قال مسؤولون أوروبيون إنهم لا يزالون يحاولون فهم الأحداث التي تجري في الغابون (Getty)
اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، اليوم الخميس، على "البدء في صياغة عقوبات" على الأفراد الذين يقفون وراء الانقلاب العسكري في النيجر، فيما طرح رئيس مجموعة "إيكواس"، مرحلة انتقالية من تسعة أشهر تمهد لعودة الديمقراطية في البلد.
وذكر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في مؤتمر صحافي، أن دول الاتحاد الأوروبي بدأت إعداد نظام عقوبات خاص ضد المشاركين في الانقلاب في النيجر، وأنها "ستدعم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" (في قراراتها تجاه النيجر)، وقد عبرنا عن ذلك منذ اللحظة الأولى للانقلاب".
واجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في إسبانيا اليوم الخميس، لمناقشة كيفية الرد على الانقلاب الذي وقع الشهر الماضي في النيجر، بما في ذلك فرض عقوبات، كما يبحثون إعلان ضباط في جيش الغابون استيلاءهم على السلطة.
وذكر مسؤولون أوروبيون أنهم لا يزالون يحاولون فهم الأحداث التي تجري في الغابون، والتي بدأت تتكشف في الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء.
وكان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي قد أكد، في حديثه مع الصحافيين في توليدو، أمس الأربعاء: "من الواضح أن الانقلاب في النيجر يستهل عصراً جديداً من عدم الاستقرار في منطقة كانت بالفعل هشة جداً، وسيقوّض هذا استقرار المنطقة".
وبشأن ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيدعم أي تدخل عسكري في النيجر، أجاب بوريل بأنّه "سيُبحَث ذلك أيضاً، ولكن بالطبع علينا أن نعرف ما هو وكيف ومتى وأين وبأي طريقة سيحدث. لا نستطيع كتابة شيكات على بياض".
وسبق لدبلوماسيين أن أشاروا إلى احتمال أن يناقش اجتماع الخميس رد الاتحاد الأوروبي إذا طلبت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مساعدة مالية للتدخل العسكري لإعادة حكومة النيجر المعزولة.
وخطت دول غرب ووسط أفريقيا خلال العقد الماضي خطوات واسعة نحو التخلص من سمعة المنطقة التي توصف بـ"حزام الانقلابات"، لكن استمرار انعدام الأمن، ونتائج الانتخابات محل الخلاف، والفساد، فتحت الباب أمام سلسلة من الانقلابات العسكرية.
وفرض كل من الاتحاد الأوروبي ومجموعة "إيكواس" بالفعل إجراءات اقتصادية وسياسية عقابية على النيجر، لكن إطار العمل الذي جرى الاتفاق عليه اليوم سيسمح للاتحاد الأوروبي باستهداف أفراد ومنظمات محدّدين.
"إيكواس" تنفي اقتراح فترة انتقالية من 9 أشهر
ونفت "إيكواس"، الخميس، ما نُسب إلى رئيسها الرئيس النيجيري بولا تينوبو، باقتراح فترة انتقالية من 9 أشهر للعودة إلى الديمقراطية في النيجر.
وكانت وسائل إعلام نيجيرية ودولية نقلت عن وكالة الأنباء الفرنسية بيانا نُسب إلى تينوبو، مفاده أن الأخير اقترح فترة انتقالية من 9 أشهر في النيجر للعودة إلى الديمقراطية أسوة بما جرى في بلاده عام 1990 بعد انقلاب عسكري.
وقالت "إيكواس" في بيان النفي: "التقرير المنشور باللغة الفرنسية والمنقول عن وكالة الصحافة الفرنسية مفبرك، وينبغي التعامل معه على أنه خبر كاذب". وأضافت أن "مطلب المجموعة واضح، وهو عودة فورية للنظام الدستوري في النيجر، وتحرير الرئيس محمد بازوم واستعادته منصبه".
وكان البيان المفبرك قد نسب إلى تينوبو قوله إن "نيجيريا عادت إلى الحكم المدني عام 1990 بعد فترة انتقالية مدتها 9 أشهر حددها الرئيس العسكري السابق للدولة الجنرال عبد السلام أبو بكر"، الذي ترأس أيضا وفودا للقاء حكام النيجر. وأضاف البيان نفسه أن تينوبو قال: "لا أرى أي سبب يمنع تكرار مثل هذا الأمر إذا كانت السلطات العسكرية في النيجر صادقة".
لكنه نسب إلى الرئيس النيجيري الإعلان أنه "كلما أجروا تعديلات إيجابية في وقت مبكر، أسرعنا برفع العقوبات لتخفيف المعاناة في النيجر".
وفرضت "إيكواس" عقوبات على النيجر بعد أن أطاح الحرس الرئاسي الرئيس بازوم في 26 يوليو/ تموز الماضي، وهددت بالتدخل العسكري إذا فشلت المحادثات في استعادة الحكم المدني، لكن الانقلابيين تمسكوا بموقفهم وأعلنوا "فترة انتقالية مدتها 3 سنوات" قبل استعادة النظام الدستوري.
رفع الحصانة عن السفير الفرنسي وأمر بطرده
من جانبه، رفع المجلس العسكري في النيجر الحصانة الدبلوماسية عن السفير الفرنسي، وأمر الشرطة بطرده من البلاد، بحسب بيان صادر عن المجلس.
أمهل الجنود المتمردون الذين أطاحوا رئيس النيجر قبل أكثر من شهر السفير الفرنسي سيلفان إيتي 48 ساعة لمغادرة البلاد الأسبوع الماضي. وانتهت المهلة بالفعل في 28 أغسطس/آب دون أن تستدعي فرنسا إيتي.
وورد في البيان الذي أرسلته وزارة خارجية النيجر، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن إيتي "لم يعد يتمتع بالامتيازات والحصانات المرتبطة بوضعه كعضو في الطاقم الدبلوماسي بالسفارة"، وأن البطاقات الدبلوماسية والتأشيرات لعائلات السفير أُلغيَت.
ولم تردّ الحكومة الفرنسية على طلب للتعقيب حتى اللحظة، اليوم الخميس، لكنها سبق أن أكدت أنها لا تعترف بالحكام الانقلابيين كقادة شرعيين للبلاد.
ومنذ إطاحة الرئيس محمد بازوم، صعّد الانقلابيون المشاعر المعادية لفرنسا بين السكان لحشد الدعم. وهتف مواطنون "تسقط فرنسا" في تظاهرات شبه يومية أمام قاعدة فرنسية عسكرية في العاصمة نيامي.
هناك نحو 1500 جندي فرنسي في النيجر، وقد دربوا وأجروا عمليات مشتركة مع قوات أمن النيجر للتغلب على تمرد متزايد لمتشددين على صلة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش". وتوقفت العمليات منذ الانقلاب، بينما ازدادت هجمات المتطرفين.
قتل المتمردون 17 جندياً وأصابوا نحو 24 هذا الشهر، في أول هجوم كبير خلال نصف عام على الجيش في النيجر.
وتتزايد التوترات الإقليمية مع تجاهل الانقلابيين دعوات من دول غرب أفريقيا إلى الإفراج عن بازوم وإعادته للحكم. ونشرت كتلة "إيكواس" قوة "استعداد"، وأمرت بعودة النيجر للحكم الدستوري، وقالت إن الباب ما زال مفتوحاً أمام الحوار، "لكنه لن ينتظر إلى الأبد".
تعليق أنشطة المنظمات في "مناطق العمليات" العسكرية
إلى ذلك، أعلن النظام العسكري الحاكم في النيجر، مساء الخميس، تعليق كافة أنشطة المنظمات الدولية وغير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة في "مناطق العمليات" العسكرية بسبب "الوضع الأمني الحالي".
وقالت وزارة الداخلية في بيان نقلته الإذاعة الوطنية: "نظرا للوضع الأمني الحالي والالتزام العملياتي الجاري للقوات المسلحة النيجرية، تبلغ الوزارة المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية ووكالات الأمم المتحدة الموجودة في النيجر بأن جميع الأنشطة و/أو التحركات في مناطق العمليات معلقة مؤقتا". ولم تحدد الوزارة المناطق المعنية بالقرار.
(العربي الجديد)