يبذل جهاز الاستخبارات العامة المصري، اللواء عباس كامل، جهوداً حثيثة لتثبيت اتفاق الهدنة بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، في أعقاب العملية التي قامت بها قوة خاصة من جيش الاحتلال شرق خان يونس بقطاع غزة، تبعها قصف جوي لتأمين انسحاب المجموعة بعد مقتل أحد ضباطها، وإصابة آخر بجروح خطرة، إثر اكتشاف أمرها من جانب عناصر كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، الذين اشتبكوا معها، فيما سقط 7 شهداء.
وبحسب مصادر مصرية مطلعة فإن مساء الأحد الماضي شهد اتصالات على مستوى عالٍ لمنع الانزلاق نحو مواجهة شاملة في القطاع، بعد فشل العملية الإسرائيلية وافتضاح أمر المجموعة، وسط أنباء عن أسر عناصر كتائب القسام أفراداً منها، وهو ما دفع الجيش الإسرائيلي للتدخل جواً، الأمر الذي كاد أن يتطور لمواجهة أوسع لولا سلسلة من الاتصالات التي قادتها القاهرة وعاصمة خليجية. وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن الأمر استلزم تدخلاً شخصياً من رئيس جهاز الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل، الذي أجرى اتصالات رفيعة المستوى مع رؤساء عدد من الأجهزة الأمنية في تل أبيب لإنقاذ الموقف، وتثبيت الهدنة، كما قام بإجراء اتصال آخر برأس القيادة في حركة "حماس"، في إشارة إلى رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، طالبه فيه بضرورة ضبط النفس و"عدم الانسياق وراء الاستفزازات" كما سمّاها.
من جهة أخرى، قال قيادي بارز في "حماس"، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، إن الحركة وإن استجابت لجهود عدم التصعيد إلا أنها تحتفظ لنفسها بحق الرد بالمثل، وذلك في إطار سياسة توازن القوة، حتى لا يظن الاحتلال أنه قادر على الضرب في أي وقت بدون تبعات أو ردود قاسية. وأوضح القيادي الحمساوي أن "قيادة الحركة تلقت اتصالات على مدار الليلة (الماضية) من الجانب المصري والأشقاء في قطر، إضافة إلى اتصالات نرويجية، لمحاصرة تداعيات الهجوم الصهيوني، الذي تصدى له أبناء المقاومة". وقال "حتى الآن لم يتضح الهدف الأساسي وراء العملية الإسرائيلية، ولكن رد الفعل الإسرائيلي على فشلها، وكذلك ما تم كشفه بأن تلك العملية كانت تتم تحت إشراف رئيس أركان جيش الاحتلال، يؤكد أنها كانت عملية ذات أهداف ضخمة، ولا نستبعد أنها كانت بهدف اغتيال أحد القادة البارزين، أو تنفيذ عمل من شأنه شق صف الفصائل"، مؤكداً أن "الأيام المقبلة ستوضح تفاصيل كثيرة بشأن العملية". كما لم يستبعد القيادي أن "يكون الهدف من وراء تلك العملية هو محاولة تقصِّي معلومات بشأن أماكن وجود الأسرى المحتجزين لدى الحركة قبل تفعيل اتفاق الهدنة، والبدء بعدها في مفاوضات صفقة الأسرى". وأشار إلى أن "جيش الاحتلال تعرض لهزيمة عسكرية، كادت أن تتحول إلى فضيحة بعد أن كان جنوده وضباطه بيد المقاومة، وأن يتم أسرهم لولا التدخل السريع من جانب سلاح الجو الإسرائيلي". وحول مستقبل مفاوضات التهدئة التي ترعاها القاهرة، قال القيادي إن "حماس ماضية في اتفاقياتها ما دامت هناك ضمانات مصرية، ورغبة في استكمالها من الأطراف كافة"، مستدركا "لكن هذا لا يمنع احتفاظنا بالرد على مقتل مقاتلينا".
من جهة أخرى وصل أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، اللواء جبريل الرجوب، إلى مطار القاهرة، في ساعة متأخرة من مساء الأحد للقاء مجموعة من المسؤولين المصريين لاستكمال التشاور بشأن مجموعة من المقترحات والمساعي المتعلقة بالوساطة المصرية للتوصل إلى مصالحة داخلية بين حركتي "فتح" و"حماس"، وكذلك استكمال مشاورات التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي. وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن الرجوب سيستهل لقاءاته في القاهرة بلقاء رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل، المعني الأول بملف المصالحة والاتصالات مع إسرائيل، مضيفة أن أجندة الرجوب تتضمن لقاء مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، لبحث المستجدات والتطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية. وتابعت المصادر أن الرجوب استقبل بدرجة عالية من الاهتمام لدى وصوله إلى مطار القاهرة، إذ كان في استقباله نائب رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء أيمن بديع، ومسؤول الملف الفلسطيني اللواء أحمد عبد الخالق، وسفير السلطة الفلسطينية في القاهرة دياب اللوح. وأوضحت المصادر أن الاستقبال رفيع المستوى الذي لقيه الرجوب يعود لكون تلك الزيارة جاءت بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.