اتهامات "حماس" في تفجير الموكب: استباق لخطاب عباس ضدها

30 ابريل 2018
جرت محاولة اغتيال الحمدلله الشهر الماضي (مصطفى حسونة/الأناضول)
+ الخط -



لم يكن ما توصلت إليه تحقيقات أجهزة الأمن في غزة، والتي أعلنت عنها وزارة الداخلية التي تديرها حركة "حماس" في القطاع، مستبعدة أو مستغربة، بعد سلسلة من التسريبات التي سبقت الإعلان الرسمي، والتي أُبلغت للوسيط المصري في ملف المصالحة الوطنية المتعثرة. ومنذ بدأ التحقيق في محاولة اغتيال مدير عام قوى الأمن الداخلي، توفيق أبو نعيم، وتفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمدالله، والذي كان يرافقه مدير الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج، أشارت أوساط مقربة من "حماس" إلى أنّ "التحقيقات في أعمال تخريبية نُفذت سابقاً في القطاع المحاصر كانت من تخطيط وتنفيذ متنفذين في جهاز الاستخبارات في السلطة الفلسطينية، وقد خرجت للإعلام بعض التفاصيل والفيديوهات للمنفذين يعترفون بذلك".

واتهمت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، مساء السبت، مسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة، التابع للسلطة الفلسطينية في رام الله، بالمسؤولية عن تفجير موكب رئيس حكومة الوفاق الوطني رامي الحمد الله في 13 مارس/ آذار الماضي، ومحاولة اغتيال المدير العام لقوى الأمن الداخلي توفيق أبو نعيم في 27 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي. ولعل الأخطر الذي كشفت عنه وزارة الداخلية والأمن الوطني، هو المتعلق بقيام المتنفذين في جهاز الاستخبارات الفلسطينية بإدارة عمليات من خلال خلايا سلفية جهادية في سيناء المصرية، وهو ما أبلغته "حماس" مسبقاً لمصر، لكن القاهرة لم تكن مقتنعة بهذا الأمر قبل ذلك.

أكدت مصادر "العربي الجديد" أنّ "خيوط تجنيد جماعات سلفية جهادية، أو منحرفين فكرياً من قبل جهاز الاستخبارات العامة بدأت تتكشف قبل نحو خمس سنوات، ومنها انطلق جهاديون إلى مصر وسورية وبعضهم لم يصل لهدفه وكان يُقتل قبل الوصول". وذكرت المصادر أنّ "حماس أبلغت مصر بجزء من المعلومات في وقت سابق، ما سمح لها بتخفيف الضغوط المصرية على غزة، ووقف الاتهامات التي كانت تُلقى ضد القطاع في وسائل الإعلام المصرية المدعومة من الدولة، والتي كانت تربط العمليات في سيناء بالحركة".

واستقبلت مصر عقب إبلاغها من "حماس" بمعطيات تحقيقاتها وفوداً متعددة من الحركة، لكنها لم تتعاطَ بشكل جدي مع الاتهامات التي وجّهتها الحركة لمتنفذين في جهاز الاستخبارات الفلسطيني بالمسؤولية عن الحوادث التفجيرية وبعض الأحداث في سيناء، وفق ذات المصادر. لكن أجهزة الأمن في الضفة الغربية وحركة "فتح" ومعهما حكومة الوفاق الوطني، اتهمت "حماس" بـ"الهروب من المسؤولية حين ألقتها على الاستخبارات، وشنّت هجوماً عنيفاً على الحركة في وسائل إعلامها وفي تصريحات مسؤوليها الحكوميين والحزبيين".



وحاولت "حماس" عقب المؤتمر الذي عقدته داخلية غزة، تخفيف وقع الاتهامات، من خلال طرح مبادرة واسعة تضمّنت تحقيقاً فلسطينياً وعربياً ودولياً في المعطيات التي قدمتها الوزارة، وتأكيدها ضرورة العودة عن العقوبات المفروضة على غزة وإعادة تفعيل المصالحة الفلسطينية.

واتفق مع هذا الرأي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة حسام الدجني، الذي قال لـ "العربي الجديد"، إنه "لو لم تقم حركة حماس بعقد مؤتمر صحافي أعقب المؤتمر الخاص بوزارة الداخلية لوصلت الأمور إلى حدّ القطيعة الكاملة".

وأضاف الدجني أن "مؤتمر حماس حدّد شريحة محددة للاتهامات وترك الباب مفتوحاً للمصالحة من أجل احتواء الأزمة والخروج بأقل الأضرار، خصوصاً وأنه في حال صحة رواية الداخلية فالأمر تحول من مرحلة الخصومة السياسية إلى التهديد الوجودي". ورأى أن "دلالات المؤتمر وتوقيته جاءت بعد أيام قليلة من إنهاء وفد حركة حماس زيارة قصيرة للعاصمة المصرية القاهرة، وقبل يومين من انعقاد المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية".

وأوضح أن "حركة حماس أرادت من وراء هذا الإعلان عن نتائج التحقيق استبقاء أي هجوم محتمل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس عليها، وإيصال رسائل لأعضاء المجلس الوطني المشاركين فيه أن أي حديث آخر عما جرى هو غير منطقي". وبحسب الدجني فإن "السلطات المصرية وأطرافاً عربية تدخلت خلال الفترة الماضية من أجل احتواء الموقف ومنع تدهور الأمور، والإبقاء على المصالحة قائمة وهو ما يتضح من المؤتمر الأول الذي عقدته وزارة الداخلية بغزة قبل أسابيع والمؤتمر الأخير". وعن مستقبل المصالحة الفلسطينية، أكد على أن "واقعها بات صعباً في ظل ما يجري حالياً من عقد للمجلس الوطني والكشف عن ملف محاولتي استهداف موكبي الحمدالله وأبو نعيم".