- الإدارة الأميركية أبدت ارتياحاً لموقف حماس وأشارت إلى تعنت الجانب الإسرائيلي، بينما حاول مسؤولو المخابرات المصرية منع تعليق حماس مشاركتها في المفاوضات بسبب العنف في غزة.
- الجهود المبذولة لإنجاح المفاوضات لم ترق لطموح وقف إطلاق نار دائم، مع استمرار الوسطاء في الاعتقاد بأن تحقيق هذا الهدف يعد من المستحيلات حالياً، مما يعكس تعقيد الوضع وصعوبة التوصل إلى حل شامل.
كشفت مصادر مصرية مطلعة على ملف وقف إطلاق النار في قطاع غزة عن "اتصالات مصرية إسرائيلية جرت صباح أمس الاثنين، على وقع اقتحام قوات جيش الاحتلال مجمّع الشفاء الطبي وسط غزة، وتوسيع المواجهة في مناطق الشمال والوسط مجدداً، وسط تصاعد المعارك في خانيونس".
وأشارت المصادر إلى أن القاهرة "تعتبر أن توقيت الخطوة يحمل دلالة على موقف إسرائيلي مسبق بشأن جولة المفاوضات المرتقبة بالعاصمة القطرية الدوحة".
مصدر مصري: كان هناك اتجاه لدى المقاومة لتعليق المشاركة بالمفاوضات بعد اقتحام مجمّع الشفاء
وكشف مصدر أنه "خلال اتصالات بالمسؤولين الأميركيين في الساعات الماضية، أبدت الإدارة الأميركية ارتياحاً لموقف حركة حماس أخيراً"، مشيراً إلى أن "هناك اقتناعاً لدى الجانب الأميركي في الوقت الحالي بأن التعنت وتوتير أجواء المفاوضات يُعدّان مسؤولية الجانب الإسرائيلي".
وقال المصدر إن "مسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري، تدخّلوا صباح الاثنين، لقطع الطريق أمام محاولة تعليق حركة حماس مشاركتها في جولة المفاوضات الجديدة".
اتجاه لدى المقاومة لتعليق التفاوض بعد اقتحام مجمّع الشفاء
ولفت إلى أنه "كان هناك اتجاه لدى المقاومة في قطاع غزة لتعليق المشاركة في الجولة المرتقبة، بعد اقتحام قوات الاحتلال مجمّع الشفاء وقتل عدد من النازحين والمرضى".
وأوضح المصدر المصري أن "اتصالات جرت في ساعة مبكرة من صباح الاثنين مع قيادة حركة حماس للسيطرة على تداعيات الخطوة".
وأعلن المصدر أنه "على الرغم من الحرص الشديد من جانب الوسطاء على إنجاح جولة المفاوضات الجارية، إلا أن الطموحات منها لا ترقى للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة".
وقال إن "الوسطاء مقتنعون بأن التوصل لوقف إطلاق نار شامل ودائم من المستحيلات في الوقت الحالي، نظراً لأن حكومة الاحتلال الإسرائيلية مصممة على المضي قدماً في حربها على غزة، بعد العار الذي لحق بها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي".
ولفت المصدر إلى أنه "على الرغم من موافقة مجلس الوزراء الأمني المصغر، على إرسال وفد إلى قطر لمواصلة المباحثات بشأن تبادل المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، إلا أن ذلك يُعتبر مجرد مسكنات للأزمة، وليس مقدمة لحل شامل".
الموافقة على التفاوض ليست شيكاً على بياض بالتهدئة
من جانبه، قال مصدر قيادي في حركة حماس، إن "مداولات جرت في أوساط المقاومة بشأن طبيعة الرد على الهجوم الإسرائيلي الجديد على مجمّع الشفاء".
ولفت إلى أنه "جرى التأكيد على أن الموافقة على التفاوض ليست شيكاً على بياض بالتزام التهدئة، أو غل يد المقاومين أو الاستمرار في عملية مفتوحة دون نتائج". وأشار إلى أن "اتصالات جرت صباح أمس الاثنين مع الوسطاء في مصر وقطر، إذ جرى التأكيد على رسالة مفادها إما أن يكون هناك تقدم وجدية في عملية التفاوض أو وقف المسار بالكامل".
وشدد المصدر في "حماس" على أن "لدى المقاومة الكثير من الأوراق التي من شأنها تغيير المعادلة في الإقليم بالكامل"، مشيداً بـ"موقف الحلفاء في محور المقاومة الداعم لغزة، والذين نقلوا خلال الأيام الماضية، رسائل لقيادة المقاومة في غزة، بأنهم هم بوصلة الاتجاه وأينما قرروا، سيتم الالتزام بقرارهم، سواء كان بالمضي في المفاوضات أو التصعيد".
وقال مصدر آخر في المقاومة إن "الأشقاء في اليمن أكدوا استعدادهم لتطوير العمليات، وتصعيدها في البحر الأحمر بالشكل الذي قد يعيق مصالح كافة الحلفاء الداعمين لجيش الاحتلال"، موضحاً أنه "من جانب فصائل المقاومة في قطاع غزة، فإنها أيضاً تملك أوراقاً لم تُستخدم بعد".
وفي سياق التعليق على مفاوضات الدوحة، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك وفداً إسرائيلياً ذهب إلى الدوحة للتفاوض -بشكل غير مباشر- مع حماس، من أجل صفقة، كما تشير الأوساط الإعلامية الإسرائيلية".
وأشار إلى أن "الحديث هنا عن هدنة لمدة ستة أسابيع تقريباً، وإطلاق سراح 40 من المحتجزين الإسرائيليين من النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، ولكن يبدو للأسف أن إسرائيل لا تريد أن تلتزم بأكثر من ذلك، ولا تريد أن تلتزم بوقف إطلاق نار دائم أو انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة".
"حماس" أبدت مرونة للتوصل لهدنة
وأضاف أبو سعدة: "حماس أبدت مرونة في الأسابيع والأيام الأخيرة بخصوص التوصل إلى هدنة جديدة، أو صفقة تبادل أسرى جديدة، ولكن حتى ذلك، لم يعد ممكناً بشكل سريع، وبعض الأوساط تتحدث عن صعوبة التواصل بين قيادة حماس في الخارج وقيادات الداخل في قطاع غزة، بسبب عمليات القصف الإسرائيلي المستمرة على القطاع. ولذلك حتى وإن كان هناك اتفاق على هدنة أو صفقة لمدة ستة أسابيع، يبدو أن هذا سيستغرق وقتاً قبل التوصل إلى هذا الاتفاق، وهذا ما هو مطروح حتى اللحظة على الطاولة".
قيادي في حماس: الموافقة على التفاوض ليست شيكاً على بياض بالتزام التهدئة
من ناحيته، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق، لـ"العربي الجديد"، إن "الطرفين اتخذا مواقف متشددة يصعب التنازل عنها". وأوضح أن "دولة الاحتلال الإسرائيلي تريد تدمير وقتل قادة حركة حماس، وفي المقابل، قادة حماس لن يقبلوا إلا بمواصلة الصراع على أمل أن استمرار صمودهم سيضعف علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة الأميركية، ومكانتها الدولية".
وتابع: "رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يريد أيضاً الاستمرار في الصراع، ربما يحقق أي نصر بقتل قيادات حماس، فينقذ مكانته التي تحطمت مع عملية طوفان الأقصى".