سريعاً تدخلت مصر لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة والأراضي المحتلة، بين المقاومة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، ليل الجمعة، في أعقاب إطلاق عدد من الصواريخ من القطاع، سقطت على مدينة عسقلان، وشنّ طائرات إسرائيلية هجومين على موقعين فلسطينيَّين في غزة، وذلك بعد ساعات قليلة من مغادرة الرئيس الأميركي جو بايدن مطار بن غوريون متوجهاً إلى السعودية.
وبحسب مصادر مصرية خاصة، جرى اتصال رفيع المستوى بين رئيس جهاز المخابرات المصرية العامة اللواء عباس كامل، و"القيادة الأعلى في حركة حماس"، فيما أجرى مسؤولون في الجهاز اتصالات مع قيادات في "حركة الجهاد الإسلامي" في قطاع غزة، في أعقاب إطلاق الصواريخ.
وأوضحت المصادر، لـ"العربي الجديد"، بشرط عدم كشف هويتها، أنّ اتصالات مماثلة جرت بين مسؤولين مصريين ومسؤولين في حكومة الاحتلال، من أجل الهدف ذاته، مشيرة إلى اتصال جرى في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت بين رئيس المخابرات المصرية، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا، أكدت خلاله القاهرة أنْ لا نية لدى فصائل غزة في توسيع دائرة إطلاق الصواريخ، وأن الاتصالات التي جرت مع قيادات الفصائل أكدت التزام اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار، وأنّ الأوضاع الأمنية في القطاع ستُضبَط خلال الساعات اللاحقة.
وبحسب مصدر مطلع على الوساطة المصرية التي يشرف عليها جهاز المخابرات العامة، فإنّ تقديرات القاهرة للخطوة لا تتعدى إيصال رسائل فقط، سواء من فصائل المقاومة أو من طرف داعم لها، لإسرائيل، والإدارة الأميركية، ودول خليجية.
وقال المصدر ذاته إنّ "التقدير المصري، هو أنّ رسالة المقاومة في قطاع غزة بأنّ إسرائيل التي تروج لدول الخليج قدرتها على حمايتهم من إيران أو الدفاع عنهم، لا يمكنها أن تحمي نفسها من صواريخ المقاومة التي تطاول أراضيها أو تمنعها"، لافتاً إلى أنه "يمكن قراءة ذلك في طبيعة المناطق التي استهدفتها". وتوقف عند كون "استهداف عسقلان، لا أيٍّ من مستوطنات غلاف غزة، يحمل دلالات واضحة".
وأكد المصدر أنّ المقاومة وفت بوعدها للوسطاء في مصر، وغيرها الذين مهّدوا لزيارة بايدن لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، "بعدم توتير الأوضاع الأمنية والعسكرية أثناء الزيارة"، ولكن ما بعد ذلك لم يكن ضمن الاتفاق مع فصائل المقاومة والوسطاء، خاصة أنّ القاهرة والدوحة لعبتا دوراً كبيراً في إقناع الفصائل في غزة بالتهدئة خلال الزيارة.
وفي إطار تفاهمات إقليمية واتصالات بين حكومة الاحتلال ووسطاء، صدّق وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، على سلسلة من التسهيلات للفلسطينيين في إطار مساعٍ لبناء الثقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
وتضمنت التسهيلات تسجيل 5500 شخص لا يملكون مكانة قانونية في السجل السكاني الفلسطيني، بالإضافة إلى التصديق على ست خرائط هيكلية للفلسطينيين في الضفة الغربية. وتضمنت التسهيلات زيادة حصة العمال من قطاع غزة، المسموح لهم بالدخول للعمل والتجارة في إسرائيل بواقع 1500 عامل إضافي، لتصبح الحصة الإجمالية 15 ألفاً و500 عامل.
وشدد المصدر على أنه "لا يمكن الفصل في تلك الخطوة بين فصائل غزة، وعلى رأسها حماس والجهاد، والتنسيق مع إيران، التي تمثل داعماً كبيراً لفصائل المقاومة"، موضحاً أنّ "هذا كله مفهوم في إطار الرسائل غير المباشرة بين أطراف المنطقة كافة على هامش الزيارة"، متابعاً أنّ "طهران تبعث برسائل بشأن ما يحدث من تسريبات متعلقة بتحالف وتنسيق أمني أو عسكري يستهدفها".
وأشار المصدر إلى أنه "بالإضافة إلى الرسائل، فقد أرادت أيضاً فصائل المقاومة تأكيد وجودها في مشهد مشاورات المنطقة، وتأكيد حيوية القضية وعدم استسلامها، أو الخضوع للضغوط أو كون القضية تتمثل بتهدئة مقابل حوافز اقتصادية وتسهيلات، وأنّ الأمر أكبر من ذلك".