أطلقت قوات الأمن الإيرانية الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين مناهضين للحكومة في عدة أقاليم، اليوم الخميس، بحسب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تتواصل الاحتجاجات على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز.
وأظهرت لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، اشتباكات عنيفة في مدن، بينها فرسان وسط إيران، حيث أطلقت شرطة مكافحة الشغب الذخيرة الحية على المتظاهرين. وفي شهركرد وهفشجان، استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق محتجين.
The forces of #Khamenei's regime brutally beating and arresting unarmed people in the streets of Shahrekord #trending #viralvideos #iran #IranProtests2022 pic.twitter.com/3Eigpj51of
— The Arab Posts (@The_Arab_Posts) May 19, 2022
وشوهد المحتجون في مدينة دزفول الجنوبية وهم يهتفون في مقطع فيديو "لا تخف، لا تخف، نحن في هذا معاً".
ولم يتمكن "العربي الجديد" من التحقق من صحة مقطع الفيديو الذي جرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي.
Malgré l’internet perturbé & la répression, les manifestations continuent en Iran.
— baronessedulac (@baronessedulac) May 18, 2022
Ici les habitants de #Dezful, qui scandent le retour du Shah.
#IraniansRevolt
#IranProtests
@SenateForeign
@SenatorMenendez
@SenRubioPress
@StateDeptSpox pic.twitter.com/dGR0CndrCl
ونقلت وكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) شبه الرسمية عن قاسم رضائي، المسؤول الكبير في الشرطة، اليوم الخميس، تحذيره من أنه "لن يكون هناك تهاون مع التجمعات غير القانونية وستُواجَه".
وشهدت إيران، في أول احتجاجات من نوعها في عهد الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي؛ تظاهرات في مناطق مختلفة، كان محركها الرئيسي الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد جراء العقوبات الأميركية المشددة منذ عام 2018 وسوء الإدارة على مر عقود.
هذه الاحتجاجات التي بدأت منذ أسبوع تركزت في مناطق مهمشة وتعاني من الفقر، ورفع المحتجون خلالها مطالب تدعو إلى حل المشاكل المعيشية، كما تخللتها في بعض الأحيان هتافات سياسية ضد السلطات والمسؤولين الإيرانيين، مع دعوة رئيسي للاستقالة، علماً أنه كان قد بدأ عهده في يوليو/ تموز الماضي رافعاً شعار أولوية الاقتصاد وتحسين الوضع المعيشي.
لكن الغلاء وتضخم الأسعار استمرا في البلاد، وهو ما كان أساساً سبب الاحتقان في الشارع تجاه الحكومتين السابقة والحالية، ليُترجم بتصاعد التجمّعات النقابية الاحتجاجية في البلاد، بدءاً بتجمّعات العمال والمعلمين، ومروراً بموظفي قطاعي القضاء والشرطة، وصولاً أحياناً إلى احتجاجات غير نقابية.
الاحتجاجات الجديدة اندلعت بسبب الغلاء المستشري ورفع الحكومة الدعم عن سلع أساسية (الطحين والدجاج والبيض والألبان والزيوت الغذائية)، في إطار سياسة ترشيد أو تحرير الأسعار، التي يعتبرها خبراء "عملية جراحية اقتصادية ضرورية تأخر إجراؤها". ومع ذلك، يحذر البعض من تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لكونها تنفذ في ظروف اقتصادية غير عادية بفعل العقوبات الأميركية، وستزيد من أعباء المواطن غير القادر على تحمل المزيد من الغلاء الفاحش الذي أضعف الطبقة المتوسطة في إيران وزاد رقعة الطبقة الفقيرة.
ورفع المحتجون خلال الاحتجاجات مطالب تدعو إلى حل المشاكل المعيشية، كما تخللتها في بعض الأحيان هتافات سياسية، لكن الاحتجاجات هذه المرة شملت نطاقاً محدوداً في إيران، على عكس الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 جراء رفع أسعار البنزين ثلاثة أضعاف حينها.
وتركزت الاحتجاجات الأخيرة في جنوب غرب البلاد الأكثر تهميشاً وفقراً، في مدن معدودة بمحافظات خوزستان وجهار محال بختياري ولرستان، فضلاً عن مناطق محدودة في طهران وخراسان الرضوية. وتراجع نطاق الحراك خلال الأيام الأخيرة.
وأكدت وكالة "إرنا" الرسمية، الجمعة الماضي، وقوع احتجاجات في مدن إيرانية، ومهاجمة متجر ومسجد، واتهمت من وصفتهم بأنهم "مثيرو الفتنة" بالسعي لحرف الاحتجاجات عن مسارها المطلبي المدني. لكن باستثناء هذا التقرير، لم ترد أنباء أخرى عبر وكالات الأنباء الإيرانية عن الاحتجاجات.
وباتت شبكات التواصل مصدراً لتداول الأنباء حول الاحتجاجات ونشر فيديوهات وصور لم يتسنَ لـ"العربي الجديد" التحقق من صحتها.
وتُظهر هذه الفيديوهات انتشار قوات الأمن الداخلي والشرطة في مدن إيرانية، ومحاولتها تفريق المحتجين في بعض المدن وسط إطلاق قنابل غازات مسيلة للدموع، فضلاً عن سماع دوي إطلاق نار.
وقال النائب عن مدينة دشت آزادجان وهويزة بمحافظة خوزستان قاسم ساعدي، لموقع "ديده مان"، إن معظم الفيديوهات المنتشرة تعود إلى احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019. وعزا السبب الرئيس للاحتجاجات في خوزستان إلى نقص المياه وليس الغلاء.
ولم تعلن السلطات الإيرانية بعد عما إذا كانت الاحتجاجات قد خلّفت قتلى، لكن نائبين إيرانيين تحدثا عن مقتل مواطنين اثنين في هذه الاحتجاجات، أحدهما قُتل أثناء مهاجمة مقر "الباسيج" في شهركرد، وقيل على شبكات التواصل الاجتماعي إنه من المحتجين، لكن النائب عن المدينة في البرلمان أحمد راستينة قال، الأحد، إنه من قوات "الباسيج"، متهماً "مثيري الشغب" بالسعي لركوب موجة الاحتجاجات وحرف الاحتجاجات إلى أعمال عنف عبر "اصطناع قتلى"، على حد تعبيره.
والقتيل الثاني هو من مدينة أنديمشك بمحافظة خوزستان، وفق تصريح للنائب أحمد أوايي عن مدينة دزفول بالمحافظة نفسها لوكالة "إيلنا" العمالية، قبل أن يتراجع عنه وتنشر الوكالة تسجيله الصوتي.
مخاوف من تكرار احتجاجات 2019
ويخشى حكام إيران، بحسب وكالة رويترز، تكرار احتجاجات عام 2019، وهي الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية، على الرغم من أن السلطات رفضت تقارير عن عدد القتلى في تلك الاحتجاجات، ومنها تقرير لمنظمة العفو الدولية عن سقوط أكثر من 300 قتيل، ورواية رويترز عن سقوط 1500 قتيل.
وأظهرت لقطات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، متظاهرين يحرقون صور الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، ويهتفون "لا نريد حكم رجال الدين"، وطالبوا بعودة رضا بهلوي، النجل المنفي لشاه إيران المعزول.
ودعا رضا بهلوي، في رسالة مصورة عبر حسابه على "تويتر"، إلى الوحدة بين الإيرانيين "من أجل إيران حرة"، وعبّر عن مواساته لأسر "من قتلوا خلال الاضطرابات".
"This is our message from inside #Iran: Don’t enrich our torturers, don’t capitulate to our captors. You would be sacrificing your own national security and selling out the Iranian people at the same time."@HosseinRonaghi for @WSJopinion
— Reza Pahlavi (@PahlaviReza) May 18, 2022
#IranProtests https://t.co/3Pckp6Tn9q
وقال بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد إن خدمات الإنترنت تشهد انقطاعات منذ الأسبوع الماضي، وهو ما يُنظر إليه على أنه محاولة من قبل السلطات لوقف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتنظيم التجمعات ونشر مقاطع الفيديو. ونفى مسؤولون حدوث انقطاع في الإنترنت.
وبحسب أرقام رسمية، يعيش زهاء نصف سكان إيران، البالغ عددهم 85 مليون نسمة، تحت خط الفقر. وفاقمت العقوبات الأميركية، إلى جانب ارتفاع التضخم والبطالة وتراجع العملة الوطنية والفساد الحكومي، الوضع الاقتصادي المتردي.
وسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب واشنطن، عام 2018، من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى كبرى، وأعاد فرض العقوبات على طهران. وتعثرت المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران منذ مارس/ آذار.
(رويترز، العربي الجديد)