اجتماع لأحزاب سياسية جزائرية حول مبادرة "لم الشمل": حديث متكرر عن تشكيل جبهة داخلية

22 مايو 2023
عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني الداعي إلى المبادرة (العربي الجديد)
+ الخط -

تعقد مجموعة من الأحزاب السياسية الرئيسية في الجزائر، الأربعاء المقبل، اجتماعاً بدعوة من حركة البناء الوطني، يُخصص لمزيد من مناقشة المبادرة السياسية "لم الشمل"، التي كانت قد دعت إليها حركة البناء، بعد لقاء تمهيدي سابق، وسط ترقّب الإعلان عن تفاصيلها وآليات تنفيذها، والغايات والأهداف السياسية لهذه المبادرة، وتوضيح علاقتها بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

وتبحث قيادات في أحزاب سياسية (حركة البناء الوطني وجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وصوت الشعب وجبهة المستقبل)، العضو في الحزام الحكومي، إضافة إلى حركة مجتمع السلم، وبمشاركة تنظيمات مدنية أخرى، في الاجتماع المقبل، التفاصيل السياسية للمبادرة التي تستهدف تشكيل جدار وطني ضد التهديدات الخارجية، وتوحيد المواقف إزاء القضايا الحيوية، وتوفير إسناد سياسي للسلطة والرئيس عبد المجيد تبون، خاصة إزاء المواقف والقضايا الإقليمية والدولية.

كما تشارك في الاجتماع السياسي إضافة إلى الأحزاب الستة الرئيسة، ثلاثة أحزاب فتية هي حزب الكرامة، اتحاد القوى الديمقراطية الاجتماعية، وتجمع أمل الجزائر، بالإضافة إلى الاتحاد العام للعمال الجزائريين وكونفدرالية أرباب الأعمال، وثلاث منظمات مدنية هي منظمة أبناء الشهداء والكشافة وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

ويعدّ اجتماع الأربعاء المقبل، الثاني من نوعه بعد اجتماع تمهيدي أولي، كان قد عقد قبل أيام في مقر حركة البناء الوطني، تمت خلاله مناقشة فكرة المبادرة وغاياتها الأساسية، والتفاهم بشأن ورقة أولى حول آليات العمل داخل المبادرة.

وحينها، طالبت بعض القوى المشاركة بوضع إطار واضح للمبادرة يخص دعم المواقف الوطنية، والتعبير عن موقف مشترك إزاء بعض التحديات والتهديدات الخارجية التي تواجهها الجزائر، وتعزيز التوافق الداخلي والتماسك السياسي الوطني، ودعوة السلطة في الوقت نفسه إلى تصحيح بعض الإخلالات الداخلية.

لكن النقاشات الأولية بشأن مبادرة "لم الشمل"، أبرزت أيضا حرصا سياسيا لافتا من قبل بعض القوى التي وافقت مبدئيا على الانخراط في هذه المبادرة، على فصلها تماما عن أية رهانات تخص الاستحقاقات السياسية، أو الحشد المبكر للانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة العام القادم، أو بنيّة تشكيل حزام سياسي لدعم ترشح الرئيس عبد المجيد تبون لولاية رئاسية ثانية، وألا تكون للمبادرة أية علاقة بالاستحقاق الانتخابي المقبل، ما يسمح لكل طرف سياسي بالاحتفاظ بموقفه إزاء رئاسيات 2024.

وقبل أسبوعين طرح رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، خلال المؤتمر العام للحزب، فكرة إطلاق مبادرة سياسية بعنوان "لم الشمل"، وقال إنها "مبادرة المواطنة من أجل مجتمع متماسك، من المهم أن نجتمع، لكي لا تتحول دولتنا إلى ساحة فوضى خاصة بعد الارتدادات السلبية التي تعم المنطقة"، وأعقبت ذلك مواقف أحزاب سياسية تؤيد الفكرة، من دون أن يؤدي ذلك إلى تبلور أوضح للمبادرة أو تحوّلها إلى خطوات تجمع القوى الموالية للسلطة على الأقل.

ولاحقا وجدت هذه الدعوة صدى لدى أحزاب السلطة في الجزائر، والتي كثفت بشكل لافت الحديث عن فكرة تشكيل جبهة داخلية وجدار وطني، خاصة منذ صدور لائحة البرلمان الأوروبي المنددة بوضع الحريات في الجزائر.

 وفي أحدث هذه المواقف التي تبنت فكرة بناء جدار وطني يعزز الإسناد السياسي للسلطة، تحدث الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، الذي يحوز الكتلة الأكبر في البرلمان، أبو الفضل بعجي، خلال لقائه الأخير بقيادات الحزب وكتلة الحزب في مجلس الأمة، عن "دعم لا مشروط لتشكيل جبهة داخلية للدفاع عن مؤسسات الدولة، رئيسا وجيشا وأمنا، وحماية الوحدة الوطنية".

 بدوره، أعلن التجمع الوطني الديمقراطي، الحزب الثاني للسلطة، في الوقت نفسه، عن إسناده لكل خطوة تتعلق بدعم الجبهة الداخلية، ودعا المنسق العام للحزب مصطفى ياحي السبت خلال لقائه كوادر الحزب بولاية ورقلة جنوبي الجزائر، "كافة القوى السياسية والجزائريين، إلى توحيد الجهود لتمتين الجبهة الداخلية ومواجهة التحديات".

 كما تبنّى حزب صوت الشعب الدعوة نفسها، وأكد بيان نشره الحزب الأسبوع الماضي ردا على اللائحة الأوروبية، أنه يتعين "على الطبقة السياسية والمجتمع تقوية جبهتنا الداخلية وتمتين لحمتنا الوطنية لمواجهة مختلف التحديات التي تواجه بلادنا داخليا وخارجيا".

عوامل تفرض تمتين الجبهة الداخلية

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم التجمّع الوطني الديمقراطي، صافي لعرابي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك ما يفرض التأسيس لمبادرة سياسية مشتركة"، مشيرا إلى أن "الظرفية السياسية والتهديدات المتلاحقة والتحرشات التي نسجلها إزاء الجزائر، سواء القادمة من الغرب أو من حدودنا الغربية وحرب المخدرات، إضافة إلى التوترات الإقليمية، كلها عوامل تفرض على القوى الوطنية تمتين الجبهة الداخلية".

ولا تعارض أحزاب المعارضة في الجزائر الفكرة، لكنها تطرح اشتراطات سياسية تخص ضرورة أن تتحمل السلطة جزءا من مسؤولياتها، عبر إقرار مزيد من الانفتاح وحل مشكلات الحريات والتضييق السياسي.

 ودعت حركة مجتمع السلم في بيان صدر الأحد عقب اجتماع مجلس الشورى الوطني "السلطة السياسية، إلى فتح قنوات الحوار الواسع والجامع، يناقش أولويات المرحلة ويعيد الأمل في التغيير وتمتين الجبهة الداخلية، ويفتح آفاق الشراكة السياسية والتوافق الوطني".

 فيما قال السكرتير الأول للحزب يوسف أوشيش خلال لقاء سياسي عقده الحزب السبت الماضي إن الحزب "على استعداد للانخراط في أي مسار سياسي يسمح بإعداد عقد تاريخي من أجل استكمال المشروع الوطني"، لكنه حذر السلطة من مغبة "المناورات التي تهدف إلى إعادة إرساء نظام مزيف سياسيا، له واجهة تعددية قصد تشجيع، بشكل غير معلن، إعادة تنظيم المجموعات النيوليبرالية المفترسة".

المساهمون