اجتماع قادة القوى العراقية يدعو الصدر إلى الحوار الوطني وبحث على خفض التصعيد

17 اغسطس 2022
غاب التيار الصدري أحد طرفي النزاع عن الاجتماع (وكالة الأنباء العراقية)
+ الخط -

انطلق في العاصمة العراقية بغداد، اليوم الأربعاء، الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قادة وممثلي القوى السياسية الرئيسة في البلاد، للبحث عن مخرج للأزمة المتواصلة منذ أكثر من 10 أشهر، بحضور المبعوثة الأممية جنين بلاسخارت ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.

وأفضى الاجتماع إلى دعوة التيار الصدري إلى الانخراط بالحوار الوطني، للخروج من الأزمة الحالية، وسط تأكيدات على أن الذهاب نحو الانتخابات المبكرة تحكمه المسارات الدستورية.

وعقد الاجتماع الذي سمّاه مكتب رئيس الوزراء "اجتماع الحوار الوطني العراقي" بمقاطعة "التيار الصدري"، بزعامة مقتدى الصدر وبمشاركة كل القوى السياسية العراقية الأخرى.

ووفقاً لبيان أصدره مكتب رئيس الوزراء، فإن "الاجتماع أفضى إلى عدد من النقاط، اتفق عليها المجتمعون، الذين عبروا عن التزامهم بالثوابت الوطنية، وإيجاد حل لكل الأزمات من خلال الحوار وباعتماد روح الأخوّة والتآزر، حفاظاً على وحدة العراق وأمن شعبه واستقراره، وديمومة النظام الديمقراطي الدستوري الذي يحتكم إليه الجميع، والتأكيد على تغليب المصالح الوطنية العليا، والتحلي بروح التضامن بين أبناء الوطن الواحد؛ لمعالجة الأزمة السياسية الحالية".

وأضاف "أشار المجتمعون إلى أن الاحتكام مرة جديدة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مبكرة ليس حدثاً استثنائياً في تاريخ التجارب الديمقراطية عندما تصل الأزمات السياسية إلى طرق مسدودة، وأن القوى السياسية الوطنية تحتكم إلى المسارات الدستورية في الانتخابات"، ودعا المجتمعون "التيار الصدري إلى الانخراط في الحوار الوطني، لوضع آلياتٍ للحل الشامل بما يخدم تطلعات الشعب العراقي وتحقيق أهدافه".

وأشار إلى "الاتفاق على استمرار الحوار الوطني؛ من أجل وضع خريطة طريق قانونية ودستورية لمعالجة الأزمة الراهنة، وأن المجتمعين دعوا إلى إيقاف كل أشكال التصعيد الميداني، أو الإعلامي، أو السياسي، مؤكدين على ضرورة حماية مؤسسات الدولة والعودة إلى النقاشات الهادئة بعيداً عن الإثارات والاستفزازات التي من شأنها أن تثير الفتن"، مناشدين وسائل الإعلام والنخب بـ"دعم مسار الحوار الوطني، والسلم الاجتماعي، بما يخدم مصالح شعبنا".

وقبل بدء الاجتماع أعلنت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، إرجاء البت بالدعوى المتعلقة بحلّ البرلمان، إلى نهاية الشهر الجاري، في خطوة اعتبرت محاولة لمنح الحلول السياسية مزيداً من الوقت.

وكانت مصادر من داخل الاجتماع المغلق قد نقلت لمراسل "العربي الجديد"، قبيل بدء الاجتماع، أن من ضمن أجندة الأخير الدعوة إلى التهدئة، ووقف تحشيد الشارع والحرب الإعلامية بين الأطراف السياسية، والتأكيد على الاحتكام إلى الدستور.

ووفقاً للمصدر ذاته، فإن الكاظمي حذر من مخاطر استمرار الأزمة الحالية على جميع القطاعات الأمنية والخدمية والاقتصادية، مع حكومة تصريف الأعمال الحالية التي تعتبر مقيدة الصلاحيات.

في غضون ذلك، أصدر مكتب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بياناً مقتضباً قال فيه إن "التيار بجميع عناوينه لم يشارك في الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الوزراء"، وذلك تأكيداً لمعلومات حصل عليها "العربي الجديد" في وقت سابق، بشأن مقاطعته للاجتماع.

من جانبه، أوضح وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الذي يشارك في الاجتماع بصفته قيادياً في الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم بأربيل أن "الاجتماع يهدف إلى إحداث تقارب بين الأطراف السياسية، ومناقشة المبادرات التي طُرحت لحلّ الأزمة السياسية في العراق. وأكد أن "الاجتماع لن يشهد اتخاذ أي قرار، وسيبحث المبادرات التي طُرحت لحلّ الأزمة السياسية".

ويعوّل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على اجتماع اليوم، لإقناع القوى المشاركة بالعدول عن خطوات تحشيد الشارع بالتظاهرات والتظاهرات المضادة، وخطر الصدام المحتمل بين الطرفين، وفقاً للخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد النعيمي، الذي اعتبر أن اجتماع اليوم "قد يكون بداية اجتماعات أخرى ليس أكثر".

ويضيف لـ"العربي الجديد" "لا يمكن انتظار أي نتائج حاسمة من هذا الاجتماع، ذلك لأن المبعوثة الأممية جنين بلاسخارت التقت بغالبية الموجودين في الاجتماع في الأيام الماضية، وأخفقت في تحقيق التهدئة المنشودة، لكن الدخول بأجواء اللقاءات المشتركة مهم بحدّ ذاته، بعد قطيعة دامت عدة أشهر خلال هذه الأزمة".

وأمس الثلاثاء، دعا الكاظمي في بيان له، "قادة القوى السياسية الوطنية إلى اجتماع في قصر الحكومة (اليوم الأربعاء)، للبدء في حوار وطني جاد والتفكير المشترك، من أجل إيجاد الحلول للأزمة السياسية الحالية".

ودعا الكاظمي "الأطراف الوطنية إلى إيقاف التصعيد الشعبي والإعلامي، ومنح المساحة الكافية للطروحات الوسطية، لأخذ حيزها في النقاش الوطني".

ويتضاعف القلق في الشارع العراقي من استمرار الأزمة السياسية الأطول في البلاد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بعد دخول المليشيات والجماعات المسلحة الحليفة لإيران على خط الأزمة، بالاصطفاف مع قوى "الإطار التنسيقي" ضد التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي تصدر الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

وأعلن الصدر انسحاب نوابه من البرلمان بعد ما وصفه التفاف قوى "الإطار التنسيقي" على مشروع حكومة الأغلبية الوطنية، وإصرارها على حكومة توافقية جديدة قائمة على المحاصصة الطائفية والحزبية، والتي يراها الصدر سبباً رئيساً في استمرار الفساد والتردي الخدماتي في البلاد.

المساهمون