أدانت أحزاب وتنظيمات مدنية جزائرية لجوء السلطات إلى "الحل الأمني" واستخدام القوة في التعامل مع موجة الاحتجاجات الاجتماعية التي تشهدها بعض الولايات في جنوب البلاد، والتي توسعت إلى عدد من المدن والبلدات بعد تمركزها، منذ أيام، في مدينة ورقلة، عاصمة النفط الجزائري.
وعبّرت أطراف سياسية ومدنية عن قلقها من التطورات الراهنة في الجنوب، وانتقدت حركة "البناء الوطني" لجوء السلطات إلى "الحل الأمني"، واعتبرت أنه "ليس مجدياً في معالجة قضايا المواطنين"، ودعت "إلى الحوار الاجتماعي والتكفل الفوري باحتياجات الشعب وبتوفير حقه التعبيري والاحتجاج السلمي، وإزالة مسببات القلق والتوتر الاجتماعيين".
وحذرت، في بيان لها، من أن يتسبب الحل الأمني في "جر البلاد إلى الانزلاق نحو المجهول"، مشددة على أنّ "المطالب الشعبية مطالب مشروعة في ما يتعلق بالتوازن الجهوي والعمل ومناصب الشغل ومشاريع التنمية، التي يحتج الشارع من أجلها".
ودعت نواب البرلمان إلى "القيام بالأدوار الرقابية والحضور على المستوى الوطني والمحلي، وتشكيل لجان تحقيق في مسببات التوتر الاجتماعي وملفاته الحرجة، كالمياه والحرائق، وبقضايا الشغل ومناصب العمل في الجنوب".
من جهتها، أدانت "اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطالين"، (العاطلين من العمل)، "الاعتداءات على البطالين" من قبل قوات الأمن عند تنفيذ اعتصامهم للمطالبة بحقوقهم في العمل، ووصفتها بـ"الممارسات غير القانونية في حق فئة البطالين، الفئة الهشة اجتماعياً".
وذكر بيان للجنة "تفاجأ فئة البطالين من متابعات قضائية واستعمال القوة المفرطة ضد البطالين ضحايا بقايا العصابة وأذيال الفساد والصراعات السياسوية"، بدلاً من أن تكون هذه الملاحقات القضائية في حق من تصفهم اللجنة بـ"سماسرة الشغل".
وطالبت اللجنة في السياق السلطات بوقف القمع و"احترام حقوق الانسان ووضع حد للممارسات القمعية للإدارة ضد العاطلين من العمل، وفتح تحقيق حول الفساد من سياسيين ورجال أعمال ونقابيين وكل من تورط في ملف الشغل"، وفق البيان.
وأرجعت اللجنة سبب الاحتجاجات إلى طريقة تسيير ملف الشغل في الولاية النفطية، وأوضحت أنّ "العام والخاص على دراية بحجم الفساد المتغلغل داخل الوكالات المحلية والوكالة الولائية للتشغيل وعلى مستوى الشركات والمؤسسات الاقتصادية والبلديات والتي تتحكم فيها أطراف معروفة بقيت دون رقابة رغم الفساد الإداري والأخلاقي"، وشددت على أنّ "الحق في العمل حق دستوري لكن النظام ينتهك ذلك الحق بشكل سافر".
وتتصاعد الاحتجاجات في ورقلة، وخاصة في مدينة عين البيضاء، لليوم السابع على التوالي، وسط ملاحقات أمنية واعتقالات للشباب، وكر وفر بين الطرفين، حيث يقوم الشباب بغلق الطرقات وإشعال العجلات المطاطية، فيما تستخدم قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم.
وتوسعت الاحتجاجات إلى ولايات أخرى، كغرداية، التي شهدت، أمس الثلاثاء، احتجاجات عنيفة وحرقا للعجلات المطاطية من قبل الشباب الذين يطالبون بالعمل.
وشهدت بعض بلديات ولايتي الوادي والمغير، اليوم الأربعاء، حركات احتجاجية للشباب العاطل من العمل، ومسيرات سلمية وإغلاقاً للطرقات باستعمال المتاريس والحواجز البشرية، للمطالبة بمناصب عمل في الشركات النفطية الوطنية والأجنبية العاملة بالمنطقة، وكذا محاسبة المسؤولين عن ملف التشغيل.
وأعلن النائب عن ولاية ورقلة عبد الرحمن صالحي أنّ "نواب البرلمان الممثلين لولاية ورقلة أجروا اتصالات وتحركات على كل المستوىات المركزية بالعاصمة، لتوضيح الوضع العام في الولاية والتراكمات التي أوصلته إلى هذا المشهد"، مشيراً، في تصريحات، إلى أنه تم حث الحكومة على "إرسال وفد وزاري للاطلاع على الأزمة، ووضع حلول عاجلة واتخاذ خطوات لتهدئة الوضع".