم قسوة البرد.

في غضون ذلك، كانت مجموعة من الرجال تعكف على حفر قبور على جانب الطريق. وفي قبو مظلم مكتظ بالعائلات، قالت إيرينا تشيرنينكو، وهي أمينة مكتبة جامعية، إنها مكثت في هذا المكان 11 يوماً.

وأضافت: "لقد دُمر كل شيء. أين نذهب؟ نطبخ طعامنا الآن على النار، وفي الوقت الحالي لا يزال لدينا القليل من الطعام وبعض الحطب".

"يصعب علي الحديث"  

وكانت روسيا وصفت أعمالها العسكرية في أوكرانيا، والتي تشكل أكبر هجوم على دولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، بأنها "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح أوكرانيا وحماية موسكو من "النازيين".

ويصف الغرب الادعاء الروسي بأنه ذريعة كاذبة يستخدمها الرئيس فلاديمير بوتين لشن حرب عدوانية وغير مبررة. وقالت الأمم المتحدة إن الصراع تسبب في نزوح ما يقرب من ربع سكان أوكرانيا البالغ عددهم 44 مليون نسمة، بما يشمل 3.4 ملايين فروا إلى خارج البلاد في واحدة من أسرع عمليات النزوح المسجلة على الإطلاق.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل أكثر من 900 مدني منذ بدء الصراع، لكن العدد الإجمالي الفعلي غير معروف. كما قتل الآلاف من الجنود الروس والأوكرانيين في القتال، وتكبد الجيش الروسي المدجج بالمدفعية الثقيلة خسائر كبيرة في الدبابات والمدرعات، ولقي خمسة جنرالات روس حتفهم، وهي خسارة لم يشهدها العالم على هذا المستوى في مثل هذه الفترة القصيرة في الحروب الحديثة.

وفي كييف، وُضعت ست جثث على الرصيف قرب مركز تجاري ضربه قصف روسي ليلاً، وقامت خدمات الطوارئ بتمشيط الحطام على صوت نيران المدفعية وقد تردد من بعيد.

وعمل رجال الإطفاء على إخماد الحرائق الصغيرة حول المبنى وانتشال الناجين، وقالت أوكرانيا إن ما لا يقل عن ثمانية أشخاص لقوا حتفهم. وقالت فالنتينا تيموفييفنا، التي كانت تراقب الموقف وهي دامعة العينين: "يصعب علي الحديث لأن ابنتي كانت تعمل هنا، كانت هنا في العمل بالأمس فقط".

وقالت روسيا إن المركز كان يستخدم كمخزن أسلحة، لكن أوكرانيا قالت إنه لا توجد أهداف عسكرية استراتيجية في المنطقة. ولا يمكن التحقق من أي من التقريرين بشكل مستقل.

وفرض المسؤولون حظر تجول ليوم ونصف اليوم في العاصمة اعتباراً من ليل الاثنين، مشيرين إلى احتمال حدوث مزيد من القصف. وقالت بريطانيا إن معارك عنيفة تدور في الشمال من العاصمة، لكن القوات الأوكرانية تصدت لتقدم الروس وإن معظم القوات الروسية على بعد أكثر من 25 كيلومتراً من وسط المدينة.

استئناف المحادثات  

ويأمل المسؤولون الأوكرانيون في أن موسكو، التي فشلت في تحقيق نصر سريع، ستلجأ إلى تقليص خسائرها والتفاوض حول الانسحاب، وألمح الجانبان الأسبوع الماضي إلى إحراز تقدم في المحادثات بشأن صيغة تتضمن نوعا من "إعلان الحياد" لأوكرانيا، على الرغم من أن التفاصيل لا تزال شحيحة. واستؤنفت المحادثات اليوم الاثنين، وبدأت باجتماع عبر تقنية الفيديو مدته 90 دقيقة.

وباستثناء ماريوبول، كانت مدن خاركيف وسومي وتشيرنيهيف في شرق البلاد الأكثر تضرراً من التكتيك الروسي المتمثل في قصف المناطق الحضرية بالمدفعية، كما حدث من قبل في سورية والشيشان.

وقال رئيس بلدية خاركيف، إيجور تيريخوف، إن مئات المباني، وكثير منها مبان سكنية، دمرت في ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، واستطرد قائلاً: "خاركيف ستصمد، لكن من المستحيل القول إن أسوأ الأيام قد ولى، فنحن نتعرض للقصف باستمرار".

وكانت العقوبات الغربية قد أدت إلى عزل روسيا عن النظام المالي العالمي بدرجة لم يسبق لاقتصاد كبير أن تعرض لها.

لكن الاتحاد الأوروبي، العميل الرئيسي لمصادر الطاقة الروسية، استثنى حتى الآن صادرات النفط والغاز من العقوبات. واختلف وزراء خارجية الدول الأعضاء في التكتل حول إدراج واردات الطاقة في العقوبات وكيفية فعل ذلك، حيث قالت ألمانيا إن التكتل يعتمد على النفط الروسي بدرجة لا يمكن معها فرض حظر على وارداته.

(رويترز)

المساهمون